23 ديسمبر، 2024 4:37 ص

ايران الدولة حاجة ستراتيجية امريكية وليس ايران النظام الاسلامي..

ايران الدولة حاجة ستراتيجية امريكية وليس ايران النظام الاسلامي..

مرت العلاقات الامريكية الايرانية، خلال عقود من القرن العشرين وخلال العقدين من القرن الواحد والعشرين بين التحالف والجفاء ولانقول العداء؛ ففي عهد الشاه شهد هذا التحالف اوجه، فقد كان شاه ايران يوصف؛ بأنه شرطي الخليج العربي، لمتانة العلاقة او التحالف بين ايران الشاه والولايات المتحدة، فقد دعمت الاخيرة شاه ايران بمختلف اشكال الدعم. لكنها في السنوات الاخيرة من حكمه، تخلت عنه او صارت العلاقة باردة، لتتخلى عنه كليا، عندما اندلعت شرارة التظاهرات، التى، في نهاية المطاف، اطاحت به. هذا التخلي اثار عند المراقبين، الكثير من الاسئلة والتى الى الان لاجواب لها، فقد ظل جوابها في اروقة الاستخبارات المركزية الامريكية. لتناصب الجمهورية الوليدة بزعامة الخميني، العداء للولايات المتحدة الامريكية، فقد تم وصفها بالشيطان الكبير. مع هذا، يبقى اللافت لهذا العداء، من أنه لم يتم تصعيده الى حد رفع السلاح في وجه الاخر في جميع مراحل الاشتباك الايراني الامريكي، مما يثير الكثير من الاسئلة والتى هي اخرى، لااجوبة لها سواء من امريكا او من ايران. في احتجاز طاقم السفارة الامريكية في طهران من قبل طلبة جامعة طهران،لم يتطور ابدا الى نزاع مسلح او على اقل تقدير، توجيه ضربات امريكيةلأيران أو وبتوصيف ادق، لم تقم الولايات المتحدة الامريكية بالضغط اللازم من جميع اوجه الضغط والذي هو بيدها اي امريكا كما تفعل الان،لأجبار ساسة الجمهورية الوليدة على اطلاق سراح الدبلوماسيين الامريكيين، الذي استمر لغاية عام1981، الذي كان من نتيجته، قطع العلاقة بين الدولتين والمقاطعة الامريكية للنظام الاسلامي الجديد، الذي شمل جميع اشكال العلاقة، ولكنها لم ترتفع الى درجة العقوبات الاقتصادية كما هو عليه الحال في السنوات الاخيرة وهنا نحن نقصد بعد انسحاب امريكا ترامب من الصفقة النووية. وفي عام 1982تم تفجير مقر للمازنيز الامريكيين في بيروت، ولم ترد امريكا على الرغم من ان هذا التفجير، اجبر الولايات المتحدة على سحب قواتها من لبنان، فقد قتل فيه العشرات من جنود المارنيز، بل على العكس، وبعد سنتين، تم الكشف عن فضيحة ايران- الكونترا في عهد ريغان، عندما سقطت في الارجنتين، الطائرة المحملة بالاسلحة الى ايران، اثناء الحرب الايرانية العراقية. خلال السنوات الاخيرة، وبالذات في العشرية الاخيرة من القرن العشرين؛ ارتفع صوت المسؤولون الايرانيون، الرئيس الايراني الاسبق، محمد خاتمي، بالدعوة الى اجراء حوار مع الولايات المتحدة، ليقابل بالترحيب من ساسة البيت الابيض، مع هذا لم يجر هذا الحوار على ارض الواقع، توقف عند الدعوة، التى وعلى مايبدو؛ يراد منها تلطيف الاجواء او لتهدئة الاوضاع المختلف عليها بين الجانبين، ولتبريد سوخنتها. لكن، في السنوات التى تلت وعلى وجه التحديد في الثلاث سنوات الاخيرة من القرن العشرين؛ الذي شهد فيها، ارتفاع منسوب العداء الايراني للولايات المتحدة الامريكية، وكما يقول المسؤولون الايرانيون وكما ايضا تتناقله وسائل اعلام النظام الايراني، ظل هذا العداء في الخطاب الايراني الرسمي والاعلامي، هو السائد في العلاقة بين الدولتين، على خلاف ما جرى في الواقع، من تعاون الشيطان الكبير مع الجمهورية الاسلامية، في اكثر من مكان ووضع، في الغزو الامريكي لأفغنستان في عام 2001، عن طريق جماعة برهان الدين رباني، الذي ساعد، مساعدة فعالة في الغزو الامريكي للاخيرة، بالاضافة الى فتح ايران احد موانئها للولايات المتحدة الامريكية اثناء الغزو. ومجالات اخرى كثيرة، تعاون فيها الجانبين، وفي اوضاع لأمكنة اخرى، تلاقت مصالحهما في الفعل في هذه المناطق وجميعها او اغلبها في الاوطان العربية، هذا التلاقي مع العداء الظاهر في المشهد السياسي والاعلامي بين الجانبين؛ كان بالايحاء الذي قاد الى معرفة الجانبين بان هذا الفعل يخدمهما في التوظيف المشترك لعناصر الجيو بوليتيك التى هي في حوزة النظام الايراني، في البحر والبر وفي المجتمع والدين والانثربولوجيا والتاريخ الذي تشترك في البعض منه، الشعوب المتجاورة، الذي يوفر او وفر الفضاء السياسي لأفعال الجيو ستراتيجية الامريكية في المنطقة العربية، بالأستثمار الايراني لنتائج صراع امريكا مع خصومها. لكن في السنتين الماضيتين، تغيرت بوصلة الحركة وفضاءاتها لخطط الجانبين في المنافسة الجيو سياسية، ليتلاشى التعاون في فضاءات المنطقة العربية، حين ضاق عليهما الفضاء السياسي ولم يعد يتحملهما معا، لذا كان لازما ان يتم ازاحة احدهما لصالح الاخر. الولايات المتحدة الامريكية، اتخذت من الصفقة النووية، حجة لتشديد العقوبات الاقتصادية على ايران وهي تدرك تماما، ان هذه الصفقة كافية لمنع ايران من امتلاك السلاح النووي، ولكنها ولأسباب الازاحة هذه؛ شددت العقوبات الاقتصادية الى اقصاها ولم تزل تبحث عن قنوات اخرى لمواصلة الضغط الاقتصادي والسياسي، على الجانب الايراني، لأجباره على الانكفاء داخل حدوده الجغرافية. ايران وتحت هذا الضغط، حاولت ايجاد ثغرة ما في هذا الجدار؛ من قبيل مهاجمة السفن الناقلة للنفط وغيرها من الهجومات التى لم تفلح ايران حتى الان في احداث صدع في هذا الطوق الاقتصادي والسياسي الخانق. امريكا لم ترد على اي من تلك الاعمال الايرانية واكتفت في التهديد والوعيد وتحشيد اساطيلها لأرهاب ايران وتخويفها، لمنعها من ان تتمادى في افعالها مع استمرار الضغط عليها اقتصاديا، لدفعها على الجلوس حول طاولة التفاوض. هناك مفاوضات عبر وسطاء؛ سلطنة عُمان والسويد واليابان، التى لن تسفر عن نتيجة تقود ايران الى المفاوضات مع الجانب الامريكي في الاشهر التى تسبق الانتخابات الامريكية، لأنها ان فعلت سوف تمنح ترامب اكبر فرصة للفوز في الانتخابات الامريكية، عليه سوف تظل تلك العلاقة على حرارتها المرتفعة التى تزيد فرص الحرب كما يتوقع المراقبون لمشهد الصراع الايراني الامريكي، هذه الحرب او الضربات القاسية كما يصفها ترامب ووزير خارجيته ودفاعه التى تلوح بها الولايات المتحدة ويتنبأ بها المراقبون، لن تحدث الا في حالة واحدة، ان يحدث خطأ قاتل من قبل ايران، اكبر كثيرا وكثيرا جدا، من الهجوم الصاروخي الايراني على قاعدة عين الاسد( قاعدة القادسية..) التى تتخذ القوات الامريكية منها مقرا لها، وهذا هو الاخر من غير المحتمل وبدرجة كبيرة وكبيرة جدا، حدوثه. ايران حتى وان رضخت وهذا وارد،بعد الانتخابات الامريكية، وتفاوضت مع الجانب الامريكي، من الصعوبة ان لم نقل من الاستحالة، انصياع ايران لمطالب الولايات المتحدة وبالذات حقل الصواريخ والفضاء السياسي خارج، جغرافيتها. الامريكيون بالاضافة الى طلبهم في تعديل الصفقة النووية في الزمن.. ومفردات عمل البرنامج النووي الايراني؛يريدون فرض تحديد مديات الصواريخ الايرانية وتحويل ايران من دولة راديكليه الى دولة طبيعية حسب التوصيف الامريكي الجديد لدول التبعية لغول المال الامريكي. ايران سوف ترفض هذه الشروط، للأسببين التالين وبأختصار شديد. وقبل الخوض في السببين، ولعلاقة طبيعة الدولة الايرانية ومستلزمات وجودها كقوة اقليمة كبرى، بهذاين السببين؛ نقول ان الدولة، كأن حي يحتاج الى تنميته وادامة حياته الى العوامل والعناصر التى تزيد في قوة جسده في جغرافيته السياسية وفي الفضاء الكائن خارج هذه الجغرافية، عندما لايفي ما موجود من عوامل القوة، داخل حدودها، يبحث عنها في الفضاء السياسي المجاور والاقرب، لأدامة قوتها ومنعتها، وحتى وان كان كافيا، تظل الدول تبحث عنها في الجوار وفي الاقرب، لزيادة القوة والمنعة والتاثير في العلاقات الاقليمية والدولية. السببان للرفض الايراني للشروط الامريكية: اولا؛ ايران لن تقبل بالانكفاء داخل حدودها الجغرافية، لأنها ان رضخت ونفذت هذا الشرط، تكون قد ألغت وبإرادتها عوامل قوتها في الفضاء المجاور والاقرب الذي يستند كليا، الى الخطاب الديني المؤدلج، بالاضافة الى فقدانها عوامل قوتها الخارجية، في الاقتصاد والسياسة وتخليق منطقة فراغ بينها وبين المشترك الديني المجاور والاقرب؛ مما يؤدي الى اختناقها الذي يقود وان اجلا الى الانفجار في الداخل.. ثانيا؛ ايران لايمكن لها ان تقبل بتحديد مديات صواريخها، فهي ان قبلت بهذا تكون كمن يجرد نفسه وبإرادته من سلاحه في المواجهة ان دعت الضرورة له. خصوصا وان ايران وفي ظروفها الحالية، صواريخها تكاد تكون هي سلاحها الوحيد في قوتها في عالم اقليمي تلتهب فيه؛ صراعات النفوذ سواء اقليميا او دوليا..يبقى السؤال المهم، لماذا؟ الولايات المتحدة الامريكية، لم ولن تهاجم ايران في الوقت الحاضرولم تهاجمها، في السابق من الزمن، منذ قيام الجمهورية الاسلامية في ايران على الرغم من الضربات الايرانية على القوات الامريكية وعلى دبلوماسييها وعلى مصالحها؛ وكي لا نسترسل كثيرا، نختصرها بجملة واحدة؛ ايران الدولة حاجة ستراتيجية امريكية وليس ايران النظام الاسلامي..