يعد السيد محمد باقر الصدر؛ أسطورة العراق في القرن العشرين, كان مفكر وثائر, ومرجع ثوري, من فكره نستلهم عنفوان الثورة, ومن ثورته ننهل الفكر المعطاء, سطر أورع معاني الوطنية, بدفاعه عن العربي والكردي والتركماني معاً، وسجل أنبل صور الذود عن العقيدة الإسلامية, حينما أنبرى مدافعاً عن الشيعي والسني على السواء.
هز عروش الطغاة في عصر, كان الطاغوت يمثل غاية الظلم والجبروت، عندما قال: “لو كان أصبعي بعثياً لقطعته”, وضع الأسس العصرية المجتمعية، بعدما حدد معالم المجتمع الفرعوني، ونظر بالفلسفة الإسلامية, بعدما تمادى أصحاب الفكر الإلحادي اليساري بأفكار, يراد منها انحراف الفكر الإسلامي، رسم الخطوط العامة لسياسات الاقتصاد الإسلامي في كتابه اقتصادنا، بعدما أنقسم العالم إلى معسكرين؛ الاشتراكي الشرقي, والرأسمالي الغربي.
الشهيد محمد باقر الصدر؛ كان مصنع للرجال الشجعان, في ساحات القتال والجهاد, مثلما كان جامعة خرجت العلماء الأفذاذ, في ميادين العلم والتقوى, إذ لا يمكن أن ننسى مقولته المشهورة بحق شهيد المحراب؛ “العضد المفدى”, فكان بحق منار في كل شيء, حتى مَن الله عليه, بأن يكون يوم استشهاده, يوما سقوط الطاغية, ونهاية حكم البعث بالعراق في التاسع من شهر نيسان.
أي بعد أربع وعشرين عاماً على إعدامه، كان يوم للنصر على الظلم والظالمين, وبداية التغيير الحقيقي، لتفتح في العراق أفاق جديدة في التفكير الموضوعي, والتعبير عن الآراء والمطالبة بالحقوق, وأهمها وجود مساحة واسعة من الحرية للمطالبة بالتغيير نحو الأفضل، إذ نستلهم من فكره؛ “أن الجماهير أقوى من الطغاة”, مهما تفرعنوا, ولا يمكن أن يحكم العراق من خلال عصابات وجماعات متحزبة.
اعتمد الحالة الحركية منهج لاستنهاض المجتمع؛ لاسيما الشباب, وغرس فيهم الطاعة والولاء للمرجعية الدينية, وزرع في عقولهم وقلوبهم الاستعداد الكامل, للتضحية من أجل العقيدة والوطن, تجد طلابه المقربين ورفاق دربه علماء مجاهدين, ومشاعل للحركة الإسلامية داخل العراق وخارجه, فمن سار على منهجه؛ لم تجده يهادن أو يطاوع من أجل مصالح ضيقة, وغايات حزبية, إنما منهج الصدر الإصلاح لتحقيق الحكم العادل.
يوم استشهاده؛ كان انطلاقة حقيقية تأسيس القوى المجاهدة, التي استمرت طيلة عقدين ونيف في مواجهة كل التحديات السياسية والاجتماعية, حمل تلميذه السيد شهيد المحراب لواء الثورة والحركة, وقادة المجتمع العراقي معتمداً على منهج الصدر بالتغيير, بكل طوائفه ومسمياته لخلاص العراق من براثن التسلط والعنجهية, فمنهج الصدر ليس وراثة تورثها آصرة الدم, ولا حزب يرفع صورته, إنما الصدر دستور الدولة العصرية.
لذا فالاحتفاء باستشهاد السيد محمد باقر الصدر؛ لا ينحصر بتسميات معينة, وايدولوجيا حزبية, إنما العراقيين كافة مدانين بالاحتفاء بذلك اليوم الأغر, كونه يمثل يومياً للتحدي والإصرار والمواجهة, ضد كل عناوين الفساد والتسلط, واستهداف التيار الإسلامي, ومحاولة ركوب الأمواج العاتية, للوصول لغايات غير نبيلة, كما مارسها وصل إليها بعض المتسلقين والانتهازيين.