23 ديسمبر، 2024 1:00 ص

ايران والقتال على ارض الفلوجة

ايران والقتال على ارض الفلوجة

** مسجدي ايرج – القتال دفاعا عن الفوجه انما هو دفاع عن طهران ؟؟
** داعش في العراق حاجة ايرانية كما هو في سوريا حاجة ضرورية للنظام
تصريح ايرج مسجدي ان القتال دفاعا عن الفلوجه انما هو دفاع عن طهران ،هو تلخيص للعقيدة العسكرية الايرانية التي تقول ان سقوط دمشق وبغداد يعني سقوط طهران وهنا اكرر القول ان ما يدور على ارض الفلوجة ليس حربا على الارهاب وان كان الهدف المعلن هو تحرير الفلوجة من الارهاب الداعشي ،انما هي حرب على ارض الفلوجة لاهداف اخرى تندرج بضمنها الاجندة الايرانية لترسيم جغرافيا المنطقة الغربية والهيمنة الايرانية عليها لشق طريق سالك الى سوريا والتواجد على تخوم السعودية والتواصل مع شرقيتها الشيعية واستغلالها طائفيا لاغراض تخدم المشروع الايراني في ما يسميه الملالي ((المشرق الاسلامي )) الذي يضم العراق وسوريا ولبنان ويمتد الى الاردن والسعودية ودول الخليج واليمن ومصر وشمال افريقيا، لذا نجد ايران تضع في بالها فصل النخيب عن المنطقة الادارية الخاصة بالانبار والحاقها بكربلاء ،ووضع اشتراطات خاصة لتنفيذ هذه الاجندة في حال اصرار السنة على تاسيس الاقليم السني ،لذلك فان ايران في حربها على ارض الفلوجة هي ذاتها ايران الساعية الى الهيمنة على دير الزور لاكمال الممر العراقي السوري الايراني ،لتغيير فاعلات الساحة السورية – العراقية – اللبنانية ،اي ان ابعاد الحرب على ارض الفلوجه لها امتدادات خطيرة تتعلق بمشاريع استحواذية ايرانيه انية ومستقبلية عديده ،وهنا انقل تقريرا عن موقع عين العراق نيوز ينير بعض مشاهد الحرب على ارض الفلوجة والفاعل الايراني فيها كتبته وحدة الدراسات العراقية  – مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
 مع تحفظي على بعض ما ورد فيه بشان دور سليماني والحكومة العراقية والتبريرات التي ساقها :
في الثاني والعشرين من  ايار المنصرم أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بدء ما سماها معركة تحرير الفلوجة من يد تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام”داعش”، وقال حيدر العبادي إن العملية سيشارك فيها نحو 33 ألف فرد من القوات العراقية”الجيش، العراقي،شرطة العراقية، وجهاز مكافحة الإرهاب” والآلاف من مقاتلي العشائر السنية ومسلحي الحشد الشعبي. بالاضافة إلى التحالف الدولي وقوات إيرانية وذلك حسب مصادر عسكرية وعشائرية عراقية قالت إن نحو 60 مقاتلا إيرانيا مجهزين بأسلحة حديثة وصلوا إلى أطراف الفلوجة في أول أيام معركتها. وفي هذا السياق نسلط الضوء على الأسباب التي دفعت برئيس الوزراء العراقي بدء معركة الفلوجة في هذا التوقيت، ودلالات ظهور اللواء الإيراني قاسم سليماني مجدداً في المشهد العراقي،وتأثيراته وأهداف إيران من المعركة ومآلاتها.
جاء توقيت معركة الفلوجة في ظروف أمنية وسياسية حرجة. فقد أثبتت التفجيرات التي شنها تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام”داعش”، في العاصمة العراقية بغداد خلال هذا الشهر، وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى، عجز القوى الأمنية والعسكرية عن حمايتها. مثلما أثبت اقتحام المتظاهرين المنطقة الخضراء عجزاً آخر لها، إضافة إلى عجز القوى السياسية عن الخروج من حال الاستعصاء الذي تجلى في فشل رئيس الحكومة حيدر العبادي في تمرير إصلاحاته وتشكيلته بعيداً عن المحاصصة. وفي تصاعد الصراع بين القوى الشيعية، وداخل صفوف «حزب الدعوة»، أكبر هذه القوى. هذه التطورات السلبية شكلت تأكيداً دامغاً لتهاوي نظام الحكم القائم على المحاصصة الطائفية والأثنية  منذ عام2003م. وقد اصطدمت محاولات الخروج من هذا النظام بعناد طبقة سياسية وحزبية لم يعد بمقدور العراقيين تجاوزها أو القفز فوق مصالحها في أي عملية إصلاح حقيقية كما يطالب المتظاهرون. ناهيك عن الشرخ المذهبي الذي يتعمق يوماً بعد يوم. والتأثير الإيراني المتنامي. وعودة الولايات المتحدة تحت لواء محاربة «داعش» وقيادة التحالف الدولي.
وكان اندلاع التظاهرات في العاصمة ومحافظات جنوبية تعبيراً عن غضب شعبي عارم لم يعد مقصوراً على المحافظات السنية التي نالت نصيبها بعد انتفاضات 2013. ووجدها السيد مقتدى الصدر فرصة، فدفع بتياره إلى حضن المتظاهرين. وهو ما فاقم الصراع داخل الصفوف الشيعية، وهدد لحمتها و… ومستقبل ميليشياتها و»حشدها». وهكذا كان لا بد من استعجال معركة الفلوجة. إنها فرصة ليستعيد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي زمام المبادرة، فيصرف العراقيين عن ساحة التحرير والمنطقة الخضراء.
 ويغطي عجزه في تمرير حكومة التكنوقراط العصية على التشكيل. وفرصة لململة أشلاء مجلس النواب العراقي. ومناسبة للقوى الشيعية من أجل إعادة تنظيم صفوفها خلف «الحشد الشعبي»، وتعليق خلافاتها في مواجهة معركة مصيرية مع الإرهاب. وتأكيد حضورها مجدداً بعد غياب عن معركة تحرير الرمادي والرطبة. ذلك أن انكفاءها عن هذه الحرب سيعزز موقع القوات النظامية. وهو ما تسعى إليه الولايات المتحدة، ولا يروق لإيران التي سارعت إلى تظهير الجنرال قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» في مقدم الصورة مع قادة «الحشد»، ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي الذي لم يوفّر شتيمة إلّا وقالها في حقّ أهل الفلّوجة وكأنهم جزء لا يتجزأ من تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام “داعش” وأن لا مجال للتفرقة بينهم وبينه.
يبدو ان ظهور قاسم سليماني على مشارف مدينة الفلوجة استدعى ردا سريعا من بغداد منعا لتقويض المعركة الوطنية ضد داعش عبر زرع الفتنة بين الجيش والحشد الشعبي وعشائر الأنبار المشاركة كلها في المعركة. فقد زار رئيس الوزراء العراقي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ورئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم ووزير التخطيط سلمان الجميلي، مقر عمليات الفلوجة ليشرفوا شخصيا على سير عمليات تحرير المدينة. وعقد حيدر العبادي بعد وصوله للمقر، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، اجتماعا مع القيادات الأمنية والعسكرية التي تقود عملية تحرير المدينة من أيدي “داعش”. وفي محاولة لتطويق الآثار السلبية لزيارة قاسم سليماني وتأثيرها على وحدة جنوده وتكاتفهم بفعل ايحاءاتها الطائفية، قال حيدر العبادي إن “البعض أراد أن يعرقل حركتنا باتجاه تحرير الفلوجة، ولكنهم فشلوا في تحقيق غايتهم”. وتابع: “البعض يحاول أن ينقذ “داعش” في اللحظة الأخيرة”. وتابع: “ان الوطنية العراقية تجمعت في هذا الجهد الوطني لتحرير الفلوجة والذي شاركت فيه قوات الجيش والشرطة الاتحادية والمحلية ومكافحة الارهاب والحشد الشعبي والعشائري وكل المواطنين، مؤكدا ان تحرير ابناء الفلوجة وحمايتهم من عمليات القتل والتهجير والتعذيب التي لاقوها على يد عصابات داعش هو هدف عمليات تحرير الفلوجة وان قواتنا البطلة بكافة صنوفها تقاتل الارهابيين وتحمي المواطنين”.
ولم تبدد هذه الزيارة مخاوف أهل السنة من ظهور قاسم سليماني على مسرح عمليات معركة الفلوجة حيث ندّدت شخصيات سياسية سنية في العراق بظهوره. وقال ثلاثة نواب في البرلمان عن محافظة الأنبار إن زيارة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني يمكن أن تذكي التوتر الطائفي وتلقي بظلال من الشك على تأكيدات بغداد بأن الهجوم هو عملية يقودها العراق لهزيمة تنظيم داعش وليس لتصفية حسابات مع السنة. ولأن الانقسام الطائفي العميق هو العنوان الأبرز في عراق ما بعد عام 2003م، أكد نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، أن وجود قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الاسلامية اللواء قاسم سليماني في العراق جاء بطلب من الحكومة، وفيما أبدى ثقته بقدرة العراقيين على هزيمة تنظيم “داعش” بمفردهم، نفى وجود أي “مشروع سياسي” لدى الحشد الشعبي. وقال المهندس في حديث لبرنامج “غير متوقع” الذي تبثه السومرية: إن “المستشارين الإيرانيين متواجدون معنا منذ بداية المعارك وكان على رأسهم الأخ العزيز قاسم سليماني”، مشيرا إلى أن الأخير “جاء بطلب من الحكومة العراقية وبالاتفاق مع القائد العام للقوات المسلحة”.
 فإطلالة قاسم سليماني العراقية هذه الأيام ليست عرضية ولا تخفى معانيها، ولا الأهداف التي يسعى اللواء الإيراني إلى تحقيقها في معركة الفلوجة، ففي حين تجهد الحكومة العراقية لبلورة إجماع عراقي في مواجهة تنظيم داعش للقضاء عليه، سعت هذه الحكومة إلى تأكيد مرجعية الجيش في الميدان، واستصدرت العديد من القرارات التي تجعل من ظاهرة الحشد الشعبي، عنصرا يتحرك تحت مظلة الحكومة والجيش، لكن لسليماني رأيا آخر، عبّر عنه من خلال التقاط صور لشخصه على مشارف الفلوجة ونشرها ليراها من يهمّه الأمر، وعقب هذه الخطوة قال بصريح العبارة “الحشد الشعبي لنا”.  قاسم سليماني لا ينطق عن هوىً شخصي، بل هو يمثل السياسة الإيرانية، وبالتالي فهو يعلم أن أي انتصار للجيش العراقي وللعراقيين في الفلوجة بمعزل عن حضوره ولو الصوري، سيدفع بالمسار السياسي العراقي نحو المزيد من توفير عناصر إيجابية للتسوية السياسية، أي التسوية التي تقوم على تثبيت مرجعية الدولة وعلى وحدة العراق الديموغرافية والجغرافية، وهذا ما لا يتناسب مع حسابات قاسم سليماني على ما تظهر الوقائع. فإضعاف داعش أو القضاء عليه هو بالضرورة سيكشف فداحة التدخل الإيراني في العراق، ويعلم قاسم سليماني أن بقاء هذا التنظيم الإرهابي، كفيل بجعل التدخلات الإيرانية في العراق مطلوبة، بل وداعمة للعراقيين في مواجهة الإرهاب.
ضمن أجواء معركة الفلوجة المحتدمة حاليا، تحدث القيادي البارز في الحرس الثوري الإيراني العميد إيرج مسجدي، الذي يشغل منصب المستشار الأعلى لقائد فيلق قدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني، عن المعركة ودخول إيران فيها بكل قوة. وقال مسجدي إن “دخول الحرس الثوري الإيراني بضباطه في معركة الفلوجة كان من أجل أن تبقى إيران مركزا للتشيّع في العالم، كما أننا نعتبر هذه المشاركة دفاعا عن إيران وحدودها”، على حد تعبيره. وجاء حديث مستشار سليماني خلال مراسم إحياء ذكرى قتلى الحرس الثوري الإيراني في مدينة رودهن الإيرانية، بحسب موقع “بسيج نيوز” التابع للحرس الثوري، حيث شرح الأسباب التي دفعت قوات فيلق قدس الإيراني إلى المشاركة في معركة الفلوجة.
وقال مسجدي في بداية حديثه إن “التيارات التكفيرية تسعى إلى احتلال العراق وسوريا من أجل الوصول إلى إيران؛ مركز التشيع في العالم”.
وأضاف مستشار سليماني: “الجماعات التكفيرية بكافة مشاربها الفكرية ورغم اختلافها، فهي تتفق في عدائها للشيعة والحرمين الشريفين للشيعة في العراق (المراقد الشيعية)، وهي لا تتورع حتى عن قتل أطفال الشيعة، لأنهم في اعتقادها سوف يحاربونها ويقاومونها حين يكبرون”.  ونفى القائد البارز في الحرس الثوري، أن المراد من معركة الفلوجة هو إنقاذ أهلها، كما أعلن ذلك في وسائل الإعلام العراقية، قائلا: “الدفاع عن الحرمين الشريفين في العراق (مرقدي الحسين وعلي بن أبي طالب في كربلاء والنجف) من أساسيات عقائد الشيعة، وعندما نرسل قوات الحرس الثوري إلى العراق وسوريا، فهو لأجل الدفاع عن الحدود الإيرانية أيضا”.وحول الحروب التي تخوضها إيران في الدول العربية، قال مستشار سليماني: “من أكبر الأخطاء الاستراتيجية محاربة عدوك داخل حدودك الجغرافية، ويجب أن ننقل معاركنا مع الدول العربية من إيران إلى داخل حدود أراضي العدو، وتدمير قوته كاملا حتى لا تصل التهديدات إلى داخل حدود إيران”. وتوعد مسجدي مدينة الموصل بعد الانتهاء من الفلوجة، وقال: “قواتنا تحقق تقدما كبيرا من أجل استعادة مدينة الفلوجة رغم دعم الدول الخليجية والأوروبية للجماعات التكفيرية هناك، وبعد الانتهاء منها تبقى فقط مدينة الموصل تحت سيطرة تنظيم داعش الذي يحاول استقطاب شباب السنة من المدينة إلى صفوفه”.وهاجم مستشار سليماني الولايات المتحدة الأمريكية واتهمها بأنها تدعم “الإرهابيين” ضد الشيعة، وتقف وراء فتنة الحرب بين الشيعة والسنة لأنها تعادي المسلمين جميعهم، على حد وصفه.
ومن تصريحات إيرج مسجدي وظهور سليماني مجددا فوق الأراضي العراقية يمكن لنا تحديد أهداف هذا الظهور – أولاً تكريس هيمنة طهران، ليس فقط على المناطق الجنوبية والفرات الأوسط للعراق فحسب، بل أيضا لإخضاع العرب السنّة ومناطقهم حتى لا يكون لهم دور سياسي مؤثر في العراق وسياسته في المستقبل. وتصريحات مسجدي هذه تؤكد البعد الطائفي في مشاركة طهران بمعركة الفلوجة وأدواتها كالحشد الشعبي، كما تثير الشكوك بشأن مجازر جماعية يمكن أن ترتكب بحق سكان المدينة التي يصفها الإعلام الإيراني بأنها بؤرة الإرهاب وحاضنة التكفيريين، وطبعا في سياق من تبرير الجرائم الطائفية التي قد ترتكب بحق أهل الفلوجة تحت ذريعة محاربة “داعش” والإرهابيين هناك. في ضوء ذلك، حرصت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على تأكيد رفضها دخول «الحشد» الشعبي المدينة بعد تحريرها. وأعلنت أنها لا تقدم غطاء إلى الميليشيات. وهو ما حرص عليه حيدر العبادي أيضاً، إذ اصطحب معه-كما أشرنا سابقاً- إلى غرفة عمليات الفلوجة رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري ورئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم وآخرين ليؤكد «الوطنية العراقية» التي تجمعت في المعركة، على حد قوله، وإبعاد أي صيغة مذهبية عنها. كما أن قائد «فيلق بدر» هادي العامري صرح بحضور رئيس الوزراء، وإلى وفد من مشايخ الأنبار بأن «الحشد» سيترك للجيش عملية اقتحام المدينة وسيشارك في تطويقها فقط. ولن يدخلها إلا إذا فشل هجوم القوات النظامية. لكن ذلك لم يبدد المخاوف. فهناك قوى تصر على اتهام أهالي المدينة بأنهم «داعشيون»، وترغب في خوض المعركة كأنها مواجهة مع أهل السنة في مدينة يشكل هؤلاء غالبيتها العظمى. كما أن تنظيم «الدولة» استعجل عشية المعركة صب مزيد من النار لتعميق الصراع المذهبي. وشن سلسلة عمليات إرهابية في بغداد (11 و17 أيار/ مايو) وأحيائها الشيعية مخلفاً مئات الضحايا بين قتيل وجريح.
إن تحييد الحشد الشعبي عن دخول الفلوجة يشكل تحدياً لحكومة العبادي وللقوى السياسية كافة، وكذلك للولايات المتحدة. فالمدينة سنية. والحشد العشائري المشارك في الحملة لا يقارن عديده بالميليشيات الشيعية التي تشكل القوة الميدانية الأكبر. وفي ذاكرة العراقيين تجارب مريرة بعد تحريرالميليشيات نواحي من «داعش» قبل نحو سنة. فقد كان نصيب تكريت بعد استعادتها تهجيراً وإحراقاً لمنازل بعد نهبها. ولا ضمانات فعلية لعدم تكرار هذا السيناريو في الفلوجة. وقد حذرت دوائر أميركية من أن يؤدي الجو السياسي المحموم المحيط بالمعركة في ظل الصراع السني – الشيعي، إلى تعميق الانقسامات السياسية والمذهبية التي يستحيل بعدها رتق الفتوق في وحدة العراق. وعندها لن تكون واشنطن بمنأى عن تحمل تداعيات ما قد يحدث، ليضاف إلى سجل إخفاقاتها وأخطائها المميتة في بلاد الرافدين. أو بمنأى عن غضب قوى إقليمية عربية لم تعد تثق كثيراً بإدارة الرئيس باراك أوباما. لذلك يبقى الأهم من تحرير المدينة هو إعداد القوة التي ستملأ الفراغ الذي سيخلفه تحريرها.
السبب الثاني ان إيران لا تريد تكرار نموذج تحرير مدينتي الرمادي والرطبة اللذين عدا نجاحا للجيش العراقي الذي التأم وطنيا واعادت تدريبه وتسليحه الولايات المتحدة بعيدا عن رعاية ايران، فقوة الجيش العراقي الوطني المكوّن من جميع الطوائف هو اضعاف لنفوذها واشارة الى احتمال الاستغناء في المستقبل عن خدماتها العسكرية وهو ما تخشى منه ايران بشدة. أما السبب الثالث، فيكمن في عدم استعجال ايران الحسم ضدّ داعش في العراق، لأنه سوف ينعكس انهيارا سريعا لها في سوريا مقابل فصائل الجيش السوري الحرّ التي ستتفرغ لمقاتلة نظام بشار الأسد والذي سوف يرى نفسه فاقدا لكل مقومات استمراره بعد تقديم نفسه للعالم انه المحارب الأول للارهاب.
في الواقع، يتبيّن من خلال معركة الفلّوجة أن “داعش” في العراق حاجة إيرانية، مثلما أن “داعش” في سوريا حاجة لنظام بشّار الأسد. استغلت إيران “داعش” إلى أبعد حدود في مرحلة تمدّده في العراق، بما في ذلك سيطرته على الموصل في ظروف أقلّ ما يمكن أن توصف به أنها غامضة. فعلت ذلك للدفع في اتجاه ترسيخ الشرخ المذهبي الشيعي-السنّي. واستغل بشار الأسد تمدّد “داعش” في سوريا لتصوير الحـرب التي يشنّها بدعم إيراني وروسي على الشعب السوري بأنّها “حرب على الإرهاب”.
يبدو “داعش” في العراق حاجة إيرانية أكثر من أي وقت هذه الأيّام. كان “داعش” أكثر من ضروري لتصوير المحافظات التي فيها أكثرية سنية بأنّها “أوكار للإرهاب والإرهابيين”. تحت شعار تطهير هذه المحافظات من “داعش”، نفّذ “الحشد الشعبي” سلسلة من عمليات التطهير المذهبي صبّت في مصلحة إيران الساعية إلى اضعاف العراق، ومعه سوريا في الوقت ذاته. لم يعد سرّا أن طبيعة بغداد تغيّرت. كانت بغداد مدينة لا فارق فيها بين سنّي وشيعي ومسيحي. صارت الآن مدينة مختلفة تماما…
إن إضفاء البعد المذهبي كما الدخول الإيراني على معركة القضاء على داعش، يكشف الدور الإيراني في العراق، أي الدور الذي يزيد من ترسيخ الهويات المذهبية أولا، وقد نجح نسبيا، لكن هذا الخيار الذي لم يزعج الإدارة الأميركية وسياستها في العراق، إلا من زاوية حجم الدخول الإيراني، لا من زاوية وجوده، فالرئيس الأميركي أقرّ في أكثر من مناسبة، وقالها بصريح العبارة لزعماء دول الخليج إن عليهم أن يتآلفوا مع فكرة نفوذ إيران في المنطقة العربية. بصمة قاسم سليماني في الفلوجة لن تمحى بسهولة رغم محاولات رئيس الحكومة حيدر العبادي الرد على هذا الحضور، لقد أطلق سليماني رصاصة الحياة لتنظيم داعش ووضع عمليا، المكون السني في الفلوجة بين خيارين، أن يختاروه أو أن يختاروا داعش.
 ليظل السؤال الكبير الذي يظل يحوم، وماذا بعد الفلوجة؟ وكيف ستدار هذه المناطق؟ وأين نضع ذلك على خريطة السياسة العراقية الجديدة؟ ودائما كانت الخشية هل سيبقى العراق موحدا؟ وهو سؤال سبق لغراهام فولر المقرب من الـCIA (السي، آي، أيه) أن طرحه في إطار تقرير موسع إلى مؤسسة (راند – Rand)، وذلك بعد الحرب الأميركية على العراق في العام 1991، وبعد فرض الحصار والعمل على تفتيت الدولة من داخلها، جاء الغزو الأميركي ليؤسس لعملية سياسية شوهاء على أساس مذهبي وإثني، قاد إلى صراعات ومناخات محمومة، فظهر مشروع جو بايدن الذي قسم العراق إلى ثلاث فيدراليات ووضع حدودا وهويات أقرب إلى جوازات سفر بينها، أي قربها من “دويلات” توشك على الانفصال، حتى وإن بقي العراق شكليا موحدا، ويجري الحديث اليوم، وخصوصا ما بعد داعش عن المشروع في إطار إعادة التركيب.من ينتصر في الفلوجة إذن؟ إذا هُزم داعش وانتصر التقسيم، فسيكون داعش منتصرا أيضا، وإذا هزم داعش وانتصرت الطائفية، فسيكون داعش منتصرا، وإذا هُزم داعش وانتصر التمايز الإثني، أي ذيول الحرب على داعش في ديالى وكركوك وحزام بغداد والموصل، سيكون داعش هو المنتصر.  وإذا هُزم داعش واستمر حال العراق على ما هو عليه؛ نصفه للأميركيين ونصفه الآخر للإيرانيين، سيكون داعش ومشروعه التدميري التكفيري التقسيمي هو المنتصر، وتلك هي الكأس المرة التي يُراد للشعب العراقي تجرعها وتكريس ما هو قائم، بجعل الأمر الواقع “واقعا”!