الحياة مسيرة متواصلة تشمل الماضي والحاضر والمستقبل، والربط بين الثلاثة ماثل في حياة الامم والشعوب والدول، الماضي هو الخبرات التي مرت بكل أشكالها وألوانها ، وهو مملوء بالقصص والعِبَر والإنجازات، اما حاضر المجتمعات هو ما يؤهلها للخوض في غمار الانتاج والانجاز، والمستقبل مرآة الماضي والحاضر.
الربط بين الثلاثة مسألة في غاية الخطورة والدقة، خصوصا اذا حملنا الماضي كل الاثام والخطايا والتبعات التي تحدث في الحاضر والمستقبل، هذه
خصوصية شرقية …
الغزو الاميركي للعراق في التاسع من نيسان/ابريل تاريخ (احتلال- سقوط النظام) وما تبعه من نتائج وخسائر جزء من ارث هذا الماضي، لكن حاضرنا توقف عنده مثلما تعطلت ساعة الانجاز والنمو ..
يذكرنا التاريخ ذاته بان امريكا غزت قبل العراق كلا من اليابان وفيتنام، لكن شعوب هذه الدول لم تركن لسلبية الاحتلال ولم تجعله شماعة لتعليق الفشل، بل كان غزو بلادهم دافعا نحو العمل والانتاج، حتى وصلت مؤشرات النمو في اليابان وفيتنام لارقام تدعو للفخر،
كان هذا رد الفعل على ذل الاحتلال، وهو الرد ذاته من دول اسيوية اخرى مثل الصين وتايوان وكوريا، لكن هذا الرد الايجابي لا نجده في بلادنا او في عموم الشرق الاوسط !
على النقيض هناك دول مثل سنغافورة وأميركا واستراليا وكندا ونيوزيلندا والبرازيل، ما يطلق عليها دول العالم الجديد، ليس لديها ماض تعتد به، لم يكن لديها إلا خيار وحيد، وهو التركيز بقوة على استثمار الحاضر والوصول إلى تحقيق الأهداف، ومن ثم صناعة المستقبل.
توجه يتعارض تماماً مع الدول التي انغمست في التركيز على أمجاد الماضي وأطلاله حتى فقدت البوصلة، وأضاعت اتجاه الطريق، وأصبحت دولاً لا تذكر الا على الخارطة فقط،
لن تستقيم الأمور بالاستمرار على النهج القديم والإصرار عليه ومواصلة تكرار الأخطاء نفسها مراراً وتكراراً، بدليل الفارق الكبير في المنهج والتوجه بين الاسيويين والشرق اوسطيين في الربط بين الماضي والحاضر، وفي اختيار السلبية او الايجابية والبناء عليها، ولنا ان نختار سبيلا منهما،
اذا اردنا.. ان نصنع مستقبلا يختلف عن ماضينا المليء بالسلبية والحروب والخسارة.