23 ديسمبر، 2024 2:06 ص

بؤرة التوتر الكبرى

بؤرة التوتر الكبرى

نعني بتلك البؤر المشتعلة في الخليج العربي بين أيران و أمريكا حيث التصعيد العسكري المتبادل من الجانبين و كذلك في اليمن حيث النزاع المسلح بين الحوثيين و بين الحكومة اليمنية و التدخل العسكري السعودي – الأماراتي الى جانب الحكومة اليمنية في حين كانت ايران تقف و بقوة الى جانب الحوثيين و تمدهم بالسلاح و العتاد و الخبرات و كذلك هي الأوضاع الأمنية و الحربية في سوريا و استمرار المعارك هناك بين قوات الحكومة السورية بدعم عسكري كبير من روسيا و ايران و بين قوات المعارضة المسلحة بشقيها المعتدل و الأرهابي المدعومة من دول الخليج العربي و تركيا اضافة الى الوضع الأمني الهش في العراق و نشوب الأصطدامات العسكرية بين قوات الحكومة من جهة و الأرهابيين من جهة اخرى بين الحين و الآخر .

كل هذه النزاعات و الصراعات العسكرية المحتدمة كان من الممكن ايجاد الحلول الناجعة لوقفها و اللجؤ الى طاولة الحوار و المفاوضات اذا ما قدم هذا الطرف بعض التنازلات في مقابل تقديم الطرف الآخر بعضآ منها و تطرح على تلك الطاولة اوراق الخلاف و الخصام و سبل حلها من قبل الأطراف المتنازعة و التي سوف تبين وجهات نظرها في الأسباب التي ادت الى تلك المواجهات و من ثم ايجاد الحلول المرضية لكل الأطراف و هذا ما حصل في كل النزاعات و الحروب في مراحل التأريخ المتعددة فكانت كل الحروب و الصراعات تضع أوزارها و تتوقف عندما يتبين للمتصارعين ان الحل لن يكون عسكريآ مادامت تلك القوى المتنازعة في مستوى متقارب من الأستعداد و التعبئة و التجهيز .

ليس بعيدآ عن نظرية المؤامرة و ان ادمن البعض على الصاق كل الهزائم و الأنكسارات بها بغية التنصل من المسؤولية الأخلاقية او المهنية عن تلك الأنكسارات و النكبات فأن مصلحة دول المنطقة تكمن في السلام و الأستقرار و التفرغ للبناء و الأعمار هذا عدا ( دولة أسرائيل ) و التي ترى في تلك النزاعات فرصة ثمينة في اضعاف الخصوم و هي محقة في ذلك تمامآ فكانت تسهم و بشكل مباشر في دعم المجموعات الأسلامية المتطرفة ( داعش ) المعادية للحكومة السورية بالأموال و السلاح و علاج الجرحى من تلك المجموعات في المستشفيات الأسرائيلية و قد اعلن ذلك صراحة من الجانب الأسرائيلي و كذلك اعلنت عنه تلك المجموعات الجهادية و التي بررت ذلك من خلال العديد من الأحاديث و المواقف التأريخية التي تبرر التعاون مع ( الأعداء ) اليهود ضد الأعداء الأشد خطورة منهم .

بؤرة التوتر هذه ( أسرائيل ) سوف تبقى عامل زعزعة و عدم استقرار في المنطقة و سوف تحاول و بكل الطرق و كافة السبل من اجل أثارة المزيد من التوتر و الأزمات خاصة وان ( المعتدلين ) من الحكام الأسرائيليين قد انزاحوا جانبآ لصالح ( المتطرفين ) الذين قويت شوكتهم و تصلب عودهم اكثر مع الصراعات العربية العربية و الغريب في الأمر ان التقارب العربي و الأنفتاح على ( اسرائيل ) قد تزايد وبشكل كبير مع وجود القيادات الأسرائيلية اليمينية المعادية للفلسطينيين و المؤيدة للأستيطان فقد شهدت فترة حكومة رئيس الوزراء الأسرائيلي المتشدد ( نتنياهو ) انفتاحآ عربيآ لم يسبق له مثيل و قد يكون ذلك نوع من انواع ( المازوخية ) التي اصيب بها بعض الزعماء العرب.

كل الأضطرابات و الصراعات التي شهدتها المنطقة العربية و خاصة تلك القريبة من أسرائيل كانت تصب في مصلحة الدولة اليهودية و هذا اذا لم تكن لأسرائيل يد في تلك الأحداث التي اخرجت العراق في وقت مبكر من ساحة الصراع مع أسرائيل في تلك الحروب المتتالية التي اضعفت القوة العراقية العسكرية و النفسية الخطيرة على الأمن الأسرائيلي و حجمت القوة الأيرانية المهددة و معها قوات حزب الله اللبناني المنهمكين في القتال الشرس الذي قد نشب في سوريا بين القوات الحكومية السورية من طرف و قوات المعارضة المسلحة من الطرف الآخر فكانت هذه الحرب بمثابة الجائزة الكبرى التي حازت عليها ( اسرائيل ) فكانت هناك ثلاث قوى فاعلة و قوية و مؤثرة قد اخرجت من دائرة الصراع مع اسرائيل .

خلاصة القول لن يكون هناك استقرار و سلام مادامت القضية الفلسطينية المزمنة ملتهبة و دون حل جذري و عادل يتيح للشعب الفلسطيني الباسل من انتزاع حقوقه المشروعة في اقامة الدولة المستقلة مع الأعتراف المتبادل مع الأسرائيليين الذين لهم الحق المكتسب في العيش بسلام و أمان في دولتهم و ترسيم الحدود بينهما التي سوف يتفق عليها الطرفان المتخاصمان الفلسطينيين و الأسرائيليين و من غير حل الدولتين لن يكون هناك سلام او استقرار في عموم دول المنطقة التي سوف يبقى برميل البارود فيها ينتظر الشرارة الصغيرة لكي ينفجر على شكل نزاعات و صراعات و حروب و كما يحدث الآن .