23 ديسمبر، 2024 5:46 ص

اتجهت بوصلة الحدث بالتراجع الى ما يقارب الـــ (180) درجــة فقد تحول غضب الاب الى خوف …اجل خوف عظيم على حياة ومستقبل الولد الشاب الذي قرر بمليء ارادته الحرة ان يختار ويواصل الاصرار على الاختيار رغم جميع الضغوط التي تعرض لها والايحاءات القاسية بشأن حقيقة مشاعر وعواطف فتاة احلامه ورغم الارادة الصلبة لتلك الفتاة التي آثرت المضي في طريقها لتحقيق امنيتها المشروعة والمشروطة مسبقا رغم كل شيء.
ووقفت الام مذهولة لا تكاد تعي حقيقة الحدث فها هو ولدها الذي كانت تكيل له الكلمات القاسية قبل لحظات ساقطا على الارض والدم الغزير يرسم على وجهه وملابسه لونه الاحمر الذي زاد من فزعها حرصا على الحياة فكتمت غيضها وانحنت عليه بحنو الامهات تسبقها العبرات والدموع بينما كان والده يسنده ويضع رأسه على كتفيه وهو يضغط مكان الجرح , جمدت الحروف على شفتيها وكأنها راحت تسترجع كلماتها التي قالتها في اوان غضبها وما وصفت به الفتاة من صفاة لا تلائم شخصيتها وفكرها ونظرتها للحياة وايقظها من ذلك صرخة زوجها قائلا :
كلها منج …
لم تستطع ان تجيبه بينما واصل هو حديثه
كومي روحي خابري اخوية خلي ياخذنه للمستشفى .
لما توقفت لحظات لتستوعب كلامه وهي بذلك الذهول ظنها تخالف امره فدفعها بيده وهو يهتف :
اكلج خابري اخويه انتي ماتفتهمين ,الولد راح ايروح منه
وراح يضغط بيده على الجرح ويقبل ولده مرددا :
بابا …بابا حمودي …صدك جذب …كلشي ايصير مثل ماتريد …بابا هسة يجي عمك وكل شي ايصير تمام …
في هذه اللحظات دخل العم وانحنى على الشاب مناديا اياه
عمو …حمودي …حمودي حبيبي هاي شنو مومقبولة منك …انته رجال.
لما لم تفلح الكلمات بإعادة الوعي الى الشاب بادر كل من الاب والعم الى حمله الى السيارة ومن ثم الى المستشفى مدعين انه اصطدم بالجدار حين كان يحاول تغيير مصباح كهربائي في موضع مرتفع , قالوا ذلك ليجنبوه المثول امام القضاء كون عمله ذلك هو محاولة انتحار يحاسب عليها القانون … !!!
اجل القانون يحاسب من يوجه لنفسه ضررا او يحاول قتلها وان كانت نفسه اجل هي نفسه لكنه ليس حرا بالفتك بها لأنه فرد في اسرة وفرد في المجتمع وفرد في العالم الانساني في جميع انحاء المعمورة ولا ندري كيف يقتل الالاف والملايين سواء بالصواريخ او القنابل اواي نوع من انواع الاسلحة الفتاكة او من خلال الاقتصاد والجوع والتهميش وازدراء الآخر ونشر الجهل بجميع انواعه علميا واجتماعيا ونشر المخدرات والسموم الفتاكة تلك الأمورالتي لا يمكن لآلاف المجلدات ان تفيها حقها ولا يمكن ايقافها الا من خلال تكاتف انساني عالمي تكون العقيدة الحقيقية فيه هي حب الانسان من اجل خير الانسانية وحب الحياة من اجل الحياة تلك هي التي تجمع القوى الخيرة وتحقق السلام في ربوع الارض من اقصاها الى اقصاها….
…اجري له الفحص الاولي وتم ايقاف النزيف وخياطة الجرح بعدد من الغرزوقد استعاد محمود وعيه فشعر ان الامور ستجري بما تشتهيه سفنه ولابأس في جرح لملم جراح قلبه وروحه وستعود اليه فتاته لا محال.
اجل فكر بكل هذا فقد كسب الى صفه عمه ووالده وايضا تمكن من كسب حياد امه والحد من تقولاتها التي افضت الى السيئ من الامور.
قال الطبيب وقد رآهم يهيئون انفسهم الى الخروج …
لا…لا يمكن الخروج علينا ان نجري التصوير الشعاعي لمعرفة مدى الضرر فقد يكون للصدمة اثر في الجمجمة او الدماغ .
كانت هذه المعلومة غير سارة بل ومثيرة للقلق لكل من محمود والاخرين وكان لابد من اجراء ما اشار به الطبيب وهكذا اتخذت الاجراءات اللازمة للأمر وادخل غرفة الكشف واجري له التصوير الشعاعي فكان بحمد الله سليما ولم يحدث أي ضرر في الجمجمة او الدماغ وهكذا غادر المستشفى وهو باسم وينظر الى الدنيا بلون الورد.
……………………