كلنا يحمل الماً وأنّةٌ نخفيها احيانا تحت ابتسامة كاذبة نهرب فيها من تعاسة هذه الدنيا وهذا العالم المتوحش الذي لا يفتأ يسفك الدماء المقدسة باسم الالهة .
محظوظون نحن وفي ايدينا عشرة ايام من كل عام نُفرٍغ فيها صديد جروحنا لنكون قادرين على تحمُّل ما تحمله الايام القادمة من مفاجآت كثيرة موجعة .
ننتظر لحظة اللقاء بعاشوراء , لنسكب انهار دموعنا فتحتضن قطرات الدم التي سالت بكربلاء , طاهرة زاكية .
علّ هذا اللقاء يفك سجن العبرات التي تحتبس في الصدور لتنطلق الى العالم العلوي , تشكو بشاعة الجريمة التي تُرتكب هنا وهناك دون وازع من ضمير او خوف من عليّ قدير .
وعساه ان يبعث فينا من يصيح بالناس , حي على الصلاح , كفاكم قتلا وتنكيلا وصياح , عودوا الى اصولكم فقد خلقكم الله ” انسانا ” .
عشرة ايام هي , لكنها غير العشْرات وغير الايام , حزينة هي , لكن حزنها يبعث على الاطمئنان والسّكينة وكأن يدا خفية تاتي لتتولاك بالرحمة والشفقة كما تولت ال بيت الحسين عليهم السلام .
لا نسمع الغناء نحن في عاشوراء , فالى من سرق الَعَبرة من اناشيدنا واشعارنا : لا تتراقصوا على اوجاعنا بحجة العزاء , ولا تشوهوا التعازي بالحان الغناء , فلكل لحن اوانه , ودموعنا البريئة الطاهرة , صابرة منتظرة , ليوم الحسين فخلوا سبيلها ولا تقطعوا الطريق بالحانكم الراقصة فتقطع السماء بركاتها .
مالبسنا السواد نحن الا لنظهر ان الحزن فينا غطى على سواد الثياب , حزن على عاشوراءنا القديم , عاشوراء ( حمزة الزغيّر وامثاله ) وكلمات ( اه يحسين ومصابه ) و (يمّه ذكريني من تمر زفة شباب ) , التي على بساطتها تجعل الروح تنساب دموعا على الخدين , لا عاشوراء البوب والسوق السوداء لبعض رواديد العزاء , والالف دولار لدقيقة من نهار , يطرب بها المطربون في مجالس تدّعي الزهد والوقار .
نبكي في عاشوراء نحن , وليس ضروريا ان نحدد مَنْ نبكي او علامَ ؟ , فنحن نشترك مع آل الحسين في الالام .
فيا ايها الواعظون , عاشوراء للناس جميعا , فلا تُدخِلوا الخرافة والسخافة وما لا يليق بذكرى الامام الى حلقات العزاء , ودعونا نبكي الدماء
ويكفي مواساة لآل الحسين اَنّا … نبعث اليهم رسالة حب , وسلام
ونُخبرهم بأنّا , كما همُ , ثُكِلنا بالاخوة والابناء والاصحاب
ولولا البكاء في عاشوراء … لفقدنا الالباب