عنوان المقالة استعرته من مثل بغدادي قديم ، يُضرب لمن ينبغي عليه أن يقوم بعمل ما فلا يجد من أدواته شيئا ، وهكذا حال أهل الانبار والموصل في مشروع التسليح الأمريكي للعشائر السنية والرفض الحكومي العراقي المتمثل بالكتل السياسية الشيعية تحديدا ، والقبول والترحيب من الكتل السياسية السنية والكردية .
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن السيادة والتقسيم في العراق ، خصوصا مع القرار الأمريكي القاضي بتسليح العشائر السنية في الانبار كبداية لمشروع تسليح سنة العراق الذي يرفضه الشيعة وقياداتهم بشدة باعتباره يسحب البساط من تحت أقدامهم بجعل السنة أقوياء ومسلحين سلاح نظامي رسمي يحميه القانون وهذا ما يقلب موازين القوى في الشارع العراقي في ظل وضع إقليمي يشهد انحسار للنفوذ الإيراني مقابل مد سني قوي يتمثل بالسعودية وعاصفة حزمها الموجهة ضد النفوذ الإيراني بشكل مباشر في اليمن تحديدا كمرحلة أولى وفي العراق كمرحلة ثانية أو سوريا حسب المختصين .
انتصارات المعارضة السورية وتقدمها على قوات النظام السوري ظاهرة ملفتة وجديرة بالتحليل وخصوصا إنها تتم في فترة انحسار النفوذ الإيراني في المنطقة أمام الضربات السعودية العسكرية والسياسية ضد إيران المشغولة بالملف النووي والمفاوضات مع الولايات المتحدة وأوربا .
الانبار خاصرة بغداد وسقوطها بيد داعش يمثل كارثة بكل المقاييس وهذا ما وعته الولايات المتحدة وعملت على تلافيه عن طريق تسليح أهل الانبار وهذه خطوة ذكية بالحسابات الجيوسياسية فأمريكا جربت أهل الانبار سابقا عن طريق تشكيل منظومة الصحوات التي دحرت القاعدة في حينها التي تمثل الأم الحاضنة التي أنتجت داعش وانطلاقا من قاعدة أهل مكة أدرى بشعابها فاني أتوقع إن أهل الرمادي وحدهم القادرون على القضاء على شر داعش ودفعهم عن مدن المحافظة وهذه الحقيقة يجب أن يعيها المسئولين في الحكومة المركزية ، حيث إن الحشد الشعبي لا يستطيع القتال في بيئة لا يعرف تضاريسها ودخوله في المعركة سيثير مشاكل طائفية لها أول وليس لها آخر مما يقوي داعش التي تعتمد مظلومية السنة كغطاء لتمرير مخططاتها .
لذلك صار لزاما على أصحاب القرار في العراق أن يتعاونوا في مشروع تسليح العشائر السنية على أن يتم التنسيق مع الولايات المتحدة وفق ضوابط واليات مدروسة ومحسوبة ومسيطر عليها ويجب أن يعي العراقيون وساستهم إن ( ما تريده أمريكا يمشي ) سواء رضوا ساسة العراق أم لم يرضوا وهم نِتاج الاحتلال الأمريكي وان سر بقائهم مرهون بأمريكا وموافقتها .
أمريكا شريكة مع منظومة الحكم في العراق في تمشية أمور العراق باعتبار إنها ضحت بالدم والمال من اجل تنصيب حكومة العراق الحالية وتمكينها من السيطرة على دفة الحكم وإزاحة نظام حكم البعث ، فمن غير المنطقي أن يتم تجاهل النفوذ والوجود الأمريكي في القرار العراقي لان هذا يشكل مشكلة حقيقية ستعاني منها حكومة العراق آجلا أو عاجلا .
داعش لا يمكن إيقافها ومحاربتها بدون تدخل المجتمع الدولي وهذا ما يقوله واقع الأرض كونها تشكل خطر عالمي يتزايد بسرعة ويستقطب كل المتطرفين في الكوكب .
الحرب التي يشنها داعش تمزج بين التكتيكات الإرهابية ، وحرب العصابات الحضرية ، والحرب التقليدية .
يقول تورجان المتخصص في مكافحة الإرهاب : تجري عملية نموذجية لداعش بالشكل التالي : يتم إعلام وحدة من الدبابات المدرعة التابعة لداعش ، أو وحدة متنقلة من 8 إلى 12 محاربا مع مركبتين إلى ثلاث مركبات ، عبر الوات ساب ، أو عبر رسائل على الفيس بوك أو تويتر أو من خلال رسالة نصية ، وإذا لم يكن ذلك متاحا عبر شبكة الراديو الخاصة بهم ، وهذه المرة الأولى التي يتم به تحشيد حربي باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ، وبعد ساعة ونصف من التنسيق
والاستعدادات اللوجستية تبدأ العملية ،ويقول أيضا ( يتمتع داعش بمهارة تكفي لتنفيذ هجوم بالمدرعات في الليل ، ويبرع في التصويب بدقة من مدافع الدبابات الأساسية المزودة بالكاميرات الحرارية ، ويستطيع زرع عبوات ناسفة في مناطق ومعابر حرجة ، وهو يشن حرب عصابات هجينة وحرب مدرعات تقليدية عبر نشر فرق مؤلفة من 8 إلى 10 رجال تقوم بتطهير كل بناء وكل حي على حدة ، وله قابلية على تنفيذ عمليات في التضاريس الحضرية .
للقضاء على داعش يجب أن يكون هناك تكامل مطلق بين نيران القوات الأرضية والوحدات الجوية ، مع الأخذ بنظر الاعتبار إن تنظيم داعش يمتلك دفاعات أرضية محمولة بإمكانها الحد من الدعم الجوي عند تحليق الطائرات بعلو وسرعة منخفضين ، والجميع يعلم أن الدعم الجوي ينحصر بيد الولايات المتحدة والتحالف الدولي ، لذلك صار لزاما أن تسمع الحكومة العراقية الرأي الأمريكي وتنفذه واستحال الدعم اللوجستي والعسكري ولمخابراتي والمالي والسياسي وخصوصا إنها جربت الضربات الأمريكية في معارك تحرير تكريت من قبضة داعش ، كما انه من غير المجدي أن يموت ابن الجنوب أو الوسط في الرمادي . ولماذا لا يموت ابن الرمادي في الحرب ضد داعش ومن اجل تحرير أرضه ، وحتى لا يتحدث احد عن التصرفات الطائفية والانتهاكات التي يُتهم بها الحشد الشعبي ، والابتعاد عن مهاترات التقسيم فالسنة أبناء هذا الوطن شاء من شاء وأبى من أبى ( وحالهم حال الشيعة ) فهم شركاء في الوطن ومقدراته ومن غير الممكن تجاهل وجودهم ، وهكذا مهاترات يقودها أيتام الولاية الثالثة لا قيمة لها ولا تأثير على القرار الأمريكي والدولي ومن شأنها أن تعمق الشرخ بين طوائف الشعب وهذا ما يريده داعش .
يقول احد أقطاب الماسونية : متفرقين نحن قطرات ، متحدين نحن محيط