– يشكل الإعلام الحر أحد أبرز مقومات المجتمع الديمقراطي.. ومن دونه لا يمكن ان تنمو أية تجربة ديمقراطية حقيقية وتتطور وتزدهر.. فهو بمثابة صمام الأمان.. يحرسها.. ويقومها.. ويفتح أمامها آفاقاً للنضج والتطور
– ولا يمكن للإعلام الحر أن يولد بصورة مثالية ومتكاملة مرة واحدة.. بل لابد ان يمر بمراحل ولادة ومراهقة.. ثم نضج.. من خلال التفاعل والامتزاج مع مسار العملية الديمقراطية
– فهو لا يعمل في فراغ.. وإنما هو مشروع محدد في بيئة اجتماعية معينة.. هذه البيئة محكومة بمكونات ثقافية وإيديولوجية
– لذلك فان حرية الاعلام لا تعني بالضرورة تجاوز شروط هذه البيئة ومتطلباتها
– والإعلام هو المقياس لمعرفة درجة الحرية التي تتمتع بها الديمقراطية.. أي ان الاعلام اصبح هو المقياس في ديمقراطية الحكومات من عدمها
لذا لابد أن يكون الإعلام
ــ اعلاماً هادفاً غير منحاز.. يحقق رسالة الاعلام في كونه سلطة رابعة: تراقب.. وتنتقد.. وتتقصى الحقائق
ـ ينمي قيم الاصالة والحداثة.. وإشاعة مفاهيم: المواطنة.. والديمقراطية.. والتعددية.. والحرية.. والتعايش
ـ حماية حقوق الانسان: كحقه في التعبير.. والمشاركة.. والتنمية الانسانية الشاملة
ـ احترام الحقوق الثقافية والخصوصيات بكل اشكالها لمكونات الشعب كافة
ـ الاضطلاع بمهمات توعية شرائح المجتمع بالتطورات: السياسية.. والاقتصادية.. والاجتماعية.. والثقافي.. والعلمية.. بما يسهم على نحو فعال في نشر الثقافة.. من خلال الضخ المعلوماتي الاخباري.. والتحليلي لمعطيات المعرفة
ـ تعزيز مفهوم المجتمع المدني.. ومؤسساته.. وسيادة القانون.. وتثقيف المواطنين بأهمية العملية الديمقراطية.. وأبعادها المختلفة.. وإيجاد وسائل التواصل بين المكونات المختلفة للمجتمع
ـ تعزيز سبل تواصل المسؤولين مع المشاكل الاجتماعية.. والاقتصادية.. للشعب
ـ خلق ثقافة المساءلة في القضايا العامة بما ينمي من حس المسؤولية.. واحترام القوانين.. والأنظمة المرعية
كل هذه الاهداف لا يمكن تحقيقها.. إلا اذا اعتمد الاعلام
المصداقية.. الأمانة.. الشفافية.. الاختلاف.. والتنوع.. والتعدد.. والحيادية.. والاستقلالية والاعتدال.. والمهنية
اذن بعد 18 سنة على التغيير.. هل وصل اعلامنا الى حقيقة واقعها.. وأسس عمله
وأين يقف اعلامنا اليوم ؟
ـ المفروض المعطيات الجديدة في ميدان الاعلاميات اليوم لابد ان تمثل مبدأ: الاعلام والسياسة وجهان لعملة واحدة
ـ ولا يمكن التقليل من شأنها عندما نتحدث عن واقع الاعلام العراقي في هذه المرحلة الحرجة.. فهناك وسائل الاعلام الحر المستقل تنطبق عليها كل الملاحظات للإعلام الديمقراطي
ـ بالمقابل فالملاحظ ان كثير من هذه الاعلاميات.. بفعل انعكاسات الواقع الاجتماعي عليها فقدت حيادتها ومهنيتها
ـ حيث يغلب انتماؤها الطائفي.. او العرقي.. او الحزبي.. على انتمائها الوطني.. حتى ان المتابع لها ينتابه شعور غريب.. وهي تتحدث بلهجة تثير في بعض الاحيان الشك والريبة في هويتها الوطنية
وتنقسم وسائل الاعلام العراقي اليوم الى ثلاثة أنواع
النوع الأول : وسائل الاعلام الحر والمستقل: فهي تعمل وفق معايير المهنية والانحياز للجماهير.. وتجتهد لتستحوذ على قلوبهم وعقولهم.. وتتفنن في صناعة المادة الإعلامية السياسية والخبر السياسي والحدث السياسي.. من خلال الوقائع بعيدا عن الفبركة.. ويكون لها قاعدة واسعة من القراء والمستمعين والمشاهدين يتفاعلون ويتواصلون معها بمقترحاتهم لتطويرها.. وأصبحت وإعلاميها شخصيات جماهيرية ومحبوبة
النوع الثاني: الاعلام الحزبي: وهو الاعلام المرتبط بالأحزاب والجمعيات السياسية.. وهذا الاعلام يروج للحزب الذي يمثله.. كذلك يقع ضمن هذا النوع الاعلام المرتبط بجهات خارجية.. والذي ينفذ اجندات ممولة.. وقد ينكشف سريعا.. أو انه يضم الاجهزة المتطورة والإعلاميين ذوي الخبرة العالية يستطيعون اخفاء اجنداته.. ويستطيع كسب الجماهير للمادة الإعلامية المسيسة التي تقع ضحية لمؤثراته.. التي تملأ السمع والبصر فتسد على الفكر والرأي الحر المنافذ وتفتح الباب للانفعال والهياج
النوع الثالث: اعلام شبه حكومي (شبكة الاعلام العراقي).. ووسائل الاعلام التابعة للمحافظات.. ومعها وسائل اعلام تدعي انها مستقلة.. لكن تمويلها حكومي بشكل غير مباشر.. فهي ينطبق عليها قاعدة الاعلام الحكومي
ـ ان هذا النوع من الاعلام يواجه مشكلات
ـ المصداقية: فهو دائما محل شك حتى وان كان صادقاً.. فالناس لا يثقون بمن يعمل في هذا المجال.. فكيف يثق بالإعلام السياسي ؟
ـ استغلاله: يستغل من جانب المسؤولين على نحو يتصف بالأنانية لبناء أمجادهم الشخصية.. من خلال الاحاديث.. توظيف كل الامور لمصلحته
ـ اتجاه الاعلام السياسي الحكومي الى الكم حيث الاغراق في تناول الموضوعات السياسية يغطي على الكيف.. والكيف المتجسد في عملية توظيف الأحداث والموضوعات
ـ ابرازه للأخبار الحكومية الطيبة.. والتركيز عليها.. ويسلط الضوء على الانجازات أو يضخمها سواء كانت حقيقية أو وهمية.. ولا يغطي الجوانب السلبية وغيرها والتهوين من شأن الأخبار السيئة أو يبررها
ـ أخيراً يمكن القول: انه مادامت وسائل الإعلام والاتصال مجرد وسيلة توظفها الآلة السياسية إما إيجابا أو سلبا أمام غياب الوعي الفاعل للإنسان المستهلك للمادة الإعلامية
ـ فان حياد الإعلام ومهنيته قد تخدش.. والكأس ستفيض سماً بدل العسل في الكثير من وسائل الاعلام.. وبعكسه ان كانت وسائل اعلام حرة ومهنية تشكل والسياسة والاعلام وجهان لعملة واحدة
– ننتظر اجابات من الاعلاميين انفسهم بعيدا عن الحديث عن الماضي.. لأنه لن يشبع جائع.. ولا الحديث ب: يجب .. ويجب .. ويجب.. بل علاج واقعي وعلمي وعملي