حين يُقال إنّ هذا أو ذاك هو”أكبر مشروع استثماري” في محافظتك، ينصرف ذهنك مباشرة الى مصنع للآلات والعُدد الثقيلة أو مصنع للمنتجات النفطية والغازية في بلد يعوم على بحر من النفط والغاز، أو أقلّه للملابس، أو مشروع زراعي أو سياحي أو مشروع طرق وجسور … وهذا كلّه ممّا يعوزه الكثير من محافظاتنا.
لكنّها صدمة حقيقية أن تقرأ خبراً يفيدك بأن “أكبر المشاريع الاستثمارية في محافظة بابل” هو معمل للعصائر والمشروبات الغازية (الكازوز)!! .. نعم، لا خطأ في هذا، والمعمل اسمه “الواحة”، الذي أعلنت هيئة استثمار بابل أن أعمال توسعته (زيادة خطوطه الإنتاجية) قد بدأت وأن كلفة هذه الأعمال ستبلغ 40 مليون دولار. لا استهانة بالمشروبات الغازية والعصائر وصناعتها … أيام زمان كان معمل شركة كوكا كولا في الحلة من أشهر المعامل في البلاد، وكان إنتاجه متميّزاً، ويُصدّر الى بلدان الجوار، لكنّ المحافظة لم تحبس نفسها في إطار هذه الصناعة. في السبعينيات من القرن الماضي نشأت مصانع كبرى (قطاع عام) للمكائن الزراعية والسيارات (في الإسكندرية) والنسيج ( في الحلة)، فضلاً عن مشاريع صناعية أخرى وزراعية وإروائية وسياحية. وكان من المفروض أن تُعاد الحياة الى تلك المشاريع الكبيرة ومنها مصنع الإسكندرية للسيارات والشاحنات، ويجري تطويرها لتحسين إنتاجها وزيادة كميته، فالصناعة الحقيقية المجدية والمجزية هي الصناعة الثقيلة.
نعرف أن بابل من المحافظات المنكوبة في عهد النظام السابق، بعد الانتفاضة، وفي العهد الحالي أيضاً، فمن سوء حظّها وحظّ شعبها أن مقاليد الأمور فيها تولّاها العديد من المسؤولين الفاسدين الذين حمتهم أحزابهم المتنفّذة (إسلامية في الغالب) وحالت دون فتح ملفات فسادهم، أو أنهم استفادوا من قانون العفو العام سيّئ الصيت الذي انتهى الى أن يُكلّل بالغار كبار مسؤولي المحافظة الفاسدين بدل أن ينالوا العقاب الحازم والصارم الذي يستحقون، مثلما كُلّل بالغار في مقابلهم مجرمون إرهابيون صُمِّم القانون على قياسهم وقياس الفاسدين، ليصبح الفاسدون والقتلة الإرهابيون سادة في ظلّ النظام الجديد، فيما العديد من الوطنيين النزيهين الأكفاء ملاحقون بالتهم الملفّقة أو الكيدية الباطلة، أو بالتمييز والتهميش !!
إنه حكم الإسلام … السياسي!