18 ديسمبر، 2024 7:35 م

ايران تستثمر الغباء الأمريكي

ايران تستثمر الغباء الأمريكي

تدخل المنطقة عقدها الثالث، وهي في حالة غليان مستمر، وشحن طائفي متصاعد، يوازيه شحن قومي، يدعوا إلى الكراهية والبغضاء والتباعد بين شعوب المنطقة، تغذيها أيادي دولية، تهدف إلى كل شيء، عدا الاستقرار، فإن اي استقرار في هذه المنطقة، يعني تطور وبناء وانطلاق، وهذا يجب أن لا يحصل، باي ثمن.
حرب الإيرانية العراقية، ثمان سنوات، كانت هدف قومي مذهبي لضرب كلا البلدين، وطُعم دفع الشعبين ثمنهما، حتى سقوط نظام الدكتاتورية البعثي الصدامي، و احتلال القوات الأمريكية للعراق، بدأ عصر جديد للصراع بين قوى إقليمية، وقوى دولية، تحاول مد نفوذها، و التمدد على حساب الشعب، ثلاث رؤساء لأمريكا، تبعوا سياسات مختلفة للسيطرة على العراق، بوش واوباما ثم ترامب، الأول استثمر ودعم تواجد القاعدة، بأموال خليجية، لفرض ارادة وسيطرة على مقدرات البلد وجعله، أفغانستان الثانية، بعد تولي أوباما، ولدت داعش في سوريا، و انطلقت لتوفر مناخا جديدا، من التنافس، بدعم سعودي علني، انتهى بشكل عام، على يد الابطال من العراقيين،بعد فتوى مرجعية النجف بالجهاد الكفائي، فلم تنجح تلك الخطة.
إيران تلعب مع الكبار، بأدوات رخيصة الثمن، سجلت ايران عدد من الانتصارات على أمريكا وحلفاءها في المنطقة، في كل من اليمن ولبنان والعراق وعلى رأسها سوريا، دون أن تخسر حتى في مفاوضاتها النووية، على الأرض، هي المنتصرة، مهما علا صوت المذياع بسقوطك، فالواقع الذي تحكيه ساحة المعارك، هي الفاصلة، لذا ايران، تركت الإعلام والتواصل الإجتماعي، وراحت تصنع انتصاراتها بموضوعية، وبثبات، فاتت النتائج الفيسبوكية، تشير إلى انها خسرت كل المواقع، و الحلفاء، لكن العالم الافتراضي شيء والحقيقة شيء آخر.
سبعة ملايين زائر عراقي سنوياً يدخل إيران، وأكثر من 20 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين، والتعاون والتداخل العشائري في الأهواز، والتعشق المذهبي والديني في زيارة الأربعين، هي دلائل واضحة، إن الأرض تختلف عن الواقع الافتراضي، مهما بلغ الخداع والتضليل مداه، لن ينتصر.
إيران كيف خسرت فيسبوكيا، وربحت سياسيا، المتتبع للشأن السياسي العراقي بعد 2003 يعي جيدا، حجم الصراع والنفوذ، الذي طغى، بعد الحرب، وما خطط له من قبل أمريكا، لاسقاط الدكتاتورية، وزراعة نظام ديمقراطي برلماني، في وحل من الفساد والصراع والطائفية، انتج نبات هجين متطفل، لا ينبت إلا في وحل نتن من مافيات التسلط، والطائفية والمناطقية، والصراع القومي العنصري، فنال هذا الشعب، القسط الأكبر، ودفع الثمن الأغلى، لهذا الصراع، الذي يغذيه هذا النظام ويسمح لهذه الأجواء بالازدهار، فكان لإيران الحصة الذهبية، من هذا النظام، فهي كانت مستثمر جيد، للغباء الأمريكي، ومفاوض مجتهد لكسب النفوذ، حتى توغلت، بشكل مفرط داخل الجسد الدولة المنخور بالفاسدين، وايضا استثمرت هذا الفساد لصالحها، وبانت النتائج ان إيران، لا تصرف جهدا، لترعى مصالحها، وخياراتها كثيرة وادواتها أكثر.
لا تعترف ايران بمواقع التواصل، ولا تقيس الخطر ومستوى الرفض، من هذا الجانب، بل هي تعمل على الأرض، ومجساتها، تقرأ انخفاض في مستوى الخطر، جميع المؤشرات، تشير إلى أن العداء للجانب الإيراني، لا يعدوا مواقع التواصل الاجتماعي، وما حصل من حرق للقنصليات، فهو دافع خارجي، وتحريض لجهات خارجية، لا تقاس بمقبولية الشعب المرتبط عقائديا وسيكولوجيا مع الشعب الإيراني.
إيران تحمي مصالحها في العراق، وتدافع عن محورها مهما تلوثت أيديهم بدماء وفساد، فهي تتعامل مع الواقع، ومن هو الفعال في الساحة الآن، فالمستويات تختلف، عندما تتفاوض، هناك من يتصاغر وينحني، وهناك من يأخذ التحية، وهناك من يمد يده للمصالح، والقليل من يرفض تلك السياقاتِ، فكان مصيره العزل، والتضعيف.
ارهاب ايران ينحصر بالنفوذ والمحور والمصالح الاقتصادية..
اما ارهاب أمريكا وحلفاءها.. يتعدى النفوذ، بل يصل إلى الاطماع والسيطرة والانحراف وتبديل العقائد وتزييف الحقائق، وخلق جيل جديد لدين جديد، يقبل باسرائيل حليفا.. والدم هي ذخيرة بتقاسم اقتصاد شركات صناعة الموت والسلاح.
العراق للعراقيين، وبعد كل ضيق، يخرج العراق أقوى وأكثر قدرة، يبحث عن واقع جديد وتوازن يفرض قوته، ويجبر القوى الإقليمية والدولية على بناء حدود جديدة لتلك التدخلات.