عبد الرحمن النقيب الگيلاني شخصية مهمة لها اثر كبير في العهدين العهد العثماني والعهدالبريطاني وله دور مهم في سياسة العراق في الفترة من سنة 1920 ميلادية الى سنة 1922 ميلادية..
كان يعد الشخصية الثانية بعد شخصية الوالي بأعتباره نقيب اشراف بغداد والعلاقة بين العثمانين والنقيب الگيلاني كانت جيدة ’ اما في سنة 1920 م فقد اصبح الشخصية الثانية بعد المندوب السامي البريطاني ( برسي كوكس ) حين تسلم رئاسة الحكومة المؤقتة . والظاهر أن شخصيتة وثقافته ومنصبه في العهد العثماني وعلاقته الجيدة مع الانكليز هي التي أهلته لرئاسة الحكومة المؤقته ’ كما كانت السبب في ان يكون ( أحد المرشحين للعرش العراقي )..
اما بعد تتويج الملك فيصل على العرش العراقي فقد اصبح النقيب الشخصية الثانية بعد الملك فيصل بأعتباره رئيساً لمجلس الوزراء وحائزا لثقة بريطانيا بحيث كانت الحكومة البريطانية تفرضه على الملك فيصل وتجبره على ان يترأس الوزارة على الرغم من ان فيصلا كان لايرغب في التعامل معه ’ ربما بسبب كبر سنه ووجوب زيارته في بيته عندما يرغب في التباحث معه أو باعتباره أحد المرشحين للعرش العراقي ومعارضته لمجيئ أحد ابناء الشريف حسين على العرش العراقي ’ ومع ذلك كانت بريطانيا دائماً تصرّح ( بأن الملك فيصل هو ملك دستوري أما النقيب فهو يمثل السلطة التشريعية والتنفيذية معاً) ’ وفي بعض الاحيان كان المندوب السامي يتشاور مع النقيب في بعض المسائل ولا يخبر الملك فيصل وهذا ما يثير الملك عليه .
على الرغم من اعتماد الانكليز على النقيب لأهمية دوره في تصديق المعاهدة العراقية البريطانية ’ فقد تغيرت سياسة بريطانية تجاه النقيب حيث قُدّم بدله ( عبد المحسن السعدون ) ليترأس مجلس الوزراء بأعتباره شاباً طموحاً مؤيدا للسياسة البريطانية . ومثل هذا الموقف من البريطانين طبيعي ’ فهم يلتزمون الاشخاص بالقدر الذي تفرضه المصالح البريطانية .
ولد السيد عبد الرحمن النقيب بن السيد علي أفندي الكيلاني سنة 1261 هجرية في بغداد محلة باب الشيخ ’ من عائلة كريمة معروفة لها مكانة كبيرة في العالم الاسلامي تولت رئاسة نقابة اشراف بغداد والعالم الاسلامي من سنة 941هجرية ففي 20 رمضان من السنة المذكورة أصدر ( السلطان سليمان القانوني ) فرمانا سلطانيا بتعين السيد ( زين الدين الكيلاني ) نقيباً لأشراف بغداد ( دار السلام ) ومنذ ذلك الحين والى عام 1962 م أي لمدة اربعمائة عام متصلة بيد السادة الكيلانية . وكان مقر هؤلاء السادة في الحضرة القادرية ’ لهذا كانت للسيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني مكانة مرموقة ومتميزة عند العثمانين ومن بعدهم البريطانين . تتلمذ السيد عبد الرحمن على يد العديد من الملالي والاساتذة المرموقين في عصره أمثال الشيخ عبد القادر افندي ابن الحلاوية البزاز ثم قرأ العلوم العالية على يد الشيخ عبد السلام افندي الشواف ولا سيما العلوم العقلية وكذلك العلامة عيسى صفاء الدين وآخرين غيرهم . وكان محباً للعلم له مؤلفات ومخطوطات كثيرة ’ قيل عن النقيب انه كان ( عالما فاضلاً وكاتباً مؤرخاً ) وتبرع برواتبه لتشييد مدرسة ثانوية بالقرب من باب الشيخ ’ ليضيف بذلك موقفا جديداً الى مواقفه في انهاض الامة والوطن ’ كان كثير المطالعة شغوفاً باقتناء الكتب وجمع المخطوطات ’ وربما يكفي القول أن النقيب كان يملك واحدة من اكبر المكتبات الخاصة في بغداد ’ ضمت اندر المخطوطات وانفس الكتب ’ حتى انه كان يبعث بالرسل الى المدن والبلدان لأقتناء النادر والممتع والمفيد من الكتب والمخطوطات . ومن الجدير ذكره ان النقيب قد اهدى المكتبة القادرية ( 2973 مؤلفاً قيّماً ) وفضلا عن ذلك فقد عرف بأهتماماته الادبية واللغوية فكان مطلعاً على الادب العربي . مارس النقيب في حياته هوايات كثيرة ’ فعرف بميله الى العمل بالبساتين والعناية بزراعتها عناية بالغة حتى اشتهر بين الناس بخبرته في هذا المجال ’ وبقيت هوايته هذه في شيخوخته . يقول أمين الريحاني ( كان عبد الرحمن النقيب يحمل في رأسه فلسفة روحية سياسية زراعية خالية من غش الاوهام ) وكان ايظاً يعني بالرياضة على طريقة الزورخانة التي كانت منتشرة بين العراقيين على نطاق واسع يومذاك ’ واستأثر المقام العراقي باهتمامه فتذوق انغامه وتحسس بالحانه فأحاط به أحاطة مكنته من التميز بين أصيله ودخيله ’ واهتم النقيب بأقتناء الخيل فقد كان فارساً له خبرة بالخيل واصولها وأمتلك الانواع النادرة منها والتي يعتز بها العرب والاحتفاض بها ’ كان النقيب يحب مجالسة اهل الخيل ويكرمهم ويستهويه الحديث معهم . ولم يكن غريباً أن يقيم النقيب للأنساب والاحساب وزناً كبيراً فقد كان نقيباً لأشراف بغداد ’ اعتاد عبد الرحمن النقيب ان يعقد مجالس يومية أما في ديوان الحضرة الكيلانية بباب الشيخ أو في قصره على نهر دجلة في محلة السنك ’ وكان يحضر هذه المجالس مختلف الناس ولا سيما العلماء والادباء من سائر الملل والنحل ووجوه المذاهب ’ وبحسب ما يذكره الدروبي فأن مجلسه ( كان اشبه بمجمع علمي يبحث في مختلف العلوم ) أو ندوة ادبية يتعهدها الشعراء والادباء وكان يبحث في مجلسه المسائل السياسية ويحضره رجالات الدولة واقطاب السياسة . تزوج النقيب مرتين وأنجب من امرئتيه سبع بنات و ثلاثة عشر ولداً .
عرف النقيب بميوله العثمانية الواضحة ومصدر ميوله عواطف دينية صرفة وعوامل أخرى ذاتية ’ قبل الحرب العالمية الاولى كانت علاقة الاتراك العثمانيين برئيس الطائفة القادرية الكبيرة والمتنفذة علاقة ودية توطدها المصالح المشتركة ’ وليَ عبد الرحمن النقيب رتبة النقابة بعد وفاة شقيقه السيد سلمان افندي النقيب بشهرين أي في الثالث عشر من شهر شعبان سنة 1306 هجرية ’ وبعد تعينه نقيباً اصبح عبد الرحمن حسب التقليد الجاري عضو في محكمة الاستئناف وعضوا ً طبيعياً في مجلس ادارة الولاية الذي كان يتألف من ( المكتوبجي والدفتر دار وعدد من اشراف بغداد ) وكان النقيب يعد العضو الاول بعد الرئيس الذي كان يشغله الوالي العثماني شخصياً . وقد حصل على اوسمة ونياشين كثيرة من السلطان العثماني ’ ولكن مع ذلك فأن النقيب اعجب بالانكليز وبتقدمهم قبل انهيار الامبراطورية العثمانية . وكان في اعتقاده ان العراق لا يتمكن من مجابهة الانكليز فلذلك كان يصرح بأنه يرغب في استمرار الحكم البريطاني على اعتبار انه من رعايا المنتصر . ( وكانت بريطانيا تحسب حساباً خاصا لنقيب اشراف بغداد الكيلاني لأن لهذه العائلة الكريمة كما اسلفنا تأثير كبير في العالم الاسلامي وكذلك في الهند التي تعتبر اكبر درة في التاج البريطاني ) فلذلك عندما سألَ ( السير .برسي كوكس ) النقيب رسمياً بأن يتراس الحكومة المؤقتة في الثالث واللعشرين من شهر تشرين الاول سنة 1920 وافق النقيب ’ وشكل الوزارة في 25 تشرين الاول سنة 1920 وَيَذكر محمود صبحي الدفتري بأن ( النقيب قَبِلَ المنصب اضطراراً ) بعد تكوين الحكومة العراقية المؤقته والتي ترأسها عبد الرحمن النقيب الكيلاني سنة 1920 م فكرت الحكومة البريطانية بوجوب ايجاد نظام حكم ثابت يترأسه حاكم ’ وطرحت هذه الفكرة في مؤتمر القاهرة الذي انعقد في 12 آذار سنة 1921 م وكان من بين المرشحين لعرش العراق كل من 1- النقيب عبد الرحمن النقيب الكيلاني 2- طالب القيب 3- شيخ المحمره 4- عبد العزيز أبن سعود 5- ألأغا خان 6- برهان الدين ( أمير تركي ) .
أما في العراق فكانت الاسماء التي نوقشت أهليتها لعرش العراق هي كل من 1- هادي باشا العمري 2- السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني 3- أحد انجال الشريف حسين 4- أحد اعظء الاسرة الخديوية في مصر .
وضّحَ ( تشرشل ) وزير المستعمرات البريطاني لرئيس وزراء الحكومة البريطانية بأن ( فيصلاً ) يعد من اهم المرشحين لعرش العراق ’ كما وضح في مؤتمر القاهرة بأن الحكومة البريطانية لن تضع العراقيل في طريق ترشيحه حاكما على العراق وأذا اختير فأنه سيحصل على مساندتهم ’ وهذا كان رأي تشرشل رئيس وزير المستعمرات البريطاني وبرسي كوكس ومسس بيل و لورنس . اقترح تشرشل على رئيس الوزراء البريطاني أن تزداد اعانة عبد العزيز أبن سعود الى 100,000 ليرة في السنة تدفع له على شكل اقساط شهرية بشرط محافظته على السلم مع بلاد مابين النهرين والكويت والحجاز . بويع الملك فيصل ملكا على العراق بقرار مجلس الوزراء في 11 تموز 1921م وفي 23 آب 1921م توج فيصلا ملكا على العراق واستقالت وزارة النقيب الكيلاني وفي 12 ايلول من عام 1921 ميلادي ’ شكل السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني وزارته الثانية حيث قام الملك فيصل بزيارة النقيب وتكليفه بتأليف وزارة جديدة في ظل حكومة عربية حسب توجيهات الحكومة البريطانية وتعاون النقيب مع فيصل في ذلك . من الملاحظ بأن عبد الرحمن النقيب بعد تقديم استقالته ترك السياسة وانزوى في بيته لا يبرحها حتى وافاه الأجل في 13 حزيران 1927 م المصادف 12 ذي الحجة 1345 هجرية . واقيم له تشييع رسمي حضره نائب الملك علي والامير غازي والمعتمد السامي وحضره كبار رجال الدولة البريطانية والعراقية . دفن داخل الحضرة القادرية بالقرب من مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني . المغفور له عبدالرحمن النقيب الكيلاني شخصية عراقية عربية اسلامية لن تتكرر كان له دور متميز في اصعب مرحلة من مراحل العراق الا وهي مرحلة تأسيس الدولة العراقية غفر الله له ولكافة المسلمين
عبد الرحمن الكيلاني النقيب (1841 – 1927) نقيب أشراف بغداد ورئيس المجلس التأسيسي الملكي العراقي. ولد في بغداد من عائلة هاشمية صوفية معروفة من ذرية السيد الشيخ عبدالقادرالجيلاني ينحدر نسبها من نسب النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولقد رشح شريفا لأشراف أو سادة بغداد.اختير كأول رئيس وزراء بعد سقوط الدولة العثمانية في 1920 وكانت من مهامه تأسيس الدوائر والوزارات العراقية وانتخاب ملكا للعراق، حيث انتخب المجلس الأمير فيصل الأول ملكاً على عرش العراق في 23 اب 1921م.
وتولى النقيب رئاسة الوزارة لمرتين بعدها أسندت للشخصية الوطنية والسياسي المخضرم عبد المحسن السعدون عام 1922م.
وكان عبد الرحمن النقيب الكيلاني انه كان من اشد المتمسكين بالدولة العثمانية ومن المقربين للسلطان عبد الحميد الثاني ولقد ناصره بشدة في موضوع فلسطين وهذا مشهور ويحتسب له لكن بعد زوال العثمانيين واحتلال الإنكليز للبلدان الإسلامية أصبح الوضع معقدا جدا في العراق خاصة خصوصا بعد ثورة العشرين المجيدة حيث تصرف النقيب بذكاء سياسي منقطع النظير وببراكماتية حيث رفض ان يكون ملكا على العراق زهدا بالملك لكن وافق ان يكون رئيسا للوزرا ء حقنا لدماء المسلمين من الطائفتين وحرصا منه وهو الرجل السبعيني لبناء دولة القانون وتاسيس دولة عراقية حديثة وردا على الحاقدين على اعمالة لأسباب معلومة نقول كان بإمكان الرجل ان يكون ملكا على العراق لكنة اثر مصلحة البلد على مصلحتة وهل بعد ذلك وطنية وكفى لتفاسير نظرية المؤامرة للتاريخ، ومن الجدير بالذكر ان الدكتور يقظان سعدون العامر الاستاذ في جامعة بغداد وهومن بالاصل من أبناء السماوة اكد في محاظراته في معهد التاريخ وامام حشدمن الطلبة ان اطلع على وثائق بريطانية بلندن تؤكد وطنية النقيب وايثاره مصلحة الوطن على العكس ممايشاع ضده من المتطفلين الذين لايهتمون الا بالقشور ويتركون اللباب النقيب عاش أغلب عمره عثمانيا قلبا وقالبا لكن كونه سياسيا وتعلم من استاذه السلطان عبد الحميد ماهي السياسة وفنونها وكيف تدار فليس عيبا ان يضع النقيب بلاده نصب عينه ويتعامل مع الاعداء وغيرهم وهذا هو نفس كلام الدكتور كمال مظهر أحمد المؤرخ الكبير والعلامة الدكتورعماد عبد السلام رؤوف والدكتور سالم الالوسي والدكتور المرحوم يقظان سعدون العامر ولاعبرة بكلام كل من هب ودب ولاقصد لهم الا تشويه الحقائق وقلب الاوراق وخلطها وخصوصا تاريخ العراق الحديث والمعاصر
عرفت أسرة عبد الرحمن الكيلاني منذ القدم باصولها العلمية ومجالسها، وكان عبد الرحمن النقيب من العلماء الأعلام حيث أخذ العلم ونهل من مناهل الأدب على نخبة ممتازة من علماء عصره، منهم العلامة عيسى البندنيجي، والشيخ عبد السلام مدرس الحضرة الكيلانية، وغيرهم من مشايخ وعلماء بغداد، فكان يرجع إليه في النوائب والمهمات وكان يتردد على مجلسه في الحضرة الكيلانية أو في قصره الواقع على نهر دجلة في محلة السنك مختلف طبقات الناس، ومن سائر الملل والنحل، وكان مجلسه أشبه بمجمع علمي تبحث فيه مشكلات العلوم وتكشف غوامض أسرار البلد السياسية، فكان محفلا سياسياً وكل ذلك بفضل ما كان يتمتع به شخص عبد الرحمن النقيب من أخلاق فاضلة، وله كتاب (المجالس في المواعظ) كان يلقيه على طلابه في شهر رمضان في جامع الحضرة الكيلانية، وله تفصيل طويل في كتاب نقباء بغداد لمؤلفه إبراهيم عبد الغني الدروبي.
عارض النقيب الإنجليز بفتوى شرعية بعدم حقهم في حكم العراق، عندما وقف خطيبا امام المس بيل ليقول لها (خاتون، ان امتكم ثرية وقوية، فاين قوتنا نحن؟ انني اعترف بانتصاراتكم، وانتم الحكام وانا المحكوم، ولكن ذلك لن يدوم وحين اسال رايي في استمرار الحكم البريطاني، اجيب انني من رعايا المنتصر، انكم، يا خاتون، تفهمون صناعة الحكم ولكن لاتفهمون ارادة الشعوب الكارهة لكم وغدا لناضره قريب).
وقال لها (انكم بذلتم الاموال والنفوس في سبيل ذلك، ولكم الحق في أن تنعموا بما بذلتم ولنا الحق في الثورة ضدكم) واضاف: انه منع افراد اسرته من التدخل فيما لا يعنيهم، لكن الكثيرين من الناس جاؤوا يطلبون مشورته، فاجابهم ان الإنجليز فتحوا هذه البلاد واراقوا دماءهم في تربتها وبذلوا اموالهم من اجلها، فلا بد لهم من التمتع بما فازوا به شان الفاتحين الاخرين.ولكن من حق العراقيين ان ينتفضو ضد الاحتلال ويجب استخدام كل شي في سبيل الحرية والحرب خدعة
وعندما احتلت بريطانيا العراق، وكلفت حكومتها السر ارنولد ولسن وكيل الحاكم المدني العام في العراق في آخر تشرين الثاني 1918 باستفتاء العراقيين في شكل الدولة التي يريدون اقامتها والرئيس الذي يختارونه لها، ولما ظهرت النتائج قرر ولسن ايفاد جيرترود بيل إلى لندن لكي تشرح للمسؤولين وضع العراق ونتائج الاستفتاء، زارت المس بيل السيد عبد الرحمن النقيب في داره في شباط 1919 قبيل سفرها إلى العاصمة البريطانية، فقال لها؛ ان الاستفتاء حماقة وسبب للاضطراب والقلاقل، واضاف؛ لو ان السر بيرسي كوكس موجود لما كانت هناك حاجة لاستفتاء الناس عن رايهم في مستقبل البلاد لان الناس بصراحة كارهون لكم ومن يقبل بالهوان ياخاتون الشعب العراقي غيور على نفسه وناسه، ولام النقيب الحكومة البريطانية على تعيينها كوكس سفيرا لها في طهران، معتبرا ان هناك الف ومئة رجل بوسعهم ان يشغلوا منصب السفارة في طهران، ولكن ليس من يليق للعراق سوى كوكس الرجل الذي حنكته الايام والمعروف والمحبوب وموضع ثقة اهل العراق على حد رايه لان يعرف قوة العراقين وسعيهم للاستقلال(يذكر ان النقيب كان يكره ان يرى أحد انجال الشريف حسين حاكما في العراق لانه كان متعصبا للعراق والعراقين ولكن شائت الظروف ان يحكم انجال الشريف ولم يمانع).
وكان عبد الرحمن النقيب يطالب بقيام حكومة عربية ويعتبر ان بحث الاستقلال العربي امر يستحق الاهتمام، وكان يرغب في أن يرى العراق تحت عراقية بحتة لا إدارة بريطانية يسندها جيش احتلال لا يقل تعداده عن (40) الفا، وكان يخشى من انتعاش الجمعيات السياسية غيرالدينية وفي كتاب تاريخ الاسر العلمية للراوي الذي حققه الدكتور عماد عبدالسلام رؤوف :ان السيد النقيب كان يميل الى النظام الجمهوري منذ وقت مبكر وهذه معلومة نادرة ومهمة .
وعندما شن بعض البريطانيين في صحافتهم وفي مجلس العموم واللوردات حملة على الحكومة لاجبارها على سحب قواتها من العراق قال؛ (انه لا يفهم كيف تسمح الحكومة البريطانية باستمرار هذا الكلام المزعج)لانه يريدافعال لااقوال وهذا هوسرنجاحه في إدارة الدولة الأولى وحين حدد مسؤول إنجليزي بقاء الاحتلال سنتين قبل أن يتقرر مصير (الامارة) قال النقيب هذا (لتكن مصلحة العراق فوق الجميع والاحتلال زائل لامحالة).
ولقد ذيل النقيب توقيعه على الاتفاقية بالعبارة التالية: صاحب السماحة والفخامة السير السيد عبد الرحمن افندي جي بي أي رئيس الوزراء ونقيب اشراف بغداد، ربما لإعطاء الاتفاقية مسحة دينية وقدسية خاصة تحول دون تجرؤ أحد من البريطانيين من نقضها والالتفاف على استقلال العراق والاعتراض عليها.وان إدارة الاوقاف القادرية تمتلك عشرات الوثائق الخاصة بالسيد النقيب وانه كان وطنيا من الطراز الأول ومن هنادعوة لعدم التلاعب بتاريخ الشخصيات العراقية لان ذلك يؤثر وبحق على الوحدة العراقية التاريخية
على مدى قرن كامل، منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 طبقاً للبصمة البريطانية التي بدأت بتتويج الأمير فيصل بن الحسين ملكاً على العراق ودخوله التاريخ باسم الملك فيصل الأول، وانتهت بقيام الجمهورية عام 1958 وقتل حفيده الملك فيصل الثاني… توالت عشرات الشخصيات على منصب رئيس الوزراء إبان العهد الملكي الذي استمر 38 سنة.
– العهد الملكي
الحكم في العهد الملكي كان برلمانياً والملك مصون غير مسؤول. ولقد تعاقب على تولّي المنصب عدد من الشخصيات السياسية البارزة خلال تلك الفترة، لعل من أشهرها: عبد الرحمن النقيب، شريف أشراف بغداد وأول رئيس للوزراء، وعبد المحسن السعدون (انتحر عام 1928)، وياسين الهاشمي، ورشيد عالي الكيلاني، ونوري السعيد، وجميل المدفعي، وعلي جودت الأيوبي، وحكمت سليمان، ومزاحم الباجه جي، وصالح جبر، وجعفر العسكري، ورجل الدين الشيعي محمد الصدر، وأرشد العمري، وتوفيق السويدي، والدكتور فاضل الجمالي، وآخرون. لكن، على الرغم من تميّز عدد منهم، فإن الحقبة برمتها دخلت التاريخ الشفاهي للعراقيين كشعب باسم «عهد نوري السعيد».
نوري السعيد، ذلك السياسي الداهية الذي كان أحد ضباط الأمير فيصل بن الحسين أثناء الثورة العربية ضد البريطانيين – «الضباط الشريفيون» – بالإضافة إلى آخرين مثل جعفر العسكري (صهر السعيد) وياسين الهاشمي، تولى رئاسة الوزراء 14 مرة. وتلاه من حيث عدد تولي هذا المنصب علي جودت الأيوبي بـ8 مرات. لكن لدى المقارنة بين الأدوار التي لعبها نوري السعيد الذي اختزل عهداً كاملاً باسمه وبين الأيوبي، فإن الأخير لم يكن سوى موظف كبير يولى الحكم لأغراض التهدئة بانتظار عاصفة قادمة يمكن أن يتصدى لها ساسة مؤثرون مثل ياسين الهاشمي في سياق العلاقة مع الملك والعشائر والطبقة السياسية، أو رشيد عالي الكيلاني الذي كان قومي التوجه وقائد حركة مايو (أيار) الفاشلة عام 1941، أو صالح جبر الذي ارتبط باسمه توقيع «اتفاقية بورتسموث» بين العراق وبريطانيا عام 1948 التي أدت إلى ما سُمّي بـ«وثبة كانون» التي أسقطت الاتفاقية بعد انتفاضة شعبية عارمة سقط خلالها مئات القتلى والجرحى.
قبل صالح جبر، هناك بكر صدقي الذي قاد عام 1936 أول انقلاب عسكري في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وتولى رئاسة الحكومة بعد الانقلاب حكمت سليمان. وفي حين لم يتحمل عبد المحسن السعدون، الذي كان هو الآخر أحد ضباط الثورة العربية ضد البريطانيين، ما عدّه في رسالته الشهيرة إلى ابنه مساومات بين البريطانيين من جهة وإرادة الناس من جهة أخرى فانتحر…. فإن ياسين الهاشمي الذي تولى رئاسة الوزراء مرتين كان قادراً على اللعب على حبال السياسة فأطلق عليه لقب «أبو دماغين».
كذلك، في حين بدت الصبغة العامة لرؤساء وزراء العهد الملكي أنهم عسكريون محترفون، فإن ثمة سياسيين محترفين تولوا أدوارا مهمة على صعيد ربط العراق بالعالم الخارجي. وكان من أبرز الوجوه التي تركت بصمة واضحة في تلك الحقبة هو السياسي والدبلوماسي والأكاديمي العراقي الشهير الدكتور محمد فاضل الجمالي (توفي عام 1999) الذي تولى رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية بالتناوب أكثر من مرة.
مع ذلك، بقي نوري السعيد مهيمناً في الذاكرة العراقية الشعبية والرسمية حتى بعد قتله بعد انقلاب 14 يوليو (تموز) عام 1958 وسحل جثته في الشوارع. واليوم يرى كثرة من العراقيين أن السعيد كان صاحب أكبر إنجاز في تاريخ العراق الحديث ألا وهو تأسيس «مجلس الإعمار» الذي تنسب له كل المنشآت الحيوية الصناعية والزراعية، فضلاً عن السدود والجسور والأبنية الفخمة في بغداد، مثل وزارة التخطيط وجامعة بغداد والطرق الدولية السريعة.
– العهد الجمهوري
بعد عام 1958، حين جاء العهد الجمهوري، فقد منصب رئيس الوزراء رمزيته ودوره معاً بسبب استحداث منصب رئيس الجمهورية. لكن خلال الفترة من 1958 إلى عام 2003 – وهو عام إسقاط النظام العراقي السابق، فإن هناك اسمين فقط كان لهما دور في المحافظة على رمزية المنصب: الأول هو عبد الكريم قاسم «مؤسس» العهد الجمهوري، الذي رفض أن يكون رئيساً للجمهورية فاكتفى بمنصب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع. والآخر هو أستاذ القانون الشهير الدكتور عبد الرحمن البزّاز الذي يعد أول رئيس وزراء مدني في العهد الجمهوري. وبينما استمر حكم عبد الكريم قاسم نحو أربع سنوات ونصف السنة انتهى بإعدامه، فإن فترة تولي البزّاز رئاسة الوزراء استمرت سنتين تقريباً إبّان عهدي الرئيسين الشقيقين عبد السلام وعبد الرحمن عارف.
ويذكر عن البزّاز أنه أول من حاول جاداً البحث عن حلّ للقضية الكردية بإصداره بيان 29 يونيو (حزيران) عام 1966، أو البدء بسياقات صحيحة للدولة المدنية. غير أن الوقت لم يسعف لا البزّاز ولا نظام عارف؛ إذ جاء انقلاب 17 يوليو عام 1968 الذي هيمن بعده البعثيون على السلطة لمدة 35 سنة، اختزل خلالها صدام حسين كل الألقاب والمسميات والأدوار.
وبعد عام 2003، حين تحول العراق من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني توالى على منصب رئيس الوزراء أربع شخصيات، هم الدكتور إياد علاوي، والدكتور إبراهيم الجعفري، ونوري المالكي، والدكتور حيدر العبادي. وها هو أستاذ الاقتصاد عادل عبد المهدي يشغل المنصب في ظروف غاية في الصعوبة والحراجة معاً.