اين المستشارين من شطء الدكتاتورية ؟!

اين المستشارين من شطء الدكتاتورية ؟!

لعل الناس لايعرفون عن دور المستشار شيئآ , وخاصة عن عمله في البيئة السياسية الخاصة بالدولة , اي مع الحاكم ورئيس الوزراء , والوزراء . والبيئة بتعبير آخر هو الفضاء الذي تتجول فيه الأفكار المحبوسة برأس الحاكم او رئيس الوزراء او الوزير أو رأسه بشكل منتظم ومرتبة بذوق رفيع وبإيقاعات دستورية في صراعها اليومي بعيدآ عن خروجها بصياغات فوضوية ولاعقلانية . فالمستشار الحكومي ” تحديدآ ” يتعين عليه ان يجد القبول في مهامه الإستشارية , وفي ابراز النضج والعمق والعاطفة في طرح الحلول المبدأية المنافية للإنحياز لطرف قوي على آخر ضعيف , وبلغة تقترن بالمجاز المعزز بالتراث البيئي ولغة الحياة المعاصرة ,
وهناك ادوات معرفية يتعين على المستشار الذي يعمل بين يدي رئيس الدولة او رئيس الوزراء بشكل خاص ان يحيط بها وهي ; اولآ , فهم سياسة واستراتيجية الدولة وخططها التنموية . ثانيآ , المعرفة العميقة بهوية وتأريخ وثقافة البلاد لأن ذلك يرتبط بقرارات الحاكم وبالهوية الوطنية والعادات الإجتماعية . ثالثآ , الإطلاع على التجارب السياسية المحيطة بالبلاد ليجعل من قرار الحاكم مقارنة بتلك التجارب ان يمتاز بالأفضل . رابعآ , ان يتمتع بالذكاء العاطفي ليفهم الآخرين من حولهما . خامسآ , ان تكون لدية مهارة نقل المعلومات الى الرئيسين بدقة وسرية لينال ثقته . سادسآ , ان يكون على الحياد والموضوعية ويقدم المشورة للحاكم بناء على الحقائق على الأرض والمصلحة العامة للبلاد وليس لمسايرة اهوائه ,
لأنه في مهنته يعتبر جسرآ بين الحاكم والواقع . سابعآ , ينبغي على المستشار ان تكون لدية معرفة وقدرة على التحليل متعدد الأبعاد : سياسي , اقتصادي , اجتماعي , امني , واعلامي , فضلآ عن استشراف المستقبل واستباق التحديات . وخلاصة الأمر ان المستشار بشكل عام يجب ان يكون عاقلآ وذو تجربة , فقد قيل عنه : ” استرشدوا العاقل ترشدوا، ولا تعصوه فتندموا” , اما المستشار الحكومي فينبغي ان لا يكون بموهل واحد لأنه على الدوام في عملية حوارية مع الرئيسين والآخرين , لذلك وجد المستشار ليساعدهما بتفكير نقدي وفلسفي وهما اساس قدرته على التحليل والتفكير لحل مشاكل البلاد , لذلك عمد الحكام واصحاب المال والشركات العالمية الى تعيين العديد من المستشارين .
ولحياة العرب في الجاهلية وثيقة تأريخية تفيد ان نحسبها من قصص المستشارين الذين جمعوا العلياء والحسب العظيم , والعرب حسبتهم العرب على لسان جرير ” ان الكريم ينصر الكريم واللئيم للئام نصور ” ; فيروى عن الشاعر امرؤ القيس في ايام الجاهلية ان عشيرة كندة قد طردته بعد مقتل ابيه حُجر الكندي , وتنكرت له باقي القبائل ولم يجد منها العون , فعزم على الرحيل الى قيصرالروم يوستينيانوس الأول لطلب النجدة لأجل إستعادة مُلكه , فنزل بديار بكر بن وائل المسماة اليوم باليمامة يخاطبهم : هل فيكم من يقول الشعر ؟ قالوا بلى هذا عمرو بن قميئة التغلبي , وهو شيخ كبير . فأتوا به اليه ليصطحبه , فأنشد بن قميئة بين يديه بيتآ من الشعر قائلآ : شكوت اليه انني ذو خلالة واني كبير ذو عيال مُجنب
في هذا البيت اوجز عمرو بن قميئة حالة الضعف في جسده إذ وصفه ” ذو خلالة ” , اي انه غير قادر على مواظبة المسير وخاصة في ايام الجنب التي قدم في اثناءها امرؤ القيس , وهي ايام تكون بها الأبل قد شحَّ بها اللبن واحيانآ تنقطع فيقال عن ذلك جَنَّبَ القوم , أي انصرفوا الى شؤون عيالهم ومتطلبات حياتهم اليومية بسبب انقطاع اللبن بالإبل , ولكن امرؤ القيس قد اعجبه شعره من قلبه بدوافع ظاهرية , اما بمشاعره كشخص فقد رضي بمصاحبة عمرو بن قميئة كمستشار له لما يتمتع به من بلاغة لغوية وشعرية امام الملوك والشيوخ ليُعرّف القيصر بقضيته من ناحية ,
ورضي به لأن بين ابيه وبين عمرو بن قميئة معرفة إنسانية قديمة ارتبطت بالرأي والإستشارة والتكوين الثقافي الجمعي المحيط بأبيه فضلآ عن مكانته الأدبية , ولأن وضع امرؤ القيس من الناحية السياسية كان صعبآ وقليل من الناس من يقبل بهذه المهمة الشاقة , لذلك اختار الرفقة الموثوقة لعمرو بن قميئة لإنتمائه هو نفسه الى ذلك التكوين الثقافي والدافع الجمعي من ناحية اخرى , ولكن لم يكن بالحسبان ان إبن قميئة لا يتحمل عناء الرحلة , وهذا ماحدث فعلآ وتوفي الرجل عند منتصف الرحلة بسبب السير ليلآ ونهارا ليكنى بعدئذ عند العرب بـ ” الشاعر الضائع ” .
نستخلص من هذه القصة ان على المرء في الأوقات السياسية الصعبة ان يختار الصحبة المناسبة من اصحاب الرأي والإستشارة الذين يتطابق معهم بالإنتماء للبيئة والتكوين والدافع الجمعي الخاص به , ليكونوا بالرأي والمشورة كالوتر المرتبط بعضلة العين البشرية , إذ من واجبات الوتر البايولوجية ان يغيّر نقطة تركيز البصر بحسب تغير اتجاه الرأس للمرء , وهم كالأطباء الإستشاريين عندما يتوخى المريض منهم الإستشارة الطبية السديدة , وكالمستشارين الذين يعملون بأمرة الملوك والأمراء والحكام في تقديم العون والمشورة بنضج اجتماعي وعقلي بعيد عن القرارات الإنفعالية التي لا تعتمد على التجارب الإنسانية وخاصة في الأوقات الصعبة ,
ويتعين على المستشارين حين يعملون تحت لواء المرء سواء كان ملكآ او حاكمآ ان لايعكسوا المشورة المخالفة لمبادئهم خوفآ منه على انفسهم او على مناصبهم الإدارية , وان لا يكونوا مثل اقرانهم ممن عملوا مع هتلر والحجاج وصدام , فأولئك على الرغم من انهم يعملون تحت ظلال قسوتهم وظلمهم ، إلا انهم كانوا يبررون لهم أفعالهم ويصيغون خطبهم وأوامرهم بما يضفي عليها طابع “الشرعية” و”المصلحة العامة”، خوفًا من بطشهم او من اتهامهم بالخيانة أو طمعآ في قربهم . وبالنتيجة استمر اولئك الطغاة بسياساتهم القمعية من دون معارضة حقيقية او مبدأية سواء من المستشارين او من المحيطين بهم .
لذلك يصنف هذا النوع من المستشارين بـ ” الولائيين ” سواء للبيئة او للشخصية , اما حين يقنعوا انفسهم بمبدأ ” الغاية تبرر الوسيلة ” ويقومون بمسايرة الفرد العادي او الطاغية ويغفلون عن سخطهم بالإستشارات المعاكسة التي لا تتوافق مع مبادئهم من اجل ان يمنحهم نفوذآ اكبر أو فرصآ اقتصادية لايحققها غيرهم , فيصنف هؤلاء في خانة أولاد قوم خلقوا عملاء واقنان .
ولو نجرب ان نُسقط مغزى هذه القصة وما ورد اعلاه , على البلدان فمن الطبيعي ان نختارالعراق لسببين , أولآ , لأن الفساد باسطآ يدية في اجزاء كبيرة منه منذ سنين وبإعتراف السياسيين جميعهم , وهذا يعني ان المستشارين فيه قد عملوا بعدم كفاية العقل الذي يستنتج الحل للمعضلات ومن دون اي ارتباط بيئي او انساني مع اي شخص او حاكم , لذلك اول شيء صنعوه بأيديهم هو تعدد الطبقات الإجتماعية الموالية والمعادية للسلطة , وبعض هذه الطبقات الموالية تمتعت بإمتياز خاص من الدولة وهو العفو من العقوبات عند اكتشاف شبهات فساد في عملها الحكومي . والشيء الثاني هو دفع الحاكم الى منحهم التسهيلات بشكل يتوافق مع الضغوط الخارجية ,
واحيانآ الى منحهم مشاريع إستثمار , او ينقلون الى مراتب وظيفية عليا بالدولة كما فعلت بريطانيا ووضعت بهذا مصطلحآ شهيرآ بذلك وهو رفس العجيزة للأعلى Kick the butt up ويعني ترقية المفسدة او العقوبة , وعندما ينهار الإقتصاد بسبب العجز المالي او من جراء الفساد , تراهم يدفعون الحكومة الى إثم الخوض في مشاريع الخصخصة وهي بالحقيقة عملية بيع لمؤسسات الدولة وبإعتراف السياسيين ايضآ , أو يدفعونها الى فرض الضرائب والجبايات بعدما تعمدوا الرفع في نقمة الشعب على الحكومة من جراء تحليلاتهم الخاطئة للاوضاع ,
معتقدين انها ستحجّم السلوك الشعبي الهائج وتضعه عند حدوده , وبالحقيقة انهم يقاتلون الشعب مع الحاكم ويدفعون البلاد الى المزيد من جحيم النهب والفساد , ويتسببون في بزوغ واندفاع شطء الدكتاتورية من ذوات الطغاة , إذ ان ارتفاع الأسعار وزيادة اسعار فواتير الكهرباء وازدياد مبالغ الجباية في الدوائر الحكومية , لا شك تنهك الشعب لتدفعه الى الإحتجاج والتظاهر من ناحية , ويجعلونه يرى ان الحكومة تستخدم هذه الإجراءات الثقيلة على كاهله كسلاح سياسي وانتقامي سلطوي وبلا شرعية قانونية أو اجتماعية ,
الغرض منه استنزاف قوته اليومي جزاء مراقبته لخطوات رئيس الدولة او رئيس الوزراء واحتجاجه وتظاهره ضدهم من ناحية اخرى , ولا يرونه إجراء سياسيأ يدعم الإقتصاد الوطني , فضلآ عن شعور الشعب بأن ماتفعله الحكومة هو نوع من الإذلال والإخضاع الذي يدفعه الى الدونية ثمنآ لإحتجاجه , وهذا اقسى انواع ماتفعله السلطة المطلقة من إستبداد ودكتاتورية بسبب المستشارين . ومن امثلة هذا الحال مايجري في مملكة المغرب , إذ ان السلطة التنفيذية في تلك البلاد قد تغوّلت على الشعب , أما الملك فقد اصبح بصلاحياته الغريبة كالفرعون الذي ادعى الألوهية ,
وشطء الدكتاتورية الذي انشق وبسق في سماء افريقيا بلا منازع , لذلك حصد الملك على جميع الإنتقادات الشعبية ومعه كل سلطاته التنفيذية , لكونه جعل بيده تعيين كبار المسؤولين الموالين له بالأجهزة الأمنية وكذلك السفراء والمحافظين على الرغم من ان النظام المغربي هو نظام ملكي برلماني وتوجد حكومة منتخبة , ولكن الملك بيديه صلاحيات حل البرلمان والحكومة وإقامة الإنتخابات المبكرة والتدخل في شؤون القضاء , وخاصة في القضايا الحساسة بالبلاد ليصبح القضاء بالمغرب مستقلآ من الناحية النظرية ليس إلا ,
وفي ذلك يرى المراقب للشأن المغربي ان العقوبات الصادرة من المحاكم بحق الصحفيين والناشطين كانت ولاتزال بإختيار الملك , لتصل احيانآ الى عشرين عام , ناهيك عما تفعله ايديه من تقييد للصحف المستقلة والضغط على وسائل الإعلام وقمع حرية التعبير واطلاق التهم جزافآ على الصحفيين بشكل صارم , كما ان للملك احزابآ ومستشارين يمارسون المراقبة على جميع الأحزاب , علمآ لاتوجد احزاب معارضة حقيقية للبلاد إذ أن معظم الأحزاب السياسية الرسمية الكبيرة والصغيرة تعمل داخل إطار النظام الملكي ،
وجميعها تعمل على تشتيت الرأي العام السياسي وخلط الأوراق امام الشعب ومتابعة المدونين والناشطين على وسائل التواصل الإجتماعي ,
واي إشارة دالة على المساس بالمؤسسة الملكية او على قوانين مثل انتقاد تجريم مقاطعة المنتجات الصهيونية أو التعبير الحر على الأنترنت فسيخضع المتهمين تحت مطرقة القضاء المصبوغ بصبغة الملك . واخيرآ فإن الملك بيده تمرير اي قانون بحسب توجيهاته ومن دون نقاش في البرلمان , وبذلك يكون البرلمان بحسب التعبير العراقي ” حديدة عن الطنطل ” . ويبدو ان المستشارين في العالم وخاصة في المغرب لم يشاهدوا العفونة في المشهد السياسي , لذلك لم يجربوا تقديم النصيحة للملك وقالوا له بتذلل كما اعتادوا :
يا صاحب الفخامة , ربما الذي تفعله اليوم يزرع الخوف بشكل مؤقت قي قلوب الشعب لعدم امتلاكه الحيلة , ولكن ذلك سيُراكم الغضب الشعبي ويزيد من تصميم الشعب على الرد في اليوم الذي يكون فيه قادرآ على من اولاه الهوان والذل مقتديا بقول الشاعر :
فإن انت لم تقدر على ان تهينه فذره الى اليوم الذي انت قادر
فهل حصل هذا التجريب في احلام المستشارين المغربيين او من اقرانهم في الدول العربية ؟ أم انهم كتموا قولهم عما يفعله الحكام الطغاة من تأسيس لثورات شعبية مستقبلية , كالتي حدثت في فرنسا إذ بسبب سياسة فرض الضرائب على الفلاحين والفقراء , واعفاء طبقة النبلاء ورجال الدين منها , فقد تحققت الثورة وتم اعدام الملك لويس السادس عشر , وهذا ما ينتظره فرعون المغرب لا محالة . وهكذا , ايضآ , تساقطت من قبل حكومات في السودان ومصر وإيران الملكية وبريطانيا اثناء استعمارها لأمريكا . ثانيآ , اما السبب الثاني لإختيار العراق , فذلك لأن في اجزاء اخرى منه اشرار باسطين ايديهم فيه ,
وهؤلاء تزينوا بالفحشاء والمنكر بأيدي المستشارين لعدم الإشارة اليهم عند الرئيس , فنما في صدورهم حب المال واقتراف الخطيئة الى الحد الذي اصبحوا به كالدمى بأيدي اعداء الوطن , فلم يبتأسوا من بيع اجزاء منه لثلة طامعة من الحكام المأجورين المارقين وهم يتخندقون خلف شعب شقيق يرتبط بروابط عائلية مع العراق وقد تشوّه ادراكهم البصري ومازالوا ينظرون الى اراضي العراق ويظنونها اراضيهم , ومفجوعين مما حصل على ايدي آبائهم في الثاني من آب السحيق ومن الجياد التي سحقت مخططاتهم ومعها كل الخرائط والمخططات المرسومة بالقلم البريطاني ,
وكانوا الى عهد قريب يستبضعون عمن ينصرهم في تحقيق مآربهم الغادرة مرة ثانية , مقتدين بأسلوب الكيان الصهيوني الذي زرع العملاء والخونة في الجنوب اللبناني وفي ايران وجنى من ذلك ماجناه في الحرب ضد سيد المقاومة نصر الله والحكومة الإيرانية , وقد عثروا فعلآ على بضاعتهم جاهزة تمثلت في عصبة مارقة وضرب من الخونة الذين لاذمة لهم ليصبحوا بسوءاتهم موالين لهم ضد الوطن والشعب الذي اولاهم ثقته ليمكنوهم من رفع رايتهم المدحورة على المياه البحرية العراقية , ولكن وجدوا الذين في قلوبهم الثورة والغيرة والحميّة والإلتصاق الكبير بحب الوطن ,
وهم عُرب وليس ابناء قصور ومزارع وعبيد , وقد وصفت شجاعتهم الشاعرة ليلى الأخيلية بأن السيوف تبكي اذا فقدن اكفّهم , وقد وقفوا كالطود الشامخ امام صفقة البيع المذلّة , وامام قوم من خسيسي الأثواب , الذين جابهوا الشعب بالمغالطات , والصخب والتشويش الإعلامي لإسكاته وثنيه عن انتقادهم . واهل الغيرة كدأبهم لن يصمتوا عن الحق بعبارات التهديد والتغييب عما يتصدّون , وعند اشتداد الخطوب لا يرتقون السيارات والطائرات للهروب من مواجهة القتال , لذلك وقفوا مع يد الله والشعب بالضد ممن زعم يقدر بقصص واكاذيب ان يحقق اطماعه ,
ووقفوا بالضد كذلك ممن ناصرهم من العملاء والمطبعين المرتدّين في المنطقة رغم التهديد والوعيد , ولكن هاهم الأعداء يكرّون ثانية ومازالوا بإدعاءاتهم الزائفة في المياه البحرية وكأنهم فريق في سباق مع آخرين لهم في المنطقة يتكالبون بها على تقسيم العراق بالطرق الخسيسة ; فمنهم من يريد ضمان اجزاء من خليج البصرة قبل البدء بالتقسيم , ومنهم من يريد الإستحواذ على الموصل وكركوك ومنهم من يريد الإستحواذ على بادية السماوة بحجة الإستثمار , إلا ان الحقيقة هي ان الجميع يخطط بالحيلة والدجل على عسكرة هذه المواقع على طريقة اردوغان لتكون كل مدينة تحت لواء على حده .
اما ماهي مهمة من تربَّل مقعده بالشحم واللحم من المستشارين في هذه الأمور ؟ فلاشيء سوى النأي عن تحليل ما تؤول اليه هذه الخطط الجديدة من إطاحة للشعب العراقي وتقسيم العراق خاصة وبالحشد الشعبي الشيعي بحسب ما تصفه التصريحات الأمريكية والصهيونية وبؤرة العملاء والمطبعين الذين يتصارخون على بعضهم البعض كالحمالين بأرصفة الموانيء : هلموا .. هلموا الى العراق الضعيف الآن وقطعوه وحملوه , كأنه الهدف الرئيس الآن قبل التقسيم بحسب مخططاتهم المريضة ,
وهذا هو الصراع الجديد الذي صنعته الصهيونية للشعب العراقي مثلما صنعت مؤامرة غزو الكويت بالإتفاق مع حكام مأجورين وجهلة خضعوا لتنفيذها رغم انفهم بإرادة امريكية وصهيونية بعد ان وعدتهم بضم اجزاء جديدة من البر والبحر العراقي الى دولتهم عندما تحين الفرصة , والفرصة هاهي وقد حانت بالنسبة لهم بعد سقوط النظام البائد , ليبدأ بالتصريحات المطالبة بالبر وجزء من خليج البصرة , ابناء السابقين من الحكام الجهلة الذين طعنوا شعبهم وشرّدوه وسرقوا ثروات العراق , ولم يكتفوا بالتآمر على شعبهم بالدرجة الأولى وعل العراق ,
و من ورائهم اللاهثين على الإضرار بالعراق والمطبعين مع الكيان الصهيوني والخاضعين لنفوذ القوى الإستعمارية , مستندين بذلك وحالمين على ان العراق ضعيف عسكريآ ولا يجرؤ على مجابهة مغامرة كهذه التي اعدوا لها عملاء الداخل الفاشلين في دروس الوطنية الذين اسالوا لعابهم على اطلالة العراق البحرية من جهة ليبيعونها لهم , ومستندين على اصطفاف الحشود المهددة والموالية لتركيا وسوريا الجديدة من جهة اخرى , معتقدين أن العراق في نهايته بلد محكوم بالتقسيم وما هذه الحشود سوى قوى ستقوم بتنفيذ مشروع التقسيم , متناسين قول النابغة :
لا يهنأ الناس مايرعون من كلأ وما يسوقون من اهل ومن مال .
في هذا البيت يكشف النابغة عن ان الذين يرعون في مراعٍ ليست لهم ويقتادون أهلها ومالها بالقوة بلا رادع أو ناصح لهم , هؤلاء لا يهنؤون بما اخذوا , لأن اخذ الحق بغير وجه يفسده ويجلب الخوف والعار.
ختامآ , تبقى عين المستشار والرئيس والأمير والوزير بالمعرفة مثل عين عدسة الميكروسكوب التي تكشف عن البكتيريا الضارة والفيروسات مهما بلغ صغيرها وكبيرها بالحجم , فكيف إذن لاترى مثالب اسياده , بل ولاتراهم ولو لمرة يعصون غرائزهم , ولا ترى مسرحية انتقال وتدوير الفاسدين بين المناصب بدل محاسبتهم , واين عينه من تحصين الفاسد بالمنصب , والناس ترجوا منهم الخير وتخفيف البلاء وتبديل العسر باليسر , ولكن ربما اسباب دنياهم اولى من اسباب دنيا الشعب , وربما للمستشارين عيونآ غائرة ولا تفرّق بين الأذناب العميلة والصدور النبيلة , ولا بين العبد المعمم والعبد المكمم , ليشكون ذلك الى رئيسهم ليمنعون الخطر وهو قريب ؟ وكأنهم يعولون كرامآ في قصور فارهة ويرجون البقاء في عزّهم لذلك انكتموا .
ختامآ , اين إذن ادوات المستشار المعرفية ومن مسايرة شطء الدكتاتورية واين تأثيره في سياسة البلاد ؟ واين نصائحه من تغوّل الأعداء الجهلة والخونة والعملاء ؟! أم انه عاجز وبعينين غائرتين فلا تفرّق بين الأذناب العميلة والصدور النبيلة , وبين العبد المعمم والعبد المكمم , ليعرض ذلك امام رئيسه ويمنع الخطر وهو قريب ؟ واين العهد بالقسط مع الشعب الذي نبذوه ليعيل اطفاله مما يجمعون من شحيح الخبز في التقاطعات ؟! ولكن الى الله المنتقل وما بناؤكم إلا سقف مهدوم ومن يُحرم فهو محروم , فقد عُرف من في منزلة الخيانة ومن في منزلة الإثم ومن يجهل موطن قوته , ومن به الشعب يفاخر .