الى فترة قريبة، لم يکن أي مصدر دولي أو عربي أو حتى عراقي عندما يحتج لکون قائد فيلق القدس الارهابي قاسم سليماني، هو من يشرف على ميليشيات الحشد الشعبي في العراق ويقوم بتوجيهها وقيادتها، فإن قادة الميليليشيات کانوا يردون بعنف ويتفاخرون بکون قاسم سليماني قائدهم وموجههم وإن المرشد الاعلى للنظام الايراني خامنئي هو مرجعهم وإن أمر حلهم أو إصدار أية أوامر غير عادية لهم مرتبطة بالمرشد الاعلى نفسه وليس لأية جهة أخرى من سيطرة أو تمشية قرار عليهم، ولانعتقد بأن کلامنا هذا بغريب أو طارئ بحيث يستدعي البحث والتنقيب والتمحيص إذ کأننا نقول بأن أوراق الاشجار تتساقط في الخريف.
عندما يقوم الحشد الشعبي نفسه بالرد على تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، التي عبر من خلالها قلق واشنطن من استخدام، قائد الحرس الثوري قاسم سليماني، مقاتلين شيعة في العراق، لمهاجمة القوات الاميركية. حيث قال القيادي في الحشد علي الحسيني ان “المقصود من تصريحات بولتون هو الحشد الشعبي”، مبينا ان “الحشد ليس ميلشيات، بل هو قوة رسمية حكومية تعمل تحت أمرة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، ولا تتلقى اي اوامر من اي جهات وشخصيات خارجية”! عجيب أمر هذا التصريح المفاجئ للجميع، إذ إنه يکاد أن يذکرنا بالبيت الشعري المعروف”بالامس کانوا هنا واليوم قد رحلوا”، إذ حتى الامس القريب کان أسم الارهابي سليماني والتفاخر بالتبعية له ولنظامه شارة يعلقونها على صدورهم قادة هذه الميليشيات، ولکن فجأة تذکروا إنهم عراقيون وإن هناك حکومة منتخبة في العراق فطفقوا يٶکدون بأنهم يتبعون أوامر هذه الحکومة التي هم بأنفسهم قالوا بأن لا هذه الحکومة ولاأية جهة عراقية لها أية سلطة على هذه الميليشيات سوى المرشد الاعلى خامنئي والارهابي قاسم سيماني، فما عدا مما بدا؟ وماسبب هذه الاستدارة السريعة أو کما يقول العراقيون”طلعة بلا کلاج”؟!
هذه الاستدارة وهذا التغيير النوعي في الموقف له علاقة جذرية وقوية بنفس الشئ الذي حدث في طهران عندما إنقلب النظام الايراني من عنترياته الفارغة الى إرسال الوفود شمالا وشرقا بحثا عن السلام والامن وکذلك عرض إقتراح معاهدة عدم إعتداء مع بلدان منطقة الخليج، حيث إن قادة هذه الميليشيات کانوا يطلقون التصريحات والنارية والعنترية عندما کان قادة النظام الايراني يفعلون ذلك ولأن الاتباع على رأي وموقف أسيادهم فکان من الطبيعي جدا تغيير مواقفهم مثلهم تماما، ففي طهران هناك حالة من الخوف والترقب وتبادل الاتهامات بين الاجنحة والحذر من إنتفاضة الشعب الذي لاتتوقف إحتجاجاته ولاتکف معاقل الانتفاضة لأنصار مجاهدي خلق عن نشاطاتها ضد مراکز ومقرات النظام، وإن النظام يعلم بأنه وفي حال وقوع مواجهة مع الامريکيين فإن داخل إيران سيخرج عن سيطرته لأن الشعب کله لايثق بهذا النظام ويکرهه ويسعى من أجل تغييره، لکن هل فهم هٶلاء القادة الاشاوس هذه الحقيقة المرة أم إنهم يصرون على الاستمرار في السباحة ضد التيار!