18 ديسمبر، 2024 10:00 م

” بائعة العلك” تبحث عن طفولتها و حلمها الضائع

” بائعة العلك” تبحث عن طفولتها و حلمها الضائع

“فاطمة اليتيمة أبنت العشر سنوات كاريزما الطفولة العراقية الضائعة”
قسوة الزمن والفساد كانت عادلة بشريعة الغاب, وزعت ظلمها وجبروتها على جميع الأعمار,لم تستثني الطفولة والبراءة ,فكان لفاطمة الحظ العاثر بهذه المساجلة,دخلت باستحياء كأنها ملاك تمشي الهوينى, جلباب اسود متهرئ,وجه ندي سومري يشع بالبراءة,والنقاء, فتاة في ربيعها العاشر ,تحمل علبة من العلك,أشارة الى حمل المسؤولية بوقت مبكر,دخلت مبكرة الى المتحف المتجول الثقافي تبحث عن حلمها الضائع, عسى ان ينصفها الزمن وتحصل بأقل ما يستحقه الإنسان.

جذب انتباهي دخول “بائعة علك” في الساعة الأولى , الأطفال بائعي “العلك” و”الحلوى” والمياه” يدخلون المتحف في ساعات الذروة والزحام, فتاة سمراء لم تبلغ الحلم بعد تحمل علبة علك كسرت الأسلوبية ,دخول بلهفه تتنقل مثل طائر نورس جائع ,باحث عن طعام , تتنقل بشغف بين ثنايا اللوحات والرسم, تطيل النظر في اللوحات التي تحمل الجمال والزهور والصباحات والمناظر الجميلة تتفحص مثل ناقد تشكيلي يبحث عن معالم الألوان والتفاصيل, شد حضورها المبكر وتبصرها انتباهي, حاورتها عن اسمها وعن وضعها الاجتماعي , قالت بصوت منكسر خرج من بين شفتين سرق البرد لونهما الوردي ,ونظرات ناعسة مثقلة بالتعب,اسمي فاطمة وعمري عشر سنوات, أمي توفيت وتركت طفلين اصغر مني وأبي مريض يبع الماء في الناحية الأخرى من جسر الشهداء, وانأ أساعده,هل تحبين ان ترسمي شيا, بسرعة البرق قالت نعم وتوقفت ,وقالت ,لكن, العلك كيف أبيعه, أبي وإخوتي الصغار ينتظروني,(محاورة مدمرة بعثرت كل فقرات البرنامج المعد ليوم الجمعة 12\كانون الاول \2017 ,وفرت لها ورقة بيضاء مثل براءتها وقلم, وهيئت لها مكان وطلبت من الرسام الكبير,( “عادل الزيادي” ان يتبنى توجيهها,فهي رسالتنا التي طالما أكد عليها مؤسس المتحف الأستاذ “هاشم طراد بتبني أبناء الشهداء والفقراء), قالت بصوت منكسر وعبرات امتزجت بين الفرح والخوف, وبراءة الطفولة المسلوبة بسبب الفساد وسرقة حقها ,” (أستاذ والعلج شلونا بيعه؟), الله كريم ابنتي , ارسمي , مسكت القلم واستدعت كل الأشياء الجميلة التي تحلم بها,و التي حرمت منها, وأسقطتها بلهفة على الورقة,مثل شخص حرم من الطعام عدة أيام ثم قدمت له وجبة دسمة , رسمت الورد والبط والسماء وأطفال يلعبون ” لم ترسم العنف, الكل تابع المشهد عن كثب, جاءت لحظة الحسم, لملمت كل جوارحي ورباطة الجأش” وطلبت بصوت عالي من الزوار الكرام قراءة المشهد الإنساني, “سادتي من منكم يرضى لابنته ان تبيع “العلك” وتبحث عن حلمها الضائع في دهاليز الظلم, من يقبل ان يترك ابنته بين الذئاب تتنقل, هذه فاطمة أبنت العراق الغني أبنت العشر سنوات يتيمة الأم, أبيها رجل معاق يبع الماء ,هي بيننا ألان تحقق حلمها المؤقت ,ماذا عن غدا وماذا عن مئات الأطفال المشردين في الشوارع ,ماذا لو ضاعت فاطمة لا سامح الله,كلنا مسئولون, وماذا عن صمت الجهات ذات العلاقة, ماذا عن دورنا كمثقفين ومجتمع, أرجوكم صوروها عسى أن يقع احد الأفلام والصور أمام ضمير يحمل ذرة من الإنسانية, يستفزه المشهد ,الصمت كان سيد الموقف, والدموع كانت كلمة الفصل , الكل اشترى علك فاطمة وبأثمان عالية , لكن من يشتري لها الحرية المسلوبة ويحقق لها الحلم الذي تبحث عنه, فاطمة كاريزما الطفولة العراقية الضائعة في ضجيج المناكفات والبحث عن الكراسي.