المرجعية الدينية, بما تملكه من خصوصية روحية, كانت ومازالت حريصة على التعايش السلمي, والبناء المجتمعي الصحيح, على أساس ديني ينهل من المنبع الإلهي الحق.
المرجعية الدينية “الشيعية”, ليست مرجعية فئوية, أو طائفية, فلم تشهد الأيام السابقة, أو الحالية, على أي تصريح طائفي للمرجعية الدينية العليا, بل على العكس فإن كل تصريحاتها, تصب في وحدة الكلمة, وهو نفس النهج الذي سار عليه المصطفى (صلواته تعالى عليه وعلى آله وسلم), ومن بعده خلافئه بالحق الأئمة عليهم السلام.
بعد أحداث ,2003 برز دور المرجعية بشكل جلي, في إعانة الشعب العراقي, وتوجيهه بالأتجاه الصحيح, في التعامل مع المتغيرات الجديدة, والأخذ بيده نحو تأسيس دولة المواطنة, القائمة على أساس إن الفرد هو أساس التغيير, والنهوض الشامل.
بعد الأحداث الأخيرة, وتغير المعادلة الأمنية في العراق, ودخول التنظيمات المتطرفة, من داعش وأشباهها, وإنهزام وتخاذل القادة الأمنين, وبعد إن كادت بغداد أن تكون في متناول يد الإرهابيين, كان للمرجعية الدينية العليا, والمتمثلة بسماحة السيد السيستاني, في التصدي لهذه الهجمة, التي طبخت وصفتها في أروقة الإستعمار الغربي, والإستحمار العربي.
أصدر سماحة السيد السيستاني, فتواه بالجهاد الكفائي, نتيجة لظروف المرحلة, فأخذت هذه الفتوى صداها في نفوس العراقيين, فهبوا شيبهم وشبابهم, بكل ألوانهم للدفاع عن الوطن والمقدسات.
كانت عيون السيد السيستاني, على المعركة منذ بدايتها, يتابع شاردها وواردها, من خلال ممثليه الذين يبعثهم, أو من خلال الأخبار الواردة من أرض الحرام.
أخذ سماحة السيد السيتاني, على عاتقه, توجيه وإرشاد المقاتلين, وخصوصا في مسألة تحكيم الدين, والتعقل خلال المعركة, وعدم التصرف بتصرفات تسئ إلى قوات المجاهدين, التي عرفت فيما بعد بالحشد الشعبي.
مع إستمرار المعارك, وتوالي الإنتصارات, وخوفا من بعض النزعات النفسية, التي تنازع نفسية المنتصر, أصدر سماحة المرجع توصياته المهمة جدا, لمقاتلي الحشد الشعبي.
لقد كانت الوصايا العشرين, بمثابة خارطة طريق للمجاهدين, للتمسك بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف, التي تخص أخلاقيات الحرب.
الناظر للوصايا العشرين, يجدها ماهي إلا نهج وأخلاق نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله) في الحروب, وهي نفسها أخلاقيات وصي المصطفى أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
رسالة إطمئنان بعثها السيد السيستاني, لجميع أبناء الشعب العراقي, من خلال وصاياه, فحفظ الدماء, وأملاك الناس, وعدم الإجهاز على جريح, أو قتل الأسير, وعدم التمثيل بجثث القتلى, وحماية النساء والشيوخ والأطفال, كلها كانت تعبر عن الحالة الأخلاقية, التي يتمتع بها الشيعة, على عكس ما حاول تصويره بعض السياسيين, وبعض دول الجوار الحانقين, والممتعضين من إنتصارات الحشد الشعبي.