مجزرة قاعة الخلد، التي إرتكبها صدام حسين، بحق رفاق النضال، ممن توسم فيهم قوة المنافسة، حال إستيلائه على السلطة 1979 نبوءة بما آلت إليه حاله يوم الإعدام 30 كانون الاول 2006 فالحكم المعمد بالدم ينتهي بالمشنقة “بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين”.
إعدام كيفي.. في الباحة الخلفية للقاعة، على أيدي حمايته الشخصية، شكل صورة الدولة المقبلة.. قائد عصابة يقتل وفق رؤى تستشف الآتي من مصالحه الشخصية، وتحولت مصلحته هو الى قانون يسير العراق بموجبه “أنا الدولة.. أنا صدام حسين الجمهورية”.
لا نختلف على أن آفة السلطة القتل، منذ أول عرش بدائي نصب وسط متاهات غابة مجهولة، إستحوذ فيها الأقوى على الضعفاء، يسخرهم لخدمة نزواته؛ بإعتباره شيخ قبيلة مطاع… ونتفق على أن هذا المنطق سياق همجي تلاشى في ظل التسارع الحضاري الذي يشهده العالم، بإنتظار سقوط آخر الديكتاتوريات؛ كي لا تظل ثقافة الانتقام سائدة، تبسط سطوتها على جبروت الحاكم تثلم رفعة الفروسية التي يجب ان يتحلى بها.. تسامحا مع شعبه.
مصطلح الدولة يعرف في قاموس علم السياسة، بثلاثية.. الشعب والارض والسيادة، بغياب واحدة من الاثافي التي يرتكز عليها القدر؛ يسقط منكفئاً… فلا يصادر الرئيس شعبه؛ كي يثبت قدر الدولة على ثلاثة، ولا يفرط بأرضه سافحا كرامة الوطن، كي لا تنكفئ البلاد ساكبة الثروات، يتشربها سبخ الارض.
توجب فروسية الزعيم الا يقطع الارزاق أو يحارب الشرفاء أو يهين علمية المهنيين.. علماء الأمة كل في ميدانه، بل يتفهم معاناة شعبه.. فردا.. فردا.. من رضيع في القمائط الى شيخ بلغ من العمر عتياً.
لذا نتمنى من دولة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ترجيح مصلحة البلد على مواقفه الشخصية ممن خالفوه الرأي في زمن ما سابق.. قبل الرئاسة او حتى أثناءها.
لأن كل مرحلة في حياة الفرد والمجتمع، لها متطلبات نمطية مغايرة في أداء الواجبات وإستيفاء الحقوق.. تلك حتمية وجودية، على من يريد الإتساق مع قدره أن يلتزمها مستجيباً لإشتراطاتها.
مصلحة العراق الآن تكمن في إنتهاج سياقات جديدة في إدارة الدولة، وبدء مرحلة يتجرد فيها عن إحتقاناته الشخصية للتوسع في فضاءات وطن ينوء بأعباء موارة قصمت ظهر الحاضر ناشبة مخالبها في ضلع مستقبل الأجيال.. ولا حل سوى فتح صفحة جديدة وطي ما قبل الرئاسة.
فليستخلص العراقيين جميعا له، بدل الإستعداء، منتشلاً مشاعره مما لحق بها قبل الرئاسة وليقدم على توطيد أركان الدولة بحكومة مثلى.. أو تواشك عند حدود المثالية.. على الأقل.
بل يفضل إستخلاص نقطة الصفاء الوطني في ذوات مناوئيه، لينتظموا في صف العراق، منصفا المستحق من الشخصيات الوطنية التي خدمت البلد، وما زالت تعرض خدماتها…
ثمة مخلصون ظلموا وغمطت حقوقهم، من قبل حكومات سابقة، إنصفهم كي تجعلهم ظهيرا لك ومدى لرؤاك وعمقا لمنظورك بغية ترصين الحاضر والإنفتاح على مستقبل راسخ.. أكيد.