عرفت الصديق الدكتور حميد عبد الله قبل أربعة عقود مضت.. تابعت برنامجه الخاص على قناته في اليويتوب واعتبرته انتقاله حية لتوثيق التاريخ المعاصر من أفواه الشهود على أحداثه وعدم ترك هذا أو ذاك بعد أعوام مضت بسرعه وكل ما حملته من متغيرات عراقية لإعادة كتابة هذا التاريخ حسب ما يرغب هذا الطرف الإقليمي او ذاك الطرف الدولي.
معضلة توثيق الحقيقة التاريخية المطلقة تتمثل في تناقضات تضارب مصالح الأطراف المتعددة وبالتالي تناقض الروايات.. تلك احد أبرز معضلات فهم التاريخ العربي والإسلامي عراقيا على وجه التحديد.
لذلك انبري الدكتور حميد عبد الله لهذه المهمة الكبيرة.. فيما لم يدعمه اي طرف رسمي من السلطات الدستورية بشكل مباشر وتحويل تلك القناة الشخصية إلى مورد توثيق تاريخي ضمن موارد مجالس البحث العلمي المعروفة.
في المقابل.. تبقى حساسية الهاجس الإعلامي الصحفي تحكم العمل المهني المحترف.. بما يضمن الحيادية المطلوبة لاستخراج وثيقة الحقائق والمعلومات الأهم في السيرة التاريخية لعراق اليوم والامس.
لكن..
قياس زاوية النظر الرسمية لسلسلة حلقات تلك الأيام توقفت عند منعطف خطير عندما كشفت عن بعض أوجه الفساد المالي والاداري.. ولم يقارن صاحب القرار الحكومي بين كل حسنات تلك الايام واعتبر دخولها عالم مفاسد المحاصصة خط أحمر لاسيما عندما يلامس مناصب عليا.!!
وفق كل معايير الدستور العراقي الضامن لحقوق الإنسان وكل اتفاقيات دولية تتفق مع مباديء الديمقراطية.. وقانون نقابة الصحفيين.. وقانون مفوضية حقوق الإنسان.. تطرح عشرات التساؤلات.. عن ازوراجية المعايير التي تستخدم في التعامل مع الإعلام المهني المحترف واسكات صوته فيما تطلق ابواق الفاشستنات واعلامي الصدفه بما يؤكد يوما بعد آخر قباحة هذه الازدواجية التي تتطلب من الادعاء العام النهوض بمهمات الدفاع عن الحقوق المدنية الأساسية وفق الدستور العراقي النافذ.
لماذا؟؟
لان الإعلام المهني المحترف كما هو حال ايام الدكتور حميد عبد الله وغيره لا يمتلكون السلاح او الفاشستنات للدفاع عن حقوقهم المدنية.. فمن يدافع عنهم.. ومن يصلح الملح اذا الملح فسد؟؟؟
يكفينا ويكفي الصديق الدكتور حميد عبدالله.. ان كلمة الحقيقة سهام أصابت كبد مفاسد المحاصصة.. وتبقى تلك الأيام شوكة في عيون الفاسدين.. ومنارات ترشد كل من يريد درب الإصلاح الحقيقي.. ولله في خلقه شؤون!!