23 ديسمبر، 2024 8:05 م

بانتهازية المالكي و غرور البارزاني تُزهق الدماء

بانتهازية المالكي و غرور البارزاني تُزهق الدماء

لا يشك احد بان المالكي يستغل واقع اليوم ليتبع تكتيكا معينا معلوما، كما فعل في كل مرحلة من اجل تقوية الذات الشخصية و الحزبية و ما ينويه من استكمال الرصيد المطلوب من اجل البقاء طويلا على سدة الحكم،كما نرى و نستشرف من خطواته المستقبلية ايضا، و خطواته العلنية تفيدنا بمدى براغماتيته، و سلوكه يشي الينا بما يخفي  بشكل واضح بانه خطيرجدا و لا يختلف اسلوبه و طموحاته عمن سبقوه بذرة. انه لا يابه بما يعلنه من المباديء نظريا و لا يعلم بان خطواته تدل على العكس مما يدعيه بشكل كبير، خلال الاعوام القليلة الماضية من حكمه المطلق، تلمسنا شكل و كيفية و طريقة انتقاله من ضفة لاخرى و من طرف لاخر خلال تحالفاته و تآلفه و سياساته المختلفة، لا بل شاهدنا كيفية قفزه، بشكل مفاجيء و متكرر نتيجة اقتناصه الفرص المؤاتية لما فرضته مقتضيات المرحلة و بدايته الحذرة من وجود الجيش الامريكي و وسطيته في التعامل بين الجانبين الايراني و الامريكي مترنحا هنا و هناك . و في اوقات شاهدناه مواليا مطيعا لحد نزع رباط عنقه في حضرة مولاه ولي الفقيه، لحين تراجعه و بخجل و دخوله عالم الليبرالية الاسلامية في حضرة القصر الابيض عند اليانكي متقيا سطوتهم و ثقلهم و غضبهم ، فشتان مابين المذهبية و الليبرالية كهذه . في كل تلك المراوغات والمجازفات و المجارات لما كانت تتطلبه المعادلة السياسية في المنطقة بشكل عام و العراق بشكل خاص، اوصل الحال الى ما كشف ما كان يكنه في قرارة نفسه من التعصب واضحا وضاربا عرض الحائط كل الوعود و العهود التي التزم نفسه بها و من الممكن ان نقول انه قد طبقها لفترة معينة و لكن شكليا دون قناعة ذاتية و ما كان يؤمن و كما تفعل و تفرضه الصفة الانتهازية في اي شخص لحينما تحن الفرصة الملائمة لعمل عكس ما تدعي و توقع و توعد من اجله  اصلا . اليوم و بعدما تفرض التغييرات العامة في الشرق الاوسط ما تفرزه على هذه المنطقة بشكل عام و ما تتسرب جراء الافرازات السلبية الناتجة من الخلافات الكبيرة بين القوى و ما تفرضه الاطراف الفعالة التي لها ثقلها و امكانياتها في زحزحة كرسي المالكي ان لم ينفذ ما يُطلب منه،والاطراف هذه هي التي لها الفضل في بقاءه لحد اليوم مع ما تفرضه تداعيات الثورة السورية بشكل خاص، و التي شابتها الكثير من الامور التي لم تكن محسوبة او موجودة في الثورات العصر التي اندلعت قبلها في الدول الاخرى، فان هذا القائد الحزبي المذهبي المتربي في هذا الواقع و الجو و بهذه الثقافة و الاعتقادات ليس لديه الا الاستمرار على الخطط التي تلذذ بها و التي حس بنجاحها سواء داخل حزبه او في صراعه القوي مع خصومه و كيفية نسج الحيل لتغطية نقاط ضعفه او اخطاءه باستمرار كما هو حاله اليوم من الخطوات التي يتبعها كامر نابع منه لتغطية شيء ما من الحرج الذي يواجهه من فساد صفقة  الاسلحة الروسية الذي انتشر عالميا و الفشل الذي مني به نتيجة قراره  الغاء البطاقة التموينية و تراجعه عنه بين ليلة و ضحاها و ما فرضه الراي العام عليه . و هذان الخطئان الكبيران لو حدثا في اي بلد ديموقراطي لفرضت على الحكومة بكاملها دون سابق انذار الاستقالة و احلال البديل  او اجراء انتخابات مبكرة و توجيه رئيس الوزراء الى القضاء العادل .
اي، مختصر الكلام، كما يمكن ان نقيمه خلال هذه القترة من حكمه بانه قائد ماكر ماهر ينتهز اية فرصة يصادفها سياسيا من اجل الهروب الى الامام و يتبع التكتيك اليومي المناسب لاجل تقوية نفسه و الخروج من الاخطاء دون عقاب يُذكر، وهو ناجح في عدم الالتفات الى حال الشعب في اضرار الناجم عن خطواته دون ان يواجه انذارا او عقابا، و له القدرة على التضليل و ادعاء الخدمة على الرغم من وجود الثروة الهائلة بين يديه و التي ان اديرت او نُظمت و حكم العراق بعقلية علمية حديثة صادقة و مدبرة و ابعد الناس عن الخيال و ماوراء الطبيعة و اعيد الى الارض،لعاشوا في رغد،الا انهم لو احسوا بمدى خطورة الوضع و ان البديل الذي يمكن العمل عليه موجود على الارض الغنية بالعقول و هو مهد الحضارات،من اجل التقدم خلال اشهرفان الشعب قام بواجبه حقا، و من الممكن احساس الشعب به دون اية مبالغة . و على الرغم من الخلاص و انقاذ الشعب من اعتى الدكتاتوريات على الارض الا انه لازال يعيش في القلق و الفقر والضيم و الويلات و يغص في الوحل اكثر يوما بعد اخر و الازمة الاخيرة ستزيد الطين بلة ان حدث ما لا يحمد عقباه . ولكن يمكن ان يعتقد المالكي بانه ينجح هذه المرة كما سابقاتها ويستمر الى النهاية و لكنه لم يحسب الحسابات جيدافهو واهم، فيجب ان يعلم ليس من المعقول ان تسلم الجرة دائما و تعود من النبع سالما، فعليه ان يتوقع عدم عودتها هذه المرة اصلا ولو باجزاء صغيرة منها او تعود صاحبها حزينة خالية الوفاض، ومن الممكن ان تطاح حاملتها ارضا ايضا دون عودة الى النهاية . لذا ان دقق المالكي ما ينويه من الخطوات و بكل حرية بعيدا عن ما تفرضه عليه الفضلاء و اعاد النظر جيدا مراجعا ما ينقله الينا التاريخ و ما جرى فيه بتاني، اعتقد ان فعل ذلك فانه يفكر كثيرا قبل اتخاذ اية خطوة عواقبها تكون ثقيلة على الشعب و عليه ايضا، هذا و ان على  الطرفان بان يعلما ان كانت خطواتهما و توجهاتهما و خلافاتها ليست شخصية و ان كانا على اعتقاد بانهما اصحاب قضية مصيرية فعليهما التفكير مليا.
اما من جانبه، فان البارزاني و ما نعرفه عنه جيدا خلال سنوات سياساته المتناقضة المستمرة و االمستندة كما هو المالكي على التكتيك و المصلحة الحزبية و الشخصية الضيقة على عكس ما يدعيه علنا ايضا، فهو يمتلك من الصفات التي مر عليها الزمن، ليس امامنا الا ان نعتقد بان الغرور مسيطر على عقليته كثيرا منذ فترة لاسباب معلومة و ما وصل اليه برمشة بصر دون ان ينتظر ذلك في قرارة نفسه، فلم يكن يملك موطيء قدم من الساحة طوال سنوات النضال الثورة الجديدة، و ما يرى نفسه اليوم وهو في موقع وحال وصل اليها بفعل ما فرضته المعادلات و التغييرات و متطلبات المنطقة  اغراه كثيرا لاتخاذ خطوات في الوقت و المكان غير المناسب كثيرا. و كما هو حال غريمه في هذه الاونة،فان البارزاني كالمالكي لم يلتزم باية استراتيجية لما يفيد الشعب الكوردي و مصالحه العليا، و كما مضى عليهو استق، هو من نتاج سياسات المنطقة و ما فرضته الصراعات الداخلية و استند على التكتيك و رد الفعل و حسب سعر اليوم ايضا، و حتى وصل به الحال الى طلب العون من الد اعداء الشعب الكوردي لانقاذه من الغرق خلال فترات متعددة من صراعه السياسي و  العسكري  الدموي، وكما اعتقد يفعله اليوم ايضا ان تطلب الامر ذلك .
منذ عيد نوروز والبارزاني لم يتسطع ان يفعل ما يشفي غليله من الرد الفعل الذي واجهه من ارغامه على التراجع عن ما كان ينويه من اعلان الاستقلال لاقليم كوردستان او توجيه الشعب الكوردي للاستفتاء عن هذا الهدف النبيل الذي يستخدمه القادة في اكثر الاحيان للمزايدة السياسية. بعدما رد عن ما انطلق جديا اليه من المغامرة دون سابق ترتيب او عمل ملائم  يتطلبه عملية استراتيجية كهذا الذي اراد اعلانه من الاستقلال لاقليم كوردستان، و لم يلق التايد الكامل لما كان يريد، فَحس انه ضُرب او طُعن و خاصة انه كان يريد ان يسجل مجدا له و لحزبه اكثر من تحقيق الهدف المقدس للشعب الكوردي . كل ما نعلمه من انه يسير وفق خطوات تكتيكية على الرغم من ادعائه العكس و بانه حامل راية اصلح استراتيجية، و الواقع يدلنا على العكس لاننا في الاعوام القليلة الماضية فقط شاهدنا بان الواقع بنفسه فقط فرض عليه تغيير شعاره و شعار حزبه من الحكم الذاتي الى الفدرالية، متاخرا حتى عن اصغر الاحزاب الكوردية في هذا اداء هذا الواجب الممكن في الارضية الناضجة لذلك . هذا التحليل و النتيجة تدلنا على ان البارزاني يريد ان يخرج سالما معافيا و مفتخرا بالمجد الذي يريد ان يحققه، و ينفذ من تداعيات خطواته الغرورية دون ضريبة كما هو حال المالكي، لا بل يريد ان يعكس تلك الاخطاء و يحصل من افعاله ما يكسبه لصالح شخصه و حزبه فقط، و كما فعل سابقا و حتى اليوم . الاخطر داخليا في الاقليم و ما يمس الشعب الكوردي من تلك الافعال و ما يظهر و ينتج منها جليا هو الاضرار الناجمة من نتائج الغرور المسيطر عليه من كافة النواحي و في مقدمتها السياسية، و هنذا ما يفرض كثيرا من الضرائب المعنوية المادية السياسية على الشعب الكوردي و الاحزاب و التيارات و الحركات الكوردية المخلصة الاخرى  الموجودين بقوة على الساحة السياسيية ايضا و على استراتيجياتهم العقلانية بشكل خاص، على الرغم من اتخاذهم العهد و الوعد لاعتمادهم على الخطط العلمية بالاستناد على ما يحفظ المصالح العليا سالما و الاستراتيجة بعيدا عن المس، و المستندين على الخطوات العلمية الدقيقة ان توفرت العوامل لها و التي تقر هي بذاتها اي العقلية و الخطوات و النظريات العلمية في الفعل و العملو  الدقة و التجريد و القرار و التشاور و التباحث و النقاش و البحث عن الاسباب لكل خطوة مطلوبة و هو مطلوب كمبدا ديموقراطي حداثوي،تقرر صحة اي عمل لتحقيق اي هدف، و اعتماد المنهجية و الملاحظة و التجريب النظري لبيان صحة اي قرار الذي من المفروض اتخاذه و دراسته دراسة مستفيضة مسبقا بفعل مجموعة من المؤسسات المتوفرة و من ثم دراسة نتائجه المحتملة و التي يمكن استنباطها بعقلية منفتحة و دراسة علميا، و الدخول في خضم ما تشهده مرحلة مابعد القرار سيؤمن النجاح دائما .  الا انه اليوم بالذات كما كان سابقا و في هذه الازمة الانية الحاصلة بين الاقليم الكوردستاني و المركز العراقي، فان التكتيك و الصراع المتبع و التعامل مع الحوادث اليومية بعيد عن ملاحظة الاضرار التي يمكن ان تُلحق بالاستراتيجة و وبالامكان ان  يقطع الطريق عن العمل الهادف و القرار الصحيح في الوقت الملائم،  هو بعيد جدا عن التفكير العلمي و العقلانية في سياسة اكثرية  احزاب هذا الاقليم  كما هو حال الاحزاب المذهبية على الساحة العراقية، و انه لامر بسيط نسبة لمثل هذه الاحزاب في اعتبار ما يحصل من اية نتيجة كانت جراء الخطورة التي تحدق بالشعب من عدم تيقنهم من ابعاد و تداعيات القرارات الخطيرة لهم في الشان السياسي . فالمتضرر الاول و الاخير هو الشعب بكل فئاتهم و خاصة الطبقة الكادحة و من كلا الجانبين الكوردي و العربي، بعدما يوضعوا في فوهة النار كما كانوا دائما و هم ضحية تلك الخلافات، و ما نعلمه من المستوى الثقافي العام لهذا الشعب المسكين و ما يتاثرون به من نتائج رفع الحماس القومي و المذهبي لامر مفتعل في كل تلك الحالات التي يدفعون هم لوحدهم الثمن غاليا .
لذا، على المالكي و البارزاني على حد سواء ان يعيدا النظر جيدا في سياساتهما و نظراتهما الاستراتيجية ان امتلكاها و يسلموا الى الديموقراطية ومتطلباتها في حل المشاكل و هو افضل و اقرب و اقصر الطرق للحلول الناجعة لاي خلاف ناجم عن المسيرة الطويلة للتغيير الواجب حدوثه في منطقتنا، و العراق سبق الجميع في هذا المسار، و احسن ما يفعلوا هو ان يتبعوا الدستور و يجلسوا الى الطاولة بهدوء و سلام من اجل مستقبل هذه الشعوب المظلومة لحسم كل الخلافات الصغيرة و الكبيرة جذريا و يتعضوا من الماضي الاليم و يبعدوا عن زهق الدماء التي تكون ثقيلة على اعناقهم، و عليهم ان يدققوا جيدا في قراءة واقع المنطقة و من يتربص بنا و ما يريدون من دفع الحال الموجود نحو المازق، كي يقوا الشعب العراقي بكل طوائفه و فئاته الموزائيكية المعلومة من الافرازات السلبية الناتجة من صراعات المحيط الاقليمي لنا و ما تفرضه المصالح و السياسة العالمية دائما .