الهم العراقي هو الحاضر الاكبر على مائدة الحوار التي جمعت ، امس ، الدكتور اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية ، رئيس اول حكومة عراقية بعد التغيير ، الى مقدم برنامج ” خفايا معلنة ” في فضائية السومرية . المحور الأمني بعنوانه الابرز : الصراع مع تنظيم داعش الارهابي ، والوضع السياسي المأزوم ، وعلاقات العراق الاقليمية والدولية ، ومشروع علاوي السياسي للحل وبناء الدولة ، وماوصلت اليه المصالحة الوطنية ، كانت المحطات الأبرز في الإفاضة التي قدمها علاوي ، ولم تخلو من استعراض تاريخي لخلفيات هذه القضايا وتداعياتها . القضايا المطروحة للحوار مُعاشة ويومية ، لكن صراحة علاوي وجرأته المعهودتين جاءتا ، هذه المرة ، في سياق وتوقيت غير تقليديين ، بما منح الحوار أهمية استثنائية ، فالحافة التي تقف عندها البلاد لاتحتمل الاجتهادات الخاطئة ، والإنزياحات ، في أي الاتجاهات ، تودي الى الهاوية ، مايستلزم ، وفق رؤيته ، تصفير ” الخلافات والازمات ” في بعديها الوطني والاقليمي ، بالتأكيد على مدنية مشروعه السياسي في الداخل ، وعمق العراق العربي والاسلامي في امتداده نحو الخارج . نائب رئيس الجمهورية ورئيس ائتلاف الوطنية ، أكد اهمية الدين ، ضمن سياقه الطبيعي ، في حياة الافراد والامم على امتداد التاريخ ، فوضع العلاقة بين الديني والسياسي في اطارها الصحيح أسلم من إشكالية فصل الدين عن الدولة ، وأكثر إنسجاما مع جوهر الحرية والديمقراطية ، مشيرا الى عمق العلاقة النضالية والحاضرة التي تربطه بالزعامات والفصائل الدينية ، تحت خيمة الكفاح ضد الدكتاتورية والعمل على تعزيز المسار الديمقراطي ، كشواهد على طبيعة متبنياته السياسية والفكرية . وفي الاطار الاقليمي ، استطرد جهوده ، داخل وخارج السلطة ، لإعادة العراق الى عمقه الطبيعي ، العربي والاسلامي ، والتي لم تستثن ايران من اية ترتيبات اقليمية ، كجزء من واقعية التعامل مع حقائق الجغرافيا والتاريخ ، رغم معارضة الادارة الامريكية له آنذاك ، مفندا الأكاذيب بشأن التآمر العربي على العراق ، ومقدما الشواهد على إنخراط عربي مخلص بالحرب على الارهاب في العراق منذ العام 2003 وحتى اليوم ، وان الأجندات الخارجية ، وغياب الستراتيجيات ، تقف وراء الجمود والتوتر في العلاقة مع دول الاقليم ، العربية منها خاصة . اياد علاوي لامس الجرح العراقي الغائر بفك التشابك بين ماهو سياسي وعسكري وانعكاسهما على الواقع الامني والاستقرار ، مشخصا ثلاثة محاور للانتصار قبل كسب المعركة نهائيا ضد الارهاب : انتصار عسكري ، وآخر سياسي ، وثالثهما الحفاظ على النصر المتحقق وتعظيم زخمه . ان تسريع حركة اي من هذه المحاور مرتبط بمقدار التقدم في مشروع المصالحة الوطنية ، والذي لايفضي الى افلات المجرمين ، او التقصير بحق الضحايا ، لكن النفاق السياسي يعرقل التقدم في هذا المسار ، فالتوعد بالبعث الذي تمارسه بعض القيادات التنفيذية ، في الحكومتين السابقة والحالية ، عبر وسائل الاعلام ، تقابله توسلات مذلة بقيادات بعثية ، وراء الكواليس . علاوي ابدى استعداده لإزاحة هذه الأقنعة ، معيبا هذه الازدواجية المقيتة ، فدفاعه عن الابرياء ممن اكرهوا على الالتحاق بهذا الحزب لايعني الاصطفاف معه ، بل انه اول المتصدين للبعث مثلما هو اول ضحاياه ، وتلك اوسمة شرف لم ينالها رموز النفاق السياسي . وفي مواجهة داعش اشاد السيد علاوي بالشعب العراقي وقواته المسلحة الباسلة ، والحشد الشعبي الابطال ، والعشائر الكريمة ، داعيا الى التمييز بين الفصائل المناضلة من رجال الحشد الشعبي وقياداتها المشهود بوطنيتها ، كقوات بدر بقيادة المجاهد هادي العامري وسرايا السلام التابعة لسماحة السيد مقتدى الصدر ، وانصار المرجعية الرشيدة ، واخرى مندسة كخيوط في شبكات الجريمة المنظمة ، او كأذناب لمخابرات دولية ، مذكرا بحزمه في مواجهة القاعدة بقيادة الزرقاوي وكسر ظهرها اذبان حكومته .