تسببت تظاهرات المدن الغربية حرجاً شديداً لحكومة المالكي إعلاميا وسياسياً وكذا نفس الحرج سببته لإيران ومرجعية النجف وحيث لم يكن بأي حال من الأحوال النزول عند رغبة المتظاهرين ومطالبهم راح المالكي وإيران ومرجعية النجف (السيستاني ) التفكير بخلق مبرر ينهي هذه التظاهرات ويوأدها , مبرر يلبس الحق بالباطل ويحرق الأخضر واليابس , ووصلوا إلى فكرة السماح بدخول عناصر داعش الى مدينة الموصل التي كانت تتواجد بعناصرها القليلة في صحراء الموصول من خلال إصدار أوامر بالانسحاب للقادة الموالين للمالكي وإيران وترك القلة الآخرين الذين لا يثقون بهم وبالتالي تسبب الإرباك والانهيار والأوامر الارتجالية وبالتالي الهروب والانهزام المخزي أمام عناصر داعش القليلة , ثم الانتقال بالفكرة الى مرحلة إعلامية تتألف من شقين , الأول تم التداول به إعلامياً وفي كل مكان يتناقله أتباع المالكي والمرجعية وإيران وهو ضعف الجيش وعدم جدارته ولصق التهم بالبعثية والمذهبية المخالفة ! والشق الثاني الترويج إعلامياًً
وفي كل مكان أن داعش تريد كربلاء والنجف وبغداد وستدخل هذه المدن المقدسة صاحبها إعلام كبير يصور القدرة الخيالية عند داعش حتى أن الأطفال أصابهم الرعب من داعش وهنا أصبح التصور عند عموم المجتمع العراقي أن الجيش العراق عاجز وقادته خونة , وأن داعش تستهدف المدن المقدسة والأضرحة الطاهرة والمرجعية في النجف ! وهنا تهيأ الشارع الشيعي خصوصاً عاطفياً لفتوى تطلقها المرجعية , وفعلاً صدرت فتوى الجهاد بحجة لدفاع عن المقدسات وصد تقدم داعش !هذا ظاهرها ؟! أم باطنها وحقيقتها فهي أولاً للانتقام من أبناء المدن الغربية لما تسببوا فيه من حرج جراء تظاهراتهم السلمية والانتقام منهم مذهبياً ! وثانياً تمكين إيران من مشهد الساحة العراقية بالقوة والسلاح بعد أن تمكنت من الهيمنة سياسياً ومن هنا نفهم كيف المرجعية أعطت الإذن الطرشاء للغراوي (نايم ورجليه بالشمس ) وتضحك منه بخبث حين نقل لها ما يجري في الموصل وما يكتنفها من خطر دخول عناصر داعش حيث إنها بنفس الوقت تطبخ الطبخة لدخول داعش وما يجري بعد دخولها وهذا المغفل يشكيها و يتوسلها بالخلاص من داعش بالضغط على المالكي !!
المهم الفتوى لم تكن بلسان المرجع نفسه ! ولم تكن صريحة ونص ! وهي مقدمات مقصودة للتراجع عنها ونكران صدورها بهذا المعنى الذي طبق في الواقع وستقول انه نقل خاطىء !! متى تقول ذلك وتتخذ هذا الموقف عندما ترى تغيّر موازين القوى وفشل الفتوى وهذا ما حصل فعلاً فقد تغيرت موازين القوى فإيران اليوم ليس إيران قبل سنتين , إيران الآن من هزيمة الى هزيمة ومن إنكسار الى إنكسار ومن تراجع إلى تراجع ومن هجوم إلى دفاع خصوصا بعد تكوين التحالف الاسلامي العسكري ! وربيبها المالكي كحالها من خزي إلى خزي وفشل إلى فشل ! وأيضا الفشل للفتوى في الواقع وتذمر الأعم الأغلب حتى ممن إمتثل للفتوى نتيجة للهزائم وتحجيم دور الحشد من قبل أمريكا والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية من قبل الحشد من قتل وتمثيل وحرق للبيوت والمساجد وسلب ونهب بحيث انكشفت حقيقته وأصبح من الاستحالة سترها أو الدفاع عنها ! وفعلاً بدأت نغمة التراجع من مرجعية النجف بحذر وخوف فهي أكثر من شهرين لم تذكر الحشد الشعبي أبداً في خطبها بل كل ما تقوله القوات الأمنية والجيش العراقي ! على عكس ما سبق من مدح ودعاء وثناء وتكرار لاسم الحشد !! وما يؤكد هذا الأمر هو فتواها الأخيرة بتحريم لعبة الكلاش بحجة إنها تسبب العنف وتهدد السلم الأهلي !! وبالمقارنة والقياس مع فتوى الحشد الطائفي والجهاد الكفائي فأنها تسببت في انهيار السلم الأهلي والقتل والهجير والتمثيل بالجثث وحرق وتهديم المساجد واقعاً وفعلاً , لا كما في لعبة الكلاش الألكتروني قد تسبب أو يحتمل أن تسبب (في عالم الافتراض ), أذن فمنطقياً حرمة فتوى الجهاد الكفائي ومما يعني التراجع عنها دبلوماسياً وبالإشارة والتلميح لا بالنص لأن النص لا تقوى عليه هذه المرجعية وهي ليست بمستواه , وهذا سيحصل ويستفاد منه كتحصيل حاصل عند من يعتقد بهذه المرجعية من خلال الترويج الكبير لفتوى حرمة الكلاش بين أواسط المجتمع وعند السؤال عن فتوى الجهاد الكفائي والمقارنة مع فتوى حرمة لعبة الكلاش يكون الجواب اذا كانت المرجعية لهذه الدرجة من الأمانة والورع والحرص على الدماء والسلم الأهلي لمجرد احتمال لا يقين من لعبة قد تسبب نفسياً عند من يزاولها الرغبة في الانتقام والإجرام فهل يعقل أنها ترضى بالأشد منها, إذن الأصل إنها لم تفتي أصلاً أو أن فتواها فسرت بالخطأ أو استغلت من قبل الآخرين !!! لي شاهد على ذلك قبل عقد من الزمان عند صدور فتوى من مرجعية النجف على وجوب التصويت بنعم على الدستور والترويج لهذه الفتوى بكل وسيلة ندوات ومجالس ورشا وبعد التصويت عليه بنعم صباحاً أنكروا أن المرجعية اصدرت فتوى بالتصويت بنعم !! وقالوا من نقل عنه ذلك لا يمثل إلاّ نفسه !!!!