بعيدا عن اختلاف الراي في قراءة و تحليل نتائج اتفاق فيينا النووي بين ايران من جهة و مجموعة (5+1)من جهة اخرى سواء النتائج الانية او المرحلية و بين من يرى انه انتصارا ايرانيا و بين من يرى انه فخا امريكيا و سواء كانت تلك القراءات هي قراءات تحليلية موضوعية او تحليلات مصلحية فان الاهم و المهم بالنسبة لنا كعراقيين من جهة و كعرب من جهة اخرى هو ما هي انعكاسات نتائج ذلك الاتفاق على واقعنا العراقي و العربي مهما كانت القراءة لنتائج ذلك الاتفاق و التي اشرنا اليها في الاسطر السابقة .
و ما دفعنا للكتابة في هذا الجانب هو ذلك السيل من النشاط الاعلامي العراقي الذي بارك و حيا الانتصار الايراني (من وجهة نظر المنتشين بفرحة الانتصار ) و الاحتفال به و هو ما شهدته القنوات الفضائية و المواقع الخبرية الالكترونية و صفحات التواصل الاجتماعي الشخصية و الرسمية و ما صرحت به شخصيات لها عناوين رسمية او اجتماعية او حتى عاديه و بدرجة فاقت حتى احتفالات و فرحة الشعب الايراني نفسه و شارك بهذا التفاعل البعض من العرب في لبنان و دول الخليج و اليمن الى درجة كانوا فيها ايرانيون اكثر من الايرانيين انفسهم .ذلك المشهد بحد ذاته يعطي المؤشر الاول و الاخطر بخصوص تساؤلنا في عنوان مقالنا , فالامر يؤشر الى مدى خطورة التغلغل الايراني في نفوس البعض من العرب الى الحد الذي انساهم انتمائهم الوطني و القومي و الذوبان في هالة العظمة الايرانية المتصورة في اذهانهم ولم يقدم هؤلاء أي تبرير لسلوكياتهم تلك و على أي جانب او مبرر تاريخي او معاصر يبين ان قوة الدولة الفارسية كان له عوائد و فوائد ايجابيه على الواقع العراقي بشكل خاص و العربي بشكل عام ,بل العكس هو الموجود لانه و بمجرد استقراء طبيعة العلاقة بين ايران من جهة و العراق و العرب من جهة اخرى و بمختلف مراحل التاريخ الممتده الاف السنين يجد ان تلك العلاقة كانت علاقة السيد بالعبد او المتسلط بالمستضعف حيث كانت المناطق العربية خاضعة للهيمنة الفارسية و لعشرات العقود مسخت فيها الهوية و الشخصية العربية .
الامر الذي يؤشر الى ان أي قوة لايران تعني مزيد من الاذلال و الخضوع للعرب بل و التناحر و عدم الاستقرار بسبب ورقة الطائفية خصوصا مع توفر عناصر اضافية لذلك المشهد تعزز السطوة الايرانية و التي تتمثل بتجييرالجانب المذهبي في ذلك من خلال تقوية اتباع ايران طائفيا و كما هو حاصل في العراق و سوريا و اليمن و البحرين .
و مما يجدر الاشارة اليه و الذي يجب على المتباهين من العراقيين و العرب به ان ما حصل من نتائج الاتفاق حتى وان تم حسابها على اساس انها انتصار فهو يبقى انتصارا سياسيا قوميا لايران و ليس انتصارا دينيا او مذهبيا و يبقى ما يحدد طبيعته و استمراريته هو المصلحة القومية و السياسية لايران و ليس مصلحة الشيعة كمذهب او المسلمين كدين ,و ان موقع العراقيين و العرب في ستراتيجية السياسة الايرانية لا تعدو كونهم ادوات في ذلك المشروع و عناصر مناورة مقابل ادوات و عناصر المشروع الامريكي .
و يبقى المخرج الوحيد للعرب من هذا المازق الخطير بابعاده الامنية و السياسية و الاقتصادية على واقعهم هو تحمل الحكومات و الشعوب العربية دورها في خلق حالة توازن توازي المشروع الايراني و مفتاح ذلك هو الانطلاق من المشتركات من تاريخ و لغة و ارض و الابتعاد عن البعد الديني و المذهبي المرتكز على موروث تاريخي روائي يمكن و بمجرد تشريحه على طاولة المحققين ان يتبين هزالة و زيف الكثير منه و الذي اوصل العرب اليوم الى التناحر فيما بينهم او على الاقل انحصارهم ضمن اطار مصالح بلدانهم بشكل منفرد و منعزل عن محيطهم العربي باطاره و مشتركاته و مقومات نجاحه الموحده مما جعلهم كلا” ضعيفا بسسبب المصالحة الذاتية و الشخصية لشخوص الحكام او الانظمة .