الاتفاق الاميركي السعودي والورقة الإيرانية التي استنفذت مستحقاتها . من يصف السياسة الاميركية بالساذجة احياناً على وهم , من بعد الحرب العالمية الثانية الى اليوم اميركا تعد القوة الاقوى بلا منازع في العالم واستطاعت ان تسوده بشكل كامل ,بعد انتصارها على مناوئيها ومن يعارضها في سياستها الاستعمارية ويناقضها ويعترض عليها . وآخر ذلك صراعها مع الشيوعية العالمية المتمثلة انذاك بـ ” الاتحاد السوفيتي ” كفكر وكقوة مناقضة للرأسمالية والامبريالية والاستعمار .
مثابات القوة في العالم تتمركز في الحال الحاضر بمراكز الطاقة ” المناطق البترولية ” من يسيطر عليها بالنتيجة يفرض سيطرته على بقية دول العالم , حقيقة لا غموض فيها . المنطقة العربية تعتبر من ابرز هذه المراكز . بعد خسارة اميركا لإيران الشاه او هي أي اميركا صوّر هذا الأمر لأحداث أمر أخطر وأكبر وهو صناعة ” الظاهرة الخمينية ” مِن قِبَلِهم لأستخدامها كورقة خطرة في تنفيذ مخطط واسع للإبتزاز والهيمنة . في حديث لشاه ايران المخلوع ” محمد رضا بهلوي ” مع الرئيس المصري الراحل ” محمد انور السادات ” يقول له لا تثق بالاميركان فهؤلاء لا صاحب لهم ولا عهود ولا مواثيق يعوّل عليها . صنعوا الحركة الإيرانية الشعوبية ” الخمينية ” كمشروع كبير يعود بالنتيجة بفائدة اقتصادية وسياسية وعسكرية عظيمة في المنطقة والعالم , يخدم الدول الاستعمارية وعلى رأسها اميركا و اسرائيل ويشعل نار الصراعات في كل دول المنطقة التي لا تتلائم وسياسة الإبتزاز الاستعماري . ايران بعد حربها مع العراق وفشلها فيها . تمكّنوا من ادخال العراق في ” الشرَك الكويتي ” . اميركا والعديد من دول العالم ودول الخليج وبعض الدول العربية كانت تتعامل بشكل مزدوج مع الطرفين العراقي والايراني .
بعد حرب عام 1973 والحرب العراقية الإيرانية تشكل منعطف كبير وخطير هدد ويهدد اسرائيلا ومصالح الدول الاستعمارية وخاصة اميركا فكانت الكارثة إدخال العراق في الشرك الكوتي واحتلاله بعد ذلك من قبل اميركا فكانت الحالة المثالية في استخدامات هذا المشروع الى اقصاه , تخريب العراق بالكامل كوطن وكشعب اجتماعي متجانس وكقوميات واديان وتخريب الجهد الفلسطيني المنظّم والمتوحد في مواجهة حالة الصراع الاسرائيلي العدواني , واحتلال كل من لبنان وسوريا والعراق واليمن ومحاولة احتلال او على الأقل مصادرة قرار كل من الكويت والبحرين والسعودية بواسطة هذا المشروع الخبيث . ايران احتلت العراق ولبنان وسوريا واليمن من داخلها وبطريقة ” حصان طروادة ” و ” الطابور الخامس ” معتمدة ومستخدمة الشيعة في ذلك . وبعد ان استطاعت وتمكنت من اللعب على المشروع الطائفي وتهيئة من يروّج ويعمل به من عملائها فكان احتلالها لهذه البلدان بشكل غير مباشر من داخلها دون استخدام جيشها واعلانها الحرب والدخول لهذه البلدان واحتلالها بالصيغ التقليدية وأثارة العالم والأمم المتحدة ومجلس الأمن ضدها , مخطط غاية في الدهاء والتحايل .وهذا ماجاء على لسان مسؤولين ايرانين في تصريحات متكررة . العراق كان قد استنتج وعرف بهذا منذ بدايته فكانت حالة الحرب . الدول العربية وخاصة الخليجية منها كانت مداركها متذبذبة في هذا , معتمدة على علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الاميركية . على مدى اربعة عقود من ” ثورة ايران ” اميركا وحلفائها كسبوا الكثير , سياسة اميركا من زمن بوش الصغير افسح المجال بشكل كامل أمام ايران لتفعل ما تشاء في المنطقة بعد احتلاله للعراق وتدميره لميزان القوى النافذ انذاك , وبعد مجيء اوباما وموقف اميركا السلبي المتفرج على العبث الإيراني الا محدود , الدول العربية مثل الخليجية ومصر ادركت جسامة الخطر لكن بعد فوات الأوان . عند بداية تبوء ترامب للسلطة صرّح بأن حماية اميركا للسعودية ستكون مقابل ثمن , وقبلها اقرار قانون الكونكرس الاميركي تحميل السعودة تداعيات ضرب ابراج التجارة العالمية , ادركت دول الخليج وعلى رأسها السعودة موضوع ما تريده اميركا فأعطوها ماتريد واكثر وهم مجبرين على ذلك . خيار واحد اما بقائهم على ماهم عليه او نهايتهم كأنظمة وبسط الهيمنة والنفوذ الإيراني , فأختاروا تنفيذ وطموحات اميركا وما تريده وترغب به . وهذا الاجراء صحيح بالنسبة لهم مجبرين ولا خيار غير هذا للحد وتفادي الانتشار والهيمنة الايرانية والقبول بأهون الشرّين , فكان القرار الاميركي , ايقاف اللعب بالورقة الإيرانية مؤقتاً بعد نفاذ متطلباتها ودخول حكومة ايران والحركة الخمينية مرحلة العد التنازلي في الانحسار والانتهاء والتلاشي . لو كان للقيادة الايرانية الحكمة السليمة العاقلة لما فرّطوا في علاقتهم العربية والاسلامية ولأتخذوها منهجاً وظهيراً و احتياطاً لهم . والدول العربية التي ناوءت حكومة العراق قبل دخوله الكويت وعدم التفريط به وخاصة حكومات دول الخليج لما وصلوا الى هذا الحد , لو انهم ساندوا العراق وساعدوه في دفع مستحقاته التي لا تساوي واحد من الألف مما خسروه ويخسرونه حالياً في صراعهم مع حكومة ايران والابتزاز الاميركي . السعودية وحكومات دول الخليج ناوءت وعادت التيار القومي ” جمال عبد الناصر والهواري بومدين وصدام حسين والقذافي وغيرهم ” وتعتبرهم متطرفين كما جاء في اعلامهم الماضي والحاضر عند زيارة ” ترامب ” وتعادي التيارات الاسلامية بكل اشكالها مثل معاداتها للاخوان المسلمين ومساهمتهم مع اميركا بأنقلاب ” السيسي ” على ” محمد مرسي ” همهم الوحيد الحفاض على حكمهم وسلطانهم يأتمرون بأمر اميركا في كل قراراتهم وعلاقاتهم . ساحات الصراع الحالية شعوبها وقود لهذا الصراع تأججه اميركا واسرائيل وايران والسعودية الى أجل يعلمه الله . لو ان ما هَدَرَ وَيُهدر من اموال وبشر من قبل هؤلاء في صراعهم الباطل الغير مبرر وتوضيفها لخدمة بلدانهم والاسلام والمسلمين الم يكن من الأفضل ام انهم مسييرين ومجبرين على هذا الهدر ” أنه الغباء بعينه “. وكأن صدام حسين دخل الكويت وكان يعلم علم اليقين بالذي سيحصل . فأعلنها صراحة ” عليّ وعلى أعدائي ” وهذا ما حصل .