الغارات الاخيرة التي شنتها الطائرات المقاتلة الامريكية في ضرب الجيش السوري اثناء الهدنة المؤقتة لوقف القتال وتقديم المساعدات للمحاصرين من المدنيين في بعض المدن وقتل العشرات من جنودها في جبل ثردة في دير الزور راحوا ضحايا هذا العدوان الغاشم دون مبرر ، التي تثبت كل المعطيات على انه كان متعمداً ومخططاً يصب في دعم الارهاب وإدامة القتال ويعتبر انتهاكاً واضحاً للاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا لايقاف القتال بين الاطراف المتحاربة على الارض في سوريا .
ليس هناك من شك فيه بعدم التزامها بالمواثيق والاتفاقات ولايمكن الثقة فيها ولا تتوانى الحكومات الأمريكية عن استخدام العنف وأيديولوجيا القتل والإبادة لتحقيق مصالحها – إن كان في الداخل الأمريكي أو على مستوى العالم و يوما بعد يوم يكشف اللثام عن وسائل الاجرائم التي ترتكب بها ضد شعوب العالم
كذلك فعلت قواتها في العراق حيث كانت تسقط الاسلحة والمعدات بالطائرات لصالح المجموعات الارهابية في اوقات الضيق التي تقع فيها العصابات الارهابية وعند تقدم القوات المسلحة العراقية في القتال ويدرك كل من يتابع الدراسات الغربية بأن وكالة الاستخبارات المركزية دعمت القاعدة في أفغانستان في مواجهة السوفييت السابقة، وساندت بصورة فاضحة على زيادة زراعة المخدرات، واستخدام المال القذر من هذه التجارة في تمويل التنظيمات المتطرفة في العالم، وفي مقدمتها القاعدة وبعدها داعش المجرمة . ومن هنا فقد ” أشار مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة إلى أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في افغانستان فإن الإرادة السياسية للمكافحة أصبحت ضعيفة بين النخب الأفغانية، حيت تعتمد كثير منها على عائدات المخدرات مع تجفيف التمويل الأجنبي “
كما أن المخدرات نفسها تم بيعها في الولايات المتحدة وأوروبا، وبإشراف المخابرات الأمريكية. وليس خافياً على الاعلام من ما تقوم المخابرات الأمريكية بالتعاون مع المخابرات العامة الأردنية بتهريب قوافل الأسلحة إلى الإرهابيين المقاتلين في سوريا عبر الصحراء الحدودية بين سوريا والعراق والأردن. حيث تغادر سيارات عند هبوط الظلام في الجنوب من الحدود الأردنية. يشغلهما عملاء من المخابرات المركزية الأمريكية ووراءها تسير وهي ممتلئة بالأسلحة لتصل الى هذه المجموعات ، وآلاف الإرهابيين الذين دربتهم أجهزتها في الأراضي التركية وزودتهم بالأسلحة المتطورة وكان ذلك بمساعدة من أجهزة الأمن التركية، إذ يتم إدخالهم إلى المناطق الشمالية في سورية والعراق مما يلحق أفدح الأضرار بهذه الدول أرضاً وشعباً، وفي سياسة تتناقض مع ما تدعي من طروحات أمريكا وحلفائها في الدول الغربية، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، الطروحات المتمثلة بمحاربة الإرهاب وبخاصة تنظيم داعش،اخذ بالجوء الى حرب العصابات في الغرب وتغيير تكتيكاته لتعويض عن الاراضي التي فقدها اخيراً في المعارك الدائرة في سورية والعراق والاعتماد على الافراد في نفس الدول الغربية لشن الهجمات مثلما حدث في فرنسا وبلجيكا والمانيا وغيرها من البلدان .
تاريخ الولايات المتحدة، هو تاريخ دعم للحركات المتطرفة في شتى أنحاء العالم . إذاً لماذا لا تكون أمريكا داعمة لداعش، وهي الخارجة من رحم القاعدة المدعومة من قبل واشنطن؟ طبعاً باعتراف المسؤولين الامريكيين انفسهم، لا يشك أي عاقل بالارتباط الأمريكي مع داعش، أو حتى الدعم اللوجستي والعسكري لهذا التنظيم الإرهابي. ولانجافي الحقيقة إذا قلنا إنه زعيم الإرهاب في العالم وهو الذي يعطي الأوامر ويحدد المهمات، وعلى داعش والقاعدة والسعودية والدول الداعمة الاخرى أيضاً أن ينفذوا الأوامر التي تصدرت عن زعيمهم في البيت الابيض.
ومن هنا سبق وان طلبت الولايات المتحدة من السعودية لإسناد الحركات الأصولية السلفية المتشددة التي زعمت بأنها جهادية وتقاتل السوفييت في وقتها ، وقامت بتدريبهم في معسكرات الفاروق في باكستان وزودتهم بالأسلحة المتطورة، وخصوصاً القاعدة، كما قامت بمساعدة حركة طالبان للسيطرة على أغلب أراضي أفغانستان.
حتى أن أسامة بن لادن في ذلك الحين قام بفتح مركز للقاعدة في السعودية بشكل علني وبدعم من الحكام السعوديين والإدارة الأمريكية. فإن ما يعانيه العالم الآن من أعمال إرهابية وقتلى بعشرات الآلاف من الأبرياء من كافة الملل والأجناس والأديان تتحمل الحكومة السعودية مسؤوليتها بالدرجة الأولى، ثم الولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الثانية.
لذلك من الطبيعي أن يكون أبو بكر البغدادي كان على صلة مع الولايات المتحدة وتلقى منها الدعم اللوجستي والعسكري؟ وأليس من المخزي التستر على الإسناد الرسمي السعودي لداعش وإسناد المؤسسة الدينية السعودية خاصة وان التحقيق حول هجوم 11 سبتمبر اثبت تورط 15 شخص سعودي في تلك الهجمات بدعم من هذا التنظيم؟. والتي تحشد المملكة العربية بعض الدول بمغريات المال للوقوف ضد القانون الذي يمهد لادانتها في قضايا الارهاب والذي يجيز للمتضررين في تلك حوادث برفع دعاوي للمطالبة بالتعويضات ومقاضاة حكومة الرياض والذي اقر من قبل الكونغرس الامريكي في 9 سبتمبر 2016 .
ليسى غائبا عن احد في ان تكون لواشنطن مصالح كثيرة في دعم داعش وهذا ما يتيقن به العالم اليوم تماماً،والتي كانت تسعى أولها تفتيت المنطقة واضعافها لإملاء شروطها عليها، والثانية الحفاظ على أمن (الكيان الصهيوني) الذي يتحقق من خلال تدمير القدرات العربية التسليحية ومن هنا قدمت للكيان مساعدة مالية على مدى عشر سنوات قادمة بمبلغ 38 مليار دولاربموجب مذكرة تفاهم استراتيجية احتوت بحسب صحيفة هارتس الاسرائيلية ، شرط يمنع إسرائيل من المطالبة بأي مساعدات إضافية من الكونغرس تتعلق بنظم دفاعاتها الصاروخية، إلا أن هذا لن يوقف تل أبيب لطلب المزيد من المساعدات في حال احتياجها لقوة تاثيرها في الداخل الامريكي ،وقد تحقق من النوايا لها العديدة ، بسب نفوذها وتاثيرها في المؤسسات الحكومية واحزاب السلطة والتي قال عنها المتحدث باسم البيت الأبيض إيريك شولتز أن مذكرة التفاهم “عملية معقدة وقد طال انتظارها، لكننا نعتقد أنها واحدة من القضايا التي تستحق الانتظار لأنها في مصلحة كل من الولايات المتحدة وأعظم حلفائها في الشرق الأوسط، اسرائيل، وأحد اقرب حلفائنا على وجه الأرض، لكي نؤكد التزامنا بأمنهم”.
وقد كانت هناك التقارير ووقائع سابقة وحالية تدين الولايات المتحدة ،لهذه الخطوات وتجعلنا نتأكد من العلاقة الوطيدة بين الاطراف الثلاث، أمريكا واسرائيل والإرهاب ، فكثيراً ما انتقدت وسائل إعلام أمريكية تعامل وكالة الاستخبارات المركزية والدوائر العسكرية الأمريكية بازدواجية مع جهات لهم تواريخ سوداء في الممارسات الإرهابية، أو مع منظمات إبادة في مناطق متوترة من العالم. والرد المخابراتي الأمريكي هو بأن هؤلاء القتلى يقفون مع الولايات المتحدة في نفس الجانب من النزاع.
وهو أمر حيوي (لأمن أمريكا القومي) كما تكذب القيادة الأمريكية على شعبها وتزعم انها اي الولايات المتحدة الأمريكية بصدد شن حرب شاملة على الارهاب وعلى رأسها تنظيم “داعش والقضاء عليه.
ولكن قراءة هادئة لواقع المنطقة ومجريات الأحداث فيها تؤكد أن ما تفعله أمريكا ليس في سياق هذا الهدف يعني القضاء على طفلها المدلل “داعش”، انما تريد جر منطقة الشرق الاوسط في حروب مستمرة من اجل إنهاك قواها، وكذلك الاستفادة من شراء أسلحتها وترويجها داخل اوساط دول التعاون الخليجي بهدف الربح وهى لن تستغني عن خدمات هذا الوحش المتطرف فهو الخنجر التي زرعته في ظهر المنطقة وهي الان بصدد البدليل ، ومن خلالها ستكون قادرة على أن تسلب أموالهم لشراء السلاح وتشتيت شملهم وتخويف أنظمتهم المتهالكة… حتى لو انقلب السحر على الساحر.
في الحقيقة الانخراط المباشر لحكومات دول أعضاء في الأمم المتحدة بتزويد المجموعات الإرهابية بأسلحة كيميائية أو مواد إنتاجها وتورط لدول أخرى بعضها يدعي شيئا هنا ويمارس غيره على أرض الواقع في غض الطرف عن هذه الانتهاكات الجسيمة التي تمثل “تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين لا تقتصر أبعاده على دولة أو منطقة جغرافية معينة وخاصة أن بعض التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي تسعى لتكريس وجودها وتعزيزه على الساحة الدولية وذلك من خلال القيام بأعمال إرهابية بإمكانيات حتى وان كانت بسيطة في العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة”
ويعد موقف ايران وروسيا وبعض الدول الاخرى التي تحرص ان يسود السلام المنطقة ، موقفاً تابثاً في سياسة واضحة منذ بدايات الأزمة وهو ما لم تتمتع به لا الولايات المتحدة ولا الغالب من دول العالم التي تدعي مناصرة الشعب السوري وهو ما أكسبهم قوة متجددة ونفوذًا كبيرًا يتأكد يومًا بعد يوم .
من هنا فلا يستطيع أي محلل أن يقلل من قيمة الحكومة الحالية في سورية إلى موسكو، وهو ما سيضمن لروسيا وتحالفه أن تكون جزءًا من ذلك التغيير وأن لا يفاجئها أي شكل قادم لحكومة أو نظام حتى في حالة تغيير القيادة السورية الحالية والمحالة لحد الان على الاقل .