جاءت خطوة الدول العربية بتشكيل التحالف العربي و من بعده التحالف الإسلامي كردة فعل على التوغل الإيراني في المنطقة متأخرة جدا لا تتناسب وحجم ما حققته ايران من نفوذ أصبح يهدد تلك البلدان و خصوصا دول الخليج في عقر دارها و بشكل معلن على لسان المسئولين الإيرانيين و قيادات المليشيات المرتبطة بإيران . و إن السبب الرئيسي لسرعة انتشار النفوذ الإيراني في المنطقة و تهديده المباشر لدولها هو تخلي تلك الدول عن نصرة العراق و شعبه في مرحلة ما بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003. فالمعلوم أن ايران و بكل ما تمتلكه من قوة بشرية و عسكرية لم تكن تشكل أي خطر مباشر و واضح على المنطقة و دولها و لم يكن لها أي نفوذ يذكر عدا نفوذها في لبنان من خلال حزب الله و الذي هو الآخر لم يكن يشكل أي تهديد كونه منشغلا فقط إعلاميا و عسكريا في جبهة الجنوب مع إسرائيل . لكن عملية تغيير النظام في العراق على يد الاحتلال الأمريكي في عام 2003 و تخلي الدول العربية و تحديدا دول الخليج المجاورة للعراق عن دعم العراق و شعبه جعل العراق ساحة مفتوحة لإيران و مليشياتها و أحزابها المرتبطة بها لتشكيل هلالها الذي أشار إليه العاهل الأردني قبل سنوات و المتمثل بإيران – العراق – سوريا – لبنان و كما أشار إلى ذلك المرجع العراقي الصرخي الحسني في معرض إجابته على سؤال وجه له بتاريخ 8/3/2016 حول رؤيته للإحداث في المنطقة و مستقبلها بقوله (( .. لقد أضاعت دول الخليج والمنطقة الفرص الكثيرة الممكنة لدفع المخاطر عن دولهم وأنظمتهم وبأقل الخسائر والأثمان من خلال نصرة العراق وشعبه المظلوم!!! لكن مع الأسف لم يجدْ العراق مَن يعينُه، بل كانت ولازالتْ الدول واقفة وسائرة مع مشاريع تمزيق وتدمير العراق وداعمة لسرّاقه وأعدائه في الداخل والخارج، من حيث تعلم أو لا تعلم…)) . ويكمن الخطأ الاستراتيجي للدول العربية وخاصة دول الخليج هو ترك العراق وحيدا يواجه الإخطبوط الإيراني والبقاء متفرجين وعلى التل وهم يرون بأم أعينهم كيف أن العراق يدخل النفق الإيراني المظلم بعد الاحتلال الأمريكي .لكنه و بنفس الوقت يبدو أن دول الخليج كانت فقط متفقة مع أمريكا على نقطة إسقاط نظام صدام فقط و لم يكن لها أي رؤية أو دور حول شكل النظام و آلية تشكيله بعد الإسقاط رغم علمها أن مشروع أمريكا في العراق هو مشروع الديمقراطية و صندوق الاقتراع الذي سيفرز أغلبية سياسية ذات صبغة مذهبية موالية لإيران تحت تأثير طائفي و بتوجيه المرجعيات الأعجمية في العراق و على رأسها السيستاني و هو ما حصل بالفعل و جعل العراق سياسيا و اجتماعيا و عسكريا و دينيا خاضعا لإيران و بوابة لتهديد الدول الخليجية و العربية خصوصا أن مليشيات ايران هي الأخرى خرجت من إطارها المحلي و بدأت تحركاتها تنتشر في عموم المنطقة بشكل مباشر كما في العراق و سوريا و لبنان و اليمن أو بشكل خلايا نائمة كما في الخليج و مصر و المغرب العربي . ومع كل ذلك فانه لازالت الفرصة قائمة أمام الدول العربية و الإسلامية لمعالجة الخطأ و إيقاف النفوذ الإيراني و استعادة العراق من ايران من خلال اتخاذ التحالف الإسلامي و بالتنسيق مع التحالف الدولي و أوربا و المنظمات الدولية لخطوات ميدانية سريعة لحسم الموقف في سوريا و العراق و تحجيم دور ايران ومليشياتها و إن أي تأخر يعني ضياع الفرصة و استحكام الخطر الإيراني .