أثار تغيير الحكم في العراق عام (2003)، جدلاً واسعا،ً حول موقف المرجعية الدينية والسياسية، منالتغيير وأساليبه، بإعتبارها الخط المعارض الأكبر،الذي سوف يستلم زمام السلطة، بعد دعوى التحرير،كثيراً ما يشاع بين الفترة والأخرى،إن مرجعية السيد”محمد باقر الحكيم” كانت مؤيدة لدخول القوات الاجنبية الى العراق، وان الحكيم صاحب قرار مؤيد للحرب، وما يجب تسليط الضوء عليه هو موقف السيد الحكيم من الحرب، وهل أعد بدوره مشروعا سياسي؟يجنب الشعب التدخل العسكري، ولماذا لم يؤخذ بالمشروع إن وجد؟
لماذا السيد الحكيم، دون غيره هو صاحب المشروع؟
السيد”محمد باقر الحكيم” كونه الشخصية القوية الأولى، التي أفرزتها الساحة السياسية والدينية، لما يتمتع به من سياسة وقيادة وكياسه،جعلته المتصدي الأول، لإستلام بذرة الحكم ما بعد(2003)، كان إختياره من القواعد الجماهيرية، كونه مرجعاً دينياً قبل أن يكون سياسياً، وهو إختيار مصيري، تتطلبه المرحلة، التي كانت تعيشها الأمة، وما يميز قراره السياسي كونه مرتبط بالفتوى والحجة الذي يوجب على القاعدة الجماهيرية الإطاعة، وينطلق وجوده من باب الإختيار دون الإنتخاب.
ما هي أهداف السيد الحكيم قبل عام (2003)، وهل أعد مشروعاً لتحقيق أهدافه؟
تركزت أهداف السيد “الحكيم” على عدة محاور، كان من أبرزها (القضاء على نظام الدكتاتورية، بما يجنب العراق الحرب, مع تحرير إرادة الشعب, وإيجاد نظام ديمقراطي, وتداول السلطة سلمياً عبر الإنتخابات)، أدرك “الحكيم” إن تلك الأهداف لا تتحقق، إلا من خلال مشروع متكامل، يتلخص بأن يقوم الشعب بالتغيير، وإعلان الربيع العربي الأول، بدعمٍ وإسناد الدول، والمنظمات العربية والإسلامية، وبحماية دولية، يجنبه الإقتتال بين فئات الشعب وطوائفه.
ما هو الموقف الدولي من أهداف ومشروع السيد الحكيم؟
جوبه موقفه بالرفض الأميركي التام، وجاء الرد على توصياته،( بعدم دخول قوات الإحتلال الى العراق وإعلان الحرب)،على لسان رئيس أركان الجيش الأميركي “بيتر شوميكر” عام 2003 “إن حربنا ضد نظام صدام، هي حرب مصيرية تحت أطر الإتفاقيات الدولية، وبمحض إرادة وتطلعات الشعب، لتخليصهم من شبح الدكتاتورية في بلادهم”كثيرا ما لاقى تصريح “بيتر”إنتقادات رادعة، من السيد”الحكيم” ولكن أميركا كانت عازمة على عدم الإنصياع، الى مطالبه ومشروعه السياسي.
موقف السيد الحكيم، من الحرب الاميركية على العراق، ما قبل الحرب.
كان موقفه يؤكد على رفض الحرب،وممانعته للتدخل العسكري في العراق قائلاً”جميع المؤشرات السياسية والمادية،على المستوى الإقليمي والدولي، تؤكد إن الحرب قادمة، بالرغم من رفضنا لها، ويكاد أن يشاركنا هذا الموقف دول العالم أجمعها”من خلال كلامه هذا يشير،الى إن إسقاط النظام ضرورة لابد منها، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها الاميريكان،حرصا منه على حياة الشعب وممتلكاته، ومحذراً من إنهيار العراق بالحرب، وصعوبة بناءا العملية السياسية من جديد.
موقفه ما بعد إتخاذ قرار الحرب النهائي.
تركز موقف السيد الحكيم، ما بعد القرار الأميركي، على أربعة محاور، كان لابد من سلوك أحد تلك الطرق الأربعة، (أما مناصرة الإحتلال, أو مناصرة صدام, أو الموقف المحايد, أو إستثمار ما يمكن إستثماره من أجل الوقوف مع الشعب)، وبما إن التغيير بالحرب حتمي لا مناص منه، إتخذ قراره “الحكيم” بقوله” خيارنا الشرعي والسياسي والأخلاقي هو الخيار الرابع، الذي يحقق لنا الهدف، والحفاظ على حريتنا، وإستقلال إرادتنا وعزتنا وكرامتنا ومصالح شعبنا”.
السيد الحكيم، كان مشروعاً دينياً وسياسياً بنفس الوقت، يمكن من خلاله النهوض بواقع التغيير، بين طبقات طيف المجتمع العراقي، ولقد أكد بقوله “إن التغيير يكمن في عشرة معطيات لابد منها للخروج من نفق الأزمة (الحضور من قبل الأمة، والتعاون فيما بينها، عدم الوقوف مع أي من الأطراف المتصارعة، الولايات المتحدة الأمريكية ونظام صدام، ومسك الأرض، والمحافظة على الأمن والبنى التحتية، وتوظيف الطاقات البشرية، والإلتزام بالأحكام الشرعية والتكاليف الإلهية، وتشكيل الهيئات واللجان للإنقاذ”.
.
وأخيراً،مشروع السيد الحكيم، ملخصاً للأزمة العراقية، وطارحاً لسبل الحلول، وتكمن في مشروعه السياسي، الذي قدمه، الكثير من الرؤى التي غيبها الإعلام المضلل، من خلال رفضه القاطع والجازم، من دخول القوات الدولية، تحت المسميات المشبوهة، ولطالما حذر خلال خطبه، من إقدام الاميركان على زرع بذور التفرقة، بين طوائف المجتمع، و يدعو الى التماسك والوحدة، والإلتفاف حول المرجعية العليا دون أدنى مسميات، ويعلن مبدأ التعايش والتفاهم بين الطوائف المجتمعية، والشراكة بالسلطة بين الطوائف السياسية.