تتصاعد حدة التوتر بين الادارة الامريکية الجديدة و بين نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية و تتخذ أبعادا أکثر حدة و جدية بما يوحي من إن هذا التوتر لن يکون بمثابة حالة طارئة وانما وضع قد يدوم و قد ينجم عنه الکثير من النتائج و التداعيات، ومن جانب آخر، فإن هناك تراجعا في الدور الايراني في سوريا بل وحتى إقليميا بعد التفاهمات الجديدة الامريکية ـ الروسية ـ الترکية و التي جرت کلها على حساب الدور الايراني.
تراجع الدور الايراني على أکثر من صعيد، يتزامن مع تفاقم الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية بل وحتى الامنية الايرانية ولاسيما على الصعيد الداخلي و توالي تصريحات من جانب مسٶولين إيرانيين بشأن تزايد نسبة الفقر و المجاعة بين صفوف الشعب الايراني حيث کان آخرها الاعتراف بوجود 45 مليون مواطن إيراني لايجدون مايسدون به رمقهم، وکل هذا يجري في ظلال تجديد العقوبات الدولية الامريکية و الاوربية وهو ماترك و يترك تأثيرات بالغة السلبية ليس على الاقتصاد الايراني فحسب وانما مختلف الاوضاع في إيران.
تزايد عدد الادانات الدولية الموجهة لإيران و وجود الکثير من المٶشرات و البوادر التي تلمح الى تصاعدها مستقبلا، خصوصا وإن هناك مشاريع قرارات بالغة الخطورة من حيث تأثيرها على النظام في إيران ولعل أهمها مشروع القرار الذي تم صياغته من قبل نواب أمريکيين و يدعو الى إدانة النظام لإرتکابه مجزرة صيف عام 1988 بحق 30 ألف سجينا سياسيا إيرانيا من أعضاء و أنصار منظمة مجاهدي خلق و الدعوة لمحاکمة المسٶولين عن إرتکابها، الى جانب صدور تصريحات و مواقف من جانب مسٶولين أمريکيين بارزين تشدد على إن إيران أکبر دولة راعية للإرهاب في العالم، وکل هذا يوحي بأن هناك مستقبل محفوف بالمخاطر ينتظر النظام في إيران في ظل الاوضاع الدولية الجديدة، خصوصا وإن العديد من الدول ليست مستعدة کي تضحي من أجل هذا النظام على حساب مصالحها القومية وانما تسعى للإستفادة منه کورقة تلعبها و تستخدمها من أجل مصالحها نظير روسيا التي هناك الکثير من المٶشرات التي تدل على ذلك.
في ظل کل هذه التطورات و المستجدات، فإن الذي يبدو واضحا جدا هو إنه من المتوقع أن نشهد المزيد من إغلاق الابواب الاقليمية و الدولية بوجه إيران و تزايد عزلتها أکثر فأکثر، وإن موسم نأي الدول بنفسها عن إيران قد باتت ملامحه واضحة للعيان، لکن الذي يبدو أکثر وضوحا في العراق و بناءا على حالة الاصطفاف السياسي و الاوضاع المختلفة فيه، إن باب العراق لايمکن أن يغلق بوجه النظام الايراني إطلاقا في ظل الاوضاع العراقية الحالية و التي هي حصيلة إمتداد ل14 عاما من تغلغل النفوذ المشبوه لهذا النظام في مختلف مفاصل الدولة العراقية و عدم وجود أي تحرك أو نشاط وطني عراقي جدي من أجل فك إرتباط العراق بسرطان النفوذ الايراني حيث إن التطورات المستقبلية قد تشهد أوضاعا بالغة الخطورة بالنسبة لإيران و ستنعکس بالضرورة على أي بلد يعتبر عمقا لهذا النظام کما هو الحال مع العراق.