22 ديسمبر، 2024 8:59 ص

باب الشيخ حافلة التاريخ …ج18 معالم وآثار

باب الشيخ حافلة التاريخ …ج18 معالم وآثار

لطالما اشتهرت بغداد بأحيائها وشوارعها التاريخية العريقة بكل ماهو جميل ولازالت تعكس لنا في كل خطوة صورة وعلى كل جدار مَعلم، فلا شارع ولا زُقاق ببغداد إلا وله حكايات يعود تاريخها لعشرات بل مئات العقود ، والتي كانت دائمًا تحظى بأهمية ومكانة بين مدن العراق بشكلٍ خاص والمدن العربية والإسلامية بشكلٍ عام، فمدينة بغداد أُسست لتكون دار الخلافة الإسلامية؛ حيث أختارها أبو جعفر المنصور في القرن الثاني الهجري والثامن الميلادي ليُثبت فيها أركان دولته، وتكون منها نقطة الانطلاق في توسيع حدود الدولة العباسية، وبقيت بغداد رغم ما توصلت له الدولة العباسية من فتوحات مقراً لخلافة المختار من بني عباس، وحتى بعد أن بعُدت الخلافة عن بغداد بقيت للجميع واحدة من أهم بقاع العالم الإسلامي وطرف هام في جميع الأحداث المثارة فيه، مما جعل من بغداد مسرحاً يفتح ستائره لكل زائر؛ ليُريه من فصول وعجائب تاريخ طويل شهدته وشهدت عليه،.لقد ذكرنا سابقاً بأن منطقة باب الشيخ تحتفظ بمكانتها الكبيرة بالعاصمة وبين جميع الأماكن التاريخية والدينية حول العالم، فلا ينقطع الزوار بالتوافد من كل مكان على الحضرة القادرية، كما تعتبر المحلة خاصة بالحضرة وقرب ضريح الجيلاني وملاذاً للفقراء والمحتاجين الذين يحصلون على المساعدة والعون من زوار الشيخ والقائمين على الحضرة والضريح وقد طتب على قبره الابيات التالية والمنسب له :

سقاني الحب كاسات الوصال فقلـت لخمرتي نحـوي تعالـي

سعت ومشت لنحوي في كؤوس فهمت بسكرتي بيـن المـالـي

وقـلت لسـائر الاقـطــاب لموا بحـانـي ادخـلـوا انتـم رجـالي.

تتميز المنطقة بكونها تشتهر بالكثير من المدارس الدينية مراقد واضرحة الكثير من الأئمة الأجلاء والمنطقة لها مكانة عرفانية بكونها هي جزء قريب من مرقد الجليل الشيخ عبد القادر الكيلاني الذي ينسب إلى ال البيت عليهم السلام ويقرب منه ضريح الشيخ الخلاني “محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي المعروف بـالخلاني المُكنَّى بأبي جعفر العسكري هو السفير الثاني للامام المهدي علية السلام وابن السفير الأول للإمام الثاني عشر للشيعة الإمامية، استلم السفارة بعد وفاة أبيه عثمان بن سعيد رضوان الله تعالى عليهم ولهم مكانة كبيرة عند المسلمين بصورة عامة وخاصة الطائفة الشيعية . ويكثر المؤلفون الى أن عبد القادر الجيلاني، صاحب الطريقة القادرية ، وهو عبد القادر بن موسى، المعروف بالشيخ عبد القادر الجيلاني أو الجيلي. ولد سنة (470 هـ – 1077م) بجيلان جنوب بحر قزوين، وهي منطقة في بلاد فارس. ويعتبر الصوفيون أن الجيلاني هو أول من نادى بالطرق الصوفية وأسسها في سنة 488هـ (1095م وكانت الرفاعية هي ثاني طريقة، وتلت هذه الطريقة المولوية المنسوبة إلى الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي … وتنتشر في العالم اليوم مئات الطرق، إضافة إلى طرق كثيرة اندثرت، وقد أحصى مؤلف “الموسوعة الصوفية” أسماء 300 طريقة صوفية في عدد بسيط من الدول الإسلامية، ناهيك عن الدول الأخرى،”ويمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها، حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي، فظهرت الطريقة القادرية … كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن أبي الحسين الرفاعي (ت 540هـ).. لذلك اشتهرت بطرق الدروشة وهي شكل من أشكال الأداء الاسلامي والتي تنجذب الى الزهد والابتعاد عن كل الأشكال المادية في الحياة، في معظم الروايات التاريخية عرف الصوفية على انهم اشخاص يتعلمون دينهم وتطلعاتهم من خلال قربهم الى الله. وروادها من الصوفية وهي أولى درجات الترقي في التطور الروحي. والدراويش الصوفيون هم زهاد اتخذوا باباً للتدرب على البساطة والتواضع والابتعاد عن التملك المادي. ومن شروط نجاحهم أن لا يتسولوا لأنفسهم أو لأغراض ذاتية وعليهم التبرع بكل ما يحصِلونَهُ إلي فقراء أخرين. ومنهم من يعملون بمهن محددة. ويقال اعتمدت الدروشة القادرية والكزنزانية والنقشبندية والرفاعية والمولوية والبكتاشية و السنوسية…الخ. وجميعهم ينسبونه سلسلة من الشيوخ والقديسين والمعلمين الذين يرجعون إما إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أو أبو بكر الصديق ( رض) ، ويرجع تاريخهم بالطقوس التي يقومون بها الى 700 عام، يقومون بأداء بعض الراقصات الصوفية التي تجعلهم يتحركون بإيقاع معين، ويهتفون كلمة واحدة، الله، يسعى الدراويش الصالحين منهم إلى أن تكون كل ارواحهم واجسادهم وانفاسهم مع الله و يصلي المنتسب أو المريد ركعتين نفلاً، ويقرأ الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم وإخوانه المرسلين والنبيين. وبعد الصلاة وقراءة الفاتحة يجلس المريد بين يدي الشيخ، ملصقاً ركبته اليمنى بيد الشيخ اليمنى، الذي يلقنه الاستغفار، وصيغته: “استغفر الله العظيم الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم وأتوب إليه، وأشهد الله وملائكته ورسله وأنبياءه بأني تائب لله منيب إليه، وأن الطاعة تجمعنا، وأن المعصية تفرقنا، وأن العهد عهد رسوله

وقد تاسست الكثير من التكايا وتختلف أحجامها وأشكالها تبعاً لأهمية الشيخ وعدد أتباعه وحاجات الطريقة التي يرأسها، لكن التصميم بشكل عام كان يلبي احتياجات الحياة ، وتتميز بالرقص الصوفي الدائري (صار يطلق عليه “مولوية”؛ نسبة لأشهر الطرق الصوفية و تُشيّد في أول الأمر بالجهود التطوعية ومساعدة بعض الممولين الأغنياء، وذلك قبل أن تتبنى الدولة العناية بها وإنشائها وسببت في انحراف اجزاء منهم ، وكانت لهم في أول الأمر مبانيَ متواضعة ليست لها عمارة خاصة يشار إليها. ويطلق على التكايا الضخمة اسم “أستانة التي تزوال فيها الدروشة وخاصة في مرقد الشيخ الكيلاني حيث كانت في وسط الحضرة مرتفع يصعد إليه المصلون أيام الصيف للصلاة تحت برج الساعة وهي ساعة فاخرة ذات وجهين، تدق كل ساعة وكل نصف ساعة. أُهدت من مسلمي الهند إلى الحضرة القادرية، وشيد لها برجاً يبلغ ارتفاعه 30 متراً اكتمل تشيده عام 1334 هجريًا/ 1915 ميلاديًا، وذلك في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، ولكن مع عوامل الزمن تعطلت الساعة بالبرج وتم تغييرها بأخرى وهي القائمة حتى الآن ، ومتى ما انتهى الصلاة تبدأ المجموعات من الدراويش لتكون دائرة وتبدأ بذكر الباري عز و يقرأوون التواشيح وقصائد مدح الرسول واله على ايقاع الدفوف، وذلك هناك تكايا قريبة من الضريح مثل تكية السيد علي البندنيجي الواقعة في فضوةعرب بناها الشيخ علي البندنيجي ولما توفي عام 1186هـ دفن فيها في حجرة مجاورة للمصلى ، وتقام فيها الأذكار كل يوم الخميس بعد صلاة المغرب، وتقع التكية في جانب الرصافة من بغداد، في محلة باب الشيخ في نهاية محلة فضوة عرب قرب جامع الشيخ عبد القادر الجيلاني، وهي عبارة عن بنيان واسع فيهِ قبة كبيرة ومدخلهُ باب كبيرة، وفيها مرقد الشيخ صفاء الدين عيسى بن موسى جلال الدين بن جعفر البندنيجي الذي كان عالم دين صوفي المذهب ومرشد في الطريقة الصوفية النقشبندية وكان يقيم في التكية ويدرس ويرشد فيها وقد تحدثنا سابقاً عنها و التكية القادرية وتكية شيخ معروف قرب مسجد سراج الدين وتكية شيخ الحلقة و تكية بيت الطيارو تكية السيد زين الدين القادري في محلة سراج الدين وتكية ابو خمرة في شارع الكيلاني وتكية النقيب وعقد تكية البكري،وبالاساس الحقت بالتكايا مكاتب لتعليم الاولاد القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكـريم وقد شيدت معظم التكايا على طراز البيوت السكنية، او انها كانـت بيوتـاً سـكنية ، وصى اصحابها ان يدفنوا فيها بعد مماتهم وتصبح ربطـاً لاصـحاب الطـرق ، هناك مقبرة الغزالي وهي من المقابر القديمة الواقعة في جانب الرصافة من بغداد، وهي بالقرب من محلة باب الشيخ من جهة الخارج، وتقع الآن على الشارع العام المعروف بشارع الشيخ عمر، قرب المقبرة الوردية.ومقبرة الغزالي تضم قبة فيها مرقد يعرف بمرقد الغزالي، وجاء ذكر الغزالي المذكور في هذه المقبرة في وقفية سلاحدار حسين باشا عام 1186 هـ/1772م، ولم يعرف من هو صاحب هذا القبر، وشرق هذه المقبرة عدة مراقد متصلة بمقام الشيخ عبد القادر الجيلاني، باتصال سور بغداد تخص آل الخضيري وآل الدركزنلي وآل الشيخلي وآل الجوربه جي وآل الباجه جي وآل الأورفلي وقت احدثت سدة ترابية على طرف منها لتحمي بغداد من الغرق وسميت السدة الشرقية وألان أكثر امناً لقلة المياه الواردة الى نهر دجلة اثر تأسيس السدود في الدول المجاورة وقللت من تدفق المياه على هذا النهر العظيم . وتحول قسم منها في السابق الى ترع من المياه الراكدة سميت النزيزة او شطيط وسكنت حولها عوائل رحلوا من المحافظات المختلفة وخاصة الجنوبية وتغيرت هذه المنطقة خلال السنوات الماضية وفتحت الشوارع وانتقلت لها وزارات مهمة مثل وزارة النفط والداخلية ومحاكم الاستئناف واسست محلات ومخازن وبيوت حديثة تسكنها العوائل الكريمة،،،يتبع