والمقصود هنا اللحى، وهذا المثل من امثال المعابثة، ويقولون انه قيل لأحد اليهود: ما الفائدة من لحيتك الطويلة؟ فقال: ( بالشتا تدفّي، وبالصيف تهفّي)، هذه الفائدة هي فائدة اللحى الطويلة، في حين ان للّحى مضارا كثيرة ويقال انه مكتوب في التوراة ( لايغرنّك طول اللحى ، فأن التيس له لحية)، ويقال ان علي بن حجر نظر الى لحية ابي الدرداء عبد العزيز بن منيب القاضي وكانت طويلة فقال:
ليس بطول اللحى……… تستوجبون القضا
ان كان هذا كذا………..فالتيس عدل رضا
وقبل هذا قالوا : ( لكل لحية مقص)، و(لكل لحية مشط)، وهناك المزيد في كتب التراث من التنظيرات للّحى وكيفية اطلاقها وصبغها وخضابها وهكذا ،في حين ان اللحى هي السبب الرئيس في قتل الابرياء من الناس، اريد لحية واحدة قربت بين الناس واشاعت بينهم الحب والمودة، ربما ان اللحى هي اكبر مصدر من مصادر ازعاج المجتمعات وقد اكتشف هذا الغرب بشكل مبكر فعزل اللحى في صوامع وابعدها عن هشيم الشعب الذي كان ومازال مستعدا للاحتراق باية شرارة ضعيفة كانت ام قوية.
دماء وابرياء من الشعب والقوات الامنية وسيارات مفخخة تضرب ميسان والديوانية وكربلاء والحديث يدور عن عشرات الشهداء والجرحى، اضف الى ذلك الفوضى التي تتركها تصريحات هذا الطرف اوذاك، لقد اقحموا الدين في الدولة والدين مع السياسة، فصار رجال الدين هم من يصدر الاوامر للسياسيين، في حين فهم البعض من المتهورين فتاوى رجال الدين بانها تصريح لقتل الآخرين، متناسين اقوال المقدس وخاضعين الى الاقوال المسيسة بأجندات خارجية لاتريد للعراق سوى الانهيار، الحكومة مدانة لانها تمسك العصا من الطرف، ورجال الدين ايضا معها لأنهم لم يستطيعوا ان يحتفظوا بالمراكز الالهية التي اعطاهم الله فنزلوا الى الحياة بسحر ، سحر قلوب البسطاء وبكلمات رنانة جعلت الناخب لايميز بين الحق والباطل وانما يخضع لفتوى ليس هناك غيرها، ما ادى الى اختفاء الفكر السياسي الحقيقي وظهور المساجد على الشاشة لتأخذ حيزا كبيرا ساعدها على توجيه الشعب باتجاه ماتريد لامايريد هو، لسنا على طرفي نقيض مهما بلغت الاختلافات، لكن هناك من يدس السم بالعسل، يدعو الناس الى الصلاة ويستغل هذه الدعوات الى تسويق افكار جربها اجدادنا من قبل ولم تكن مصدر خير او ربيع على الشعب وانما كانت سببا مباشرا للفرقة والعداء والتناحر حتى امتلأت بطون الكتب بفتاوى التكفير والتهديد وكأن الله خلق الدين للفرقة ولم تكن هناك حياة اخرى، يريدون تصفية جميع الحسابات على الارض ولا ادري ماذا سيحملون معهم للاله، كل هذا يجري وسط رفض شعبي مستمر ، لكن الممض في الامر ان هناك اطرافا تدعو لذاتها بحد السيف، وهذه الاطراف لاتقتصر على مذهب او مكون وانما يشترك بها الجميع ممن قضوا اعمارهم يطالعون التاريخ فعاشوا فيه وعاثوا فيه، انها محنة حقيقية فالناس تعبد اللحى، لكنها ايضا تعلم ان بعض اللحى لها مقص ملائم، وبحسب المثل السابق، في حين ان هناك لحى لاعمل لها سوى انها في الصيف تهفي وفي الشتاء تدفي، اننا امام لحى عديدة، وهذه اللحى استبدت وصادرت المشهد السياسي، لخلو الساحة من اي فكر سياسي بديل، الناس قد اعتادت على افكار حزب البعث، ولكنها تجد نفسها مجردة من اي شيء، الدين لايدعو الى الوحدة، بحسب اللحى، والدين لايدعو الى الحرية، والدين لايدعو الى الاشتراكية، والدين بحسب اللحى لايريد وطنا حرا وشعبا سعيدا، ولايريد اي اتحاد من اي نوع، وبحسب مايريده الدين على لسان هذه اللحى يجب ان يتقسم العراق الى 73 بلدا، على اساس الفرق والمذاهب التي وعد بها الشعب الاسلامي، أليس الامر غريبا بعض الشيء او كل الشيء ولكنها اللحى فأحذروا اللحى، لانها لاتريد خيرا للعراق.