23 ديسمبر، 2024 2:49 م

باب ماجاء في احتفالية الوزير !! (01)

باب ماجاء في احتفالية الوزير !! (01)

شـعَــــاع :

في أي مجال إبداعي/ فني/ ثقافي ؛ فالمبدع / الفنان القح ؛ دائما يسعى لتطوير عطائه وحضور ه والبحَـث عن إضافة نوعية ؛ في مجاله ؛ من أجل الحفاظ على شموخ شخصيته وعزة نـفسها ومؤمنا وواثقاً من رسالته الفنية / الجمالية / الفكرية : التي يُؤْمِن بها من أجل إسعاد الإنسان وتفعيل إنسانية ؛ كمكون فلسفي في علائقه وإبداعاته وتصوراته ، وترسيخها في الكينونة البشرية والمجتمعية ؛ عبر القنوات التي تبيح التأثير والتأثر والتواصل والتفاعل ؛بكل صدق وإخلاص .و بلا مساومات وبلا مقابل . لأن الفنان المبدع: ذاك المؤْمِن برسالة فنية سامية ؛ سواء أكانت قولا مجسدا في الأوراق والبحوث؛ أم فعلا في السلوك والممارسة الإبداعية ؛ هو القدوة ؛ مهما اختلفنا عن مفهومها ! والمدافع عن التعبير الحُــرِّ خارج المُـؤسسات الرسمية إذ بين القـول والفعل ، لا مناص من تجْسيد حقيقي لقضايا الإنسان وهموم المواطن، ولكن هناك من يستغل الظروف؛ ويلعب لعبة الوجه والقناع ؛بدهاء لا يتصوره العقـل ولا الإحْساس حتى ! بحيث يظهر أنه متمرد ومتنطع لأي قرار كيفما كان؛ وخاصة ذاك الذي فيه روائح الاستبداد ولعْـبة الكـَولسَة والزبونية حَـسب رأيه وبعض تصريحاته هنا أوهناك؛ وبالتالي يتمظهر أنه يمارس لغة الرفض للعديد من التجاوزات والممارسات الشططية والتي تنبع منها سياسة التهميش والإقصاء؛ وغالبا ما يقحم المرء ذاته في الموضوع ؛ بأنه مغبون ومضطهد؛ في العديد من المظاهر يركب على بعض الملابسات التي يعيشها الآخر ويستغلها لأغراضه كأنه في وضعية التهميش؟وما أكثر هؤلاء على هاته الشاكلة في العالم العربي ؛ الذين يستغلون الظروف؛ ومن خلالها يمارسون حكاية دموع التماسيح ! إذ يستفيدون جهة اليمين وما تحته ؛ ويشتكون وينوحون جهة اليسار وما فـوقه !
ومن المفارقات أن بعْـضا من هؤلاء ؛ والذين ساعَـدتهم ظروف الولاء السياسي؛ أو الانتماء الحزبي ؛ أو عـملية المصاهرة… أنهم حينما كانوا في موقع المسؤولية ؛ أو ما جاورها ثقافيا وفنيا ؛ ساهموا في إقصاء وتهميش العـديد من أصدقائهم في الميدان الإبداعي وهنالك شواهد ووقائع مدونة هناك وهنالك وموقعة بأسماء وازنة: قام النظام بالتضييق على كثير من المثقفين، لكن نحن يجب علينا أن نقول أنه في تلك الفترة مارس المثقفون نفس الدور على غيرهم وأيضاً تبنوا جوهر هذا الخطاب. بمعنى كل شخص كان لا يقول يا عمال العالم اتحدوا لم يكن له قيمة إبداعية. وكل من لا يقول كل فقير إنسان جيد وكل غني إنسان سيء كان أيضاً يمارس عليه نوع من الاضطهاد ونوع من التهميش. وكذلك إذا كنت تُعتبر من المثقفين الثوريين ودخلت في هذه القبيلة فيجب عليك أن تستمع إلى عبد الحليم سراً، وأم كلثوم سراً، لأنهم إذا عرفوا أنك تستمع إليهما؛ فأنت إذاً مثقف برجوازي صغير تافه. التاريخ له فائدة واحدة وليكن درسا مستفادا منه. يجب أن نَصف الحالة بحذافيرها، كيف كانت من زاوية السلطة وكيف كانت زاوية المثقفين والمعارضة. لقد مورس نوع من الترهيب ونوع من الاضطهاد على البعض. ما كان بوسع أحد أن يوجه الانتقاد لنص كتبه سعد الله ونوس مثلاً. كان انتقاد نصه بالنسبة لشريحة المثقفين الماسكين زمام النقد الأدبي يعادل النقد للزعيم السياسي في سوريا بالنسبة لرجال السلطة. الكل يمارس الترهيب والاضطهاد ضمن الإمكانيات المتاحة بين يديه (1) وهاته حقائق يعيشها كل قطر عربي ؛ بصيغ مختلفة؛ وأساليب متنوعة، حسب طبيعة البناء السياسي والإيديولوجي؛ فاستقراء لما تحمله الخريطة العربية ؛ نستشف يما من مثقف/ مبدع: تقلد منصب وزارة الثقافة أو الشباب أو الإعلام أو يمثل الوزارة كمندوب / وكيل أو مستشار لوزير الثقافية أو مدير الديوان…فالموقع في حـد ذاته ؛ يوهم بممارسة لعبة التعالي التي أصيبت بها الذهنية العربية ، كنوع من مخلفات جذر القبيلة او السلالة ؛ مما يحتدم الصراع بين الوزارة والمقصيين والمهمشين من المثقفين والمبدعين . لكن مقـْصيين مماذا ومـهمشين كيف ؟ : الرواد يعـيشون التهميش بكل ما للكلمة من معنى ومن العمق. تهميش مادي ومعنوي، تهميش على مستوى العروض والمهرجانات والدعم وخلافه من سبل إنتاج وبروز الأعمال المسرحية، لذلك لا يمكن للرواد المساهمة في إنقاذ المسرح المغربي الذي صار بين أيدي من يريدون إقصاءهم وتهميشهم ويمْعِنون في ذلك(2) الخلاصة أن عمق السؤال يمكن في الاستفادة ” المالية ” لا أقل ولا أكثر؛ ولاسيما أن المتمكن في ماهية منصب :وزير الثقافة في الدول العربية، وخصوصا محدودة الإمكانيات منها، منصب مظلوم. لا أحد يعرف بالضبط ما هو المطلوب من هذا المنصب. كُـل يفصله كما يرى أو مثلما يريد…. هل يستطيع الوزير المعين القيام بهذا الدور لأنه رسام أو فنان تشكيلي أوعازف آلة فلوت في أوركسترا المدينة، أم سياسي محترف يستطيع القيام بفعل التوازن بذكاء وموضوعية ؟ هـذا سؤال لم تتمكن الكثير من الحكومات العربية الرد عليه لأنها هي نفسها لا تعرف ماذا تريد من الثقافة (3) وإن كنا نقتنع بهذا الطرح ؛ لما للثقافة من دور ثانوي في الحَـياة المجتمعية العربية أو تلك العجَـــلة الخامِـسة في المركبة المجتمعـية ؛ وهـذا يكْـتشفه تـدني وضعْـف الميزانيات العامة لوزارة الثقافة ؛ في كل الأقطار العربية ؛ لا يمكن أن نغفل النزوع الذاتي للسلطة ؛ التي يمارسها بعض المسؤوليين عن الشأن الثقافي ؛ وإن كان المنصب: مرتبط بقرار سياسي وسيادي في نفس الوقْـت؛ إن كُـنا نؤمن بدولة المؤسسات؛ وإن اختلف حوله العديد من المحللين في مسألة اختيار الوزراء: فإن السياسيين يقولون ؛ هناك معايير متعددة ومتنوعة؛ ولكنها موجودة؛ أما أساتذة العلوم السياسية ؛ فيقولون إن هناك معايير؛ ولكنها ليست موضوعية تماما؛ وإنما هي ذاتية بأكـثر مما ينبغي من لـلذاتية أن تلعـب دورها في مثل هَـذا القَـرار المصيري) 4) فرغم هاته التحليلات التي اعتبرها شطحات فكرية؛ والتي لا تساهم في تشريح واقع المناصب ومدى ملاءمتها بالأشخاص وطبيعة سلوكهم؛ لأننا نغيب إيديولوجيا ( الذات)التي تتجاوز في كثير من الأحيان إيديولوجيا الحزب ”أو” النظام . وبالتالي لم يعد ذاك ( المسؤول) منضبطا لمنصبه الخـدماتي تجاه حاجيات الشعب. وهنا نسوق مثالا ؛ ليس غريبا ولكنه تجسيد لإيديولوجيا ( الذات):…حتى أصبح وزيرا للثقافة لم يسمح لأحد من كوادر الهيئة ان يمارس تخصصه, فشتتهم بل مزق كوادر وكفاءات الكتاب شر ممزق وصادر حقوقهم؛ ولهف مكافئاتهم وجردهم حتى من مكاتبهم . أما صفقاته في المتاجرة بالكتاب وطباعته, فتلك قضية أخرى مليئة بالقصص والحكايات المخجلة بين بيروت والقاهرة (5) هنا من المسؤول عن هـذا الشطط وفصوله المؤلمة للجسد الثقافي الذي تعيشه عدة دول عربية ؟ هل الوزير أم بطانته أم المداحين ومرتزقة الكتابة ؟ أم نتيجة للفـساد الإداري والسياسي ؟
حقيقة من الصعب الإمساك عن إجابة شافية ؛ نظرا لتداخل عـدة عوامل ومعْـطيات ؛ ولكن ما يمكن أن نركـزعَـليه كـفـَرضية ثابتـة . طبيعة العلاقة بين المثقف والمسؤول حـسب موقعه في إطار المسؤولية الثقافية ؛ سواء محليا أوجهِـويا أو طنينا ؛ تحمل عـدة خيوط متشابكة ومشاكل متعَـددة؛ بين الطرفين؛ وخاصة المعارضون للتصورات أو للتموقفات السياسية ؛ نتيجة للطرد والمنع والإقصاء أو اللامبالاة ؛ ويمكن أن نستخـلص هَـذا الوضع كالتالي : طردت «حظيرة الثقافة» الكثيرين ممن اختلفوا مع النظام الحاكم، أو مسؤولي الوزارة، من كل ما له علاقة بهيئاتها وأجهزتها وإدارتها وامتنعت عن نشر أعمالهم أو الوقوف إلى جانبهم في أوقات الشدة. ويبرز الكاتب والشاعر والمترجم والنقاد والممثل المسرحي «نجيب سرور»، باعتباره النموذج الصارخ على «سياسة الحظيرة»، فالرجل الذى كان على خلاف دائم مع النظام الحاكم وضيفاً دائماً فى المعتقلات . لم يجد من الوزارة إلا المنع والطرد حتى وفاته … وأثناء تولى يوسف السباعي وزارة الثقافة تعرض الكثير من المثقفين إلى المنع والطرد والنفي الاختياري. وكان من بين الذين تعرضوا لهذه الممارسات: الأديب بهاء طاهـر….فطرد من عمله ومُنعت كتاباته من النشر حتى اضطر فى النهاية إلى مغادرة البلاد … وفى نفس الفترة كان الناقد «رجاء النقاش» يتعرض لنفس الأسلوب أثناء عمله فى مجلة «الهلال» واضطر فى النهاية للسفر إلى قطر(6)

عـتبة ما جــــاء في الــباب :

سياق الشعاع تسليط بعض من الوضع في المجال الثقافي تسييرا وتدبيرا؛ وعلاقته المتشنجة بين مُـدبِّر الشأن الثقافي والفاعلين. ففي كل قطر عَـربي؛ دونما استثناء؛ صراعات واعتصامات وتصريحات نارية ضد ( وزير/ وزارة الثقافة) فانطلاقا من المسح الجغْـرافي لــبُـؤر الصِّراع فالقطر [[المصري]] نال الصدارة في هـذا الاحتدام ؛ مما ينم أن هنالك خللا ثقافيا ( ما ) أو هناك خلل في السياسة الثقافية عامة ؟ بحيث: تتصاعد الأزمة بين المثقفين ووزيرالثقافة في أكثر من باب ومجال، فيما أدت تصريحات الدكتور علاء عبد العزيز وزير الثقافة… حِـدة الصراع؛ حيث اتهم عبد العزيز المعتصمين بوزارة الثقافة أنهم ليسوا بمثقفين حقيقيين لأنهم منعـوه من الدخول إلى مكتبه ، وأنه على استعداد للحوار مع من هم مثقفين حقيقيين وليس مع هؤلاء، مما آثار غضب المثقفين المعتصمين، وأثار ضحك بعـضهم (7) فمن البدهي؛ أن الضحك هو الحوصلة النهائية؛ لطبيعة الصراع ؛ نظرا أنها لعبة المواقع وصراع المصالح ليس إلا؛ باعتبارأن مسؤولا (ما ) يوم كان خارجها؛ كان يندد ويصرح تصريحات نارية ضد الشأن الثقافي؛ ويأجج أفرادا وجماعات ضد ذاك المسؤول؛ ولربما يُـقـَوِّلـه ما غير موجود بالمرة من ممارسات أو سلوكات ( ما ) إذ الإشكالية الكبـرى في البنية الذهنية العربية ؛ إشكالية [ الأنا / حب التملك ] وفي سياق ما أشرنا إليه نجد: إن فكرة الاعتصام هـو جربها وأدلى بتصريح فيما سبق بأن الاعتصام داخل الوزارة أمر شَـرعـي ؛ عندما كان معتصما أثناء معْـركته مع الدكتور سامح مهران (8) هُـنا ألا يعْــدو بأن الأمر فيه استهتار بالمسؤولية أولا ! وبالمواقف الفكرية والثقافية التي كان عليها المثقف قبل أن يكـون مسؤولا ؟ ولربما تموقفات ( الوزير) لها مبرراتها؛ للحد من الفساد الثقافي أو ما شابهه .

لكن الأمر الأخطر؛ حينما يعيش المرء صراعا وهميا مع ( وزير) كان رئيسه ؛ أحاله على ( التقاعد) بعْـدما استفاد من وزارة الثقافة ما لم يستـفذه ( أي) وزير تقلد (ذاك) المنصب ؛ ولا شبهة سياسية له مع النظام ؛ بل خادم مطيع ؛ ولاسيما أنه بنى عَـرشه على ظهر [ وزارة الثقافة ] وأمسى منظرا / مسرحيا له شأنه في الساحة العَـربية ! من هاته الزاوية نتساءل : كيف يعقل أو نفـسر أن ينزل مُنظر مَـسرحي، للدرك الأسفل من الهزيمة والانكسار؛ حينما لم يعـد موجودا في طاقم الوزارة ؟ ولم تعـد نصوصه تستفيد من الدعم المسرحي؟ فمنذ إحالته على التقاعـد الوظيفي ( هُـوَ ) بالصراخ والولولة على منشود مفقود ؟ وكل من مسَّ (الفنكوشية/ الإحتفالية) قراءة أو إشارة لا تروق مزاجه ؛ إلا ويُتـَّهم أنه من بطانة ( الوزير) ومحرضه وتابع له ! وفي هـذا الباب إذ يبدو لنا أن صاحبنا أصيب بالاكتئاب ؛ وكـل مشاعره مصابة بالقلق والحزن والتشاؤم والذنب ! ولكن في واقع الأمر؛ تلك مجرد ألاعيب تمارس عبر الخطاب؛ المنفصل عن السلوك؛ لأن المكتئب غالبا ما يشعـربانعدام أية رغبة في الحياة. لكن الظاهر أن صاحب ( الإحتفالية ) يمارس ( الإهتبالية) وهـو أشد المتمسكين بالحياة. وهـذا حقه وحَـق غيره ؛ ولكن لماذا التصنع واستِـدرارالاستعطاف والبحث عن المآزرة ؛ هذا إن كان للإحتفالية – جـوقـة – ؟ هنا يفرض علينا أن نقتحم باب ما جاء في احتفالية الوزير؛ لكي نفهم أكثـر نوعية الصراع الوهمي الذي خلقه بين المسرحي ( عبد الكريم برشيد ) والوزير !!

يـــتــبـــــع

الإحــــــــالات :

1) مجلة مقاربات حوار مع الفنان جمال سليمان أجراه: ناصر الغزالي 2007
2 ) مع الفنان محمد خـدي: جريدة العلم المغربية في 8/07/2017.حاورته حكيمة الوردي
3) لا تظلموا المثقفين ولا يظلمون وزراء الثقافة مجلة الجديد بقلم هيثم الزبيدي01/02/2018
4) كيف أصبحوا وزراء: لمحمد الجـوادي – ص 8 مطبعة دار الخيال ط1 /2003
5) الوزير المثقف..عنترشايل سيفه : بقلم/ سالم محمود ناشر لموقع – شهارة نت ( اليمن ) في– 2017-03-27
6) «حظيرة الثقافة»..« ظل الحكومة»: كتبه : أحمد الهواري لصحيفة المصري اليوم في- 12/06/2013
7) تصاعد معركة المثقفين والوزير.. كتبه: بلال رمضان و ياسر أبو جامع وعبد الوهاب الجندي في
صحيفة اليوم السابع المصري في/ 07/06/2013
8) نــفـســــــه