8 أبريل، 2024 7:57 م
Search
Close this search box.

بالاحمر ايضاً

Facebook
Twitter
LinkedIn

كان ينظر باتجاه الانبوبة الصغيرة التي جلبها له الحرفي ابو علي، قال ان قليلا منها في قطعة جبن كفيلة بقتل جميع الجرذان التي ارهقته اخيرا، لكنه نصحه ان يبدأ اولا باطعامهن طعاما صحيا، حتى اذا اطمأنت الجرذان له، يمكنه استخدام السم، نظر الى السم وردد هل يمكن لهذا المسحوق او لقليل منه ان ينهي معاناتي، معاناة الوطن والبيت والفراغ والوحدة، قليل من الدوار والم في المعدة وبعدها ينتهي كل شيء، لماذا لم نكن مثل الجرذان، فيقوم الاخرون بالتخلص منا، كان يعول عليها كثيرا في انهاء حياته، ينتظر متى ستفعلها، وجبة الفطور الصباحي يتناولها بمفرده، كم تمنى ان يشعر بهذا الدوار بعدها لينتهي كل شيء، ابسط مافيها ان تنتهي معاناته معها.

الدين ماذا يريد منا، لايدعنا نعيش ولايتركنا ننهي حياتنا،جعل حياتنا جحيما في الحياة ويتهددنا بالنار مابعد الموت، اي اننا مع الدين بين جحيمين، حتى الذي يريد ان ينتهي من هذه الخزعبلات التي تسمى حياة، ليس له الخيرة في ذلك، فقد يخلد في النار الى ابد الآبدين، جميعنا نجهل مايحدث بعد الموت، مسألة محيرة جدا، هل سندفع ثمن هذه الرحلة العفنة عذابا سرمديا، لاننا ربما تناولنا زجاجة من الخمرة، وهل ان القبلة التي قبلتها لحبيبتي وانا مراهق ستدخلني جهنم، او ربما ذهابي الى مناطق الغجر اكثر رجحانا في دخولي لجهنم، دائما يتذكر مراسم الحج، وكيف له ان يعترف بما كسبت يداه، دائما يعلل امره انه لم يفهم اللعبة من البداية، ليطرق سمعه اخوه بحكاية الرجل الذي اصطحب زوجته وامه وام زوجته.

وعند الاعتراف، اعترف الرجل وانتظر النسوة ان يعترفن ليمضوا الى شعيرة اخرى، قامت زوجته وقالت: رب اغفر لي ماصنعته في زمن الجهل، وتوسلت، فاسرها الرجل وصبر، ثم قامت ام زوجته فقالت: رب اغفر لي ماصنعته في زمن الجهل، فصمت ايضا، ولكنه لم يطق صبرا عندما وصل الامر الى امه، فقالت: رب اغفر لي ماصنعته ايام شبابي وجهلي، فماكان منه الا ان يرفع يديه ويصرخ بصوت عالٍ: رب اغفر لي لانني جئتك بثلاث مومسات، هذه الحكاية جعلتني اتهم الجميع بالرذيلة، واول ما اتهم الذين يحاولون الذهاب بشتى الطرق الى الحج، لانهم يذهبون غالبا للاعتراف وليغفر لهم الرب، دائما يقول ان هذه المراسم هي من دمر البلدان الاسلامية، يسرق ويفعل اي شيء على امل ان تغسل ذنوبه هناك في الحج.

هذه المسألة جعلت من الخطأ شيئا ثانويا امام الحرام الذي سرعان مايغفره الرب بمجرد الذهاب الى هناك الى بيته، اوالى بيت اقل شأنا من بيته، شاهدها بالامس تلقي نظرة طويلة باتجاة قنينة السم، فهيأ نفسه ، ربما تكون آخر ليلة عسى ان تفعلها وينتهي الامر بهدوء، لن يصرح بوساوسه لاحد، ستفعل الصواب لو فعلتها، لكنه يعتقد انها اجبن من ان تفعلها، هيأ نفسه للامر وكأنه يريد ان يسافر الى بلد بعيد، اغتسل ولبس الثوب الابيض ونام مبكرا بعد ان رتب كتبه، الفوضى التي من حوله، وضع كل شيء بمحله، استيقظ مبكرا ليضمن تناول فطوره بمفرده، علّها اجمعت امرها، لو انها سقتني السم من البداية لما عانيت كل هذه المعاناة، كانت اختصرت طريق الالم وارحتها وارتحت منها، هكذا يحدث نفسه، لماذا هذه الاطالة، كنا سنفرغ من الامر مبكرا، هرع الى الفطور وهو بأمل كبير.

تناول الفطور، شعر بالم بسيط في مفاصله ارتجف قليلا، وضع مخدته خلف رأسه واستسلم للنوم، كتب في ليل ذلك اليوم انه الشوق الاخير، ربما سالتقيك في مكان ما ، ليس في هذا العالم قطعا، انا احلم بعالم آخر اكثر نقاء، هذه الاريكة التي قال عنها انها ستكون السفينة التي تعبر بي الى ضفاف اخرى، كان يكرر قوله، سابحربها نحو المجهول بلا جواز سفر فانا لا امتلكه اصلا، لم تكن الاحلام سوى كوابيس كان يقبل احداهن وسرعن ما انتهت القبلة لانها فتحت فمها على مصراعيه، وقف على المغسلة، اشاح بوجهه عنها لانها تحولت بسرعة البرق الى عجوز شمطاء، لم يكد يستسلم لشيء حتى سمع صوت ولده، بابا لقد نمت كثيرا جاءت ساعة الغداء، فضحك كثيرا وتألم للجرذان اكثر.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب