23 ديسمبر، 2024 9:53 ص

بابا داعش وماما اسرائيل

بابا داعش وماما اسرائيل

جرى الهجوم على صحيفة شارلي ابدو في باريس بتاريخ 7-1، وبعده بيومين أي بتاريخ 9-1 حدث هجوم آخر على متجر لليهود تم فيه إحتجاز رهائن ومقتل أربعة منهم. وكان لهذا الحدث الأخير وقعا لايختلف عن حادث شارلي ابدو سواءا في وسائل الاعلام أو في تصريحات السياسيين. أما فرنسا فقد بذلت كل ماتستطيعه لتطمين اليهود حيث شارك رئيس وزراء فرنسا في تأبين الضحايا اليهود وحضر بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الجنازات وكانت فرصة لنتنياهو لإتهام الإسلام بالإرهاب والدعوة لهجرة اليهود لإسرائيل وقال مخاطبًا يهود فرنسا: “إسرائيل هي وطنكم”.
قبل ذلك، كانت فرنسا قد بادرت بمشروع يهدف لقيام دولة فلسطينية حيث صوت برلمانها لصالح دعوة الحكومة للاعتراف بالدولة الفلسطينية وعملت على استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يقضي باستئناف مفاوضات السلام واختتامها في غضون عامين. ومن ناحيتها، عارضت إسرائيل بشدة التحرك الفرنسي، ووصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخطوة بأنها “خطأ جسيم”. وكان الفلسطينيون وزعوا -بدعم من الجامعة العربية نهاية سبتمبر/أيلول الماضي- مشروع قرار يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في موعد أقصاه نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
كل هذه الاحداث لم تردع اسرائيل بل دفعتها للاستمرار ببناء المستوطنات على الأراضي التي يريد الفلسطينيون إقامة دولتهم، الامر الذي سبب خيبة أمل للدول الاوربية التي أيد معظمها المشروع الفرنسي الذي أثمر عن الاعتراف بالدولة الفسطينية (اعتراف رمزي) من قبل العديد من الدول الاوربية.
فهل كان من قبيل الصدفة أن تولد داعش وتتوزع أذرعتها كإخطبوط في بعض البلدان العربية صاحبة القرار و القريبة من حدود إسرائيل ومع ذلك لا تتجرأ على الإقتراب من الطفلة المدللة للغرب، رغم إن إسرائيل الاقرب لحدود سوريا المخترقة من قبل داعش. والغريب إن القاعدة رفعت شعار تحرير القدس من ضمن شعاراتها العديدة، أما داعش فلم نسمع في أدبياتها أو إعلامها مايشير الى الدفاع عن القدس أو استرجاعها، بل إن دور داعش فقط كان في نشر التشدد الذي كان سببا في الهجمات التي طالت اليهود في فرنسا لتثبت بذلك إن الاسلام دين الارهاب وإن اليهود هم شعب الله الفقير المضطهد الذي يستحق الدفاع عنه ضد وحشية التطرف الاسلامي، ولضمان سلامتهم يجب أن يهاجروا الى اسرائيل، وهذا لايشمل يهود فرنسا فقط بل كل يهود العالم الذين وجه اليهم نتيناهو دعوتهم ليناموا بأمان في حضن ماما إسرائيل، وبذلك تتوسع المستوطنات في دولة اسرائيل لتقطع كل سبل السلام وامكانية وجود أي دولة فلسطينية.
فهل إستحقت فرنسا العقاب إذن، أم إن حادثة شارلي ابدو كانت (جرة إذن) لها ولأي دولة اوربية تحاول المساس بمصالح اسرائيل؟ فكان على فرنسا أن تعي الدرس بأن وقوفها مع الفلسطينين سيكلفها غاليا وإن العالم، كل العالم يجب أن ينحني لدولة إسرائيل ويخضع لمصالحها؟
وهكذا يضطر العالم، كل العالم للوقوف بوجه الارهاب المتمثل بكل أنواع التطرف، الذي صار بدوره  (بابا داعش) لتنتهي الحلقة ب (الاسلام) الذي كان منذ انبثاقه ومازال مصدر تهديد لليهود.
[email protected]