بعد عام 2008 الكل استبعد نشوب حرب طائفية جديدة في العراق ، لكن الاوضاع الحالية جراء خروج التظاهرات التي انطلقت في كلا من الانبار وصلاح الدين والموصل وكركوك وديالى ، وضعتنا على شفة حفرة من نار الطائفية المقيتة ، من خلال الشعارات الطائفية ومحاولة ركوب البعث المنحل هذه التظاهرات ورفع اعلام ما يسمى الجيش السوري الحر … الخ .
هذه الامور جعلتنا على قناعة تامة بان العملية السياسية هي منطلق الطائفية ، وليس الشعب العراقي الذي كل ذنبه ، انه بدأ يتفاعل مع الدعوات الطائفية التي اطلقها بعض السياسيين المغمورين في عملهم السياسي والبارزعين في اشعال الطائفية .
ماذا يريد هؤلاء ، هل يريدون اسقاط حكومة المالكي من خلال الطائفية ؟ وهل يريدون مصلحة الشعب العراقي من خلال ممارساتهم هذه ؟ وهل سيسلمون هؤلاء السياسيين من الحرب الطائفية لو اندلعت ؟ بل هل سيسلم العراق ويبقى متماسكا لو اندلعت .
لو نجح هؤلاء فان الاوضاع لن تؤدي الا الى طريق واحد وهو تقسيم البلاد ، لان الجميع حينها سيصل الى قناعة بان طوائف الشعب العراقي لا يمكن لها ان تعيش عيشا سلميا فيما بينها ، وسيكون من الاولى حكم كل طائفة لنفسها .
وحتى لو تم هذا ، هل يعتقد ان هؤلاء الطائفيون ان طريق التقسيم سالكا بوجود ملفات عبارة عن قنابل موقوتة منتشرة في البلد ، اهمها المناطق الجغرافية والمراقد الدينية ؟
للاسف الشديد وضحت الصورة ، ورأينا بام اعيننا علنا بان أس الطائفية موجودة في داخل العملية السياسية ، وان قياداتها كانوا يتصيدون الفرص لاشعالها .
بعيدا عن مطالب المتظاهرين التي لا نتدخل بها ، وبعيدا عن التشكيك بالذين خرجوا لمناصرتها ، الا انه من حق المعارض لها ان يتحفظ عن الكثير من ما ورد فيها من امور استفزازية ، منها الالفاظ الطائفية العلنية التي تشتم للاسف الشديد طائفة كبيرة ومحترمة ، وصور الرئيس المخلوع للنظام السابق ، والدعوات التي خرجت عن طريق الهتافات التي تهدد بعودة جيوش التصفية الطائفية .
لو كان هؤلاء يريدون فعلا ان يحافظوا على وحدة البلاد ، كان عليهم اولا ان يعوا جيدا قبل ان يطلقوا هذه الاطلاقات الطائفية ، بان تصريحاتهم مست مشاعر الطرف الاخر وجعله يتسائل ، ما علاقة اعتقال حماية وزير المالية رافع العيساوي باثارة الطائفية ، وما علاقة الاعتراض على ممارسات المالكي بالشيعة ؟
كل هذه الامور تؤكد ، بان هذه الممارسات ليست مجرد ممارسات عفوية ، انما ممنهجة بشكل دقيق وكبير .