يستحق صحفيو العراق الحقيقيون ،وليس الطارئون على المهنة ، ان يسجلوا في موسوعة غينتس على ما يتحملونه وما يلاقونه من معاناة كثيرة سواء في وطنهم اوبالتعامل مع الدول الشقيقة والعدوه والصديقة . فهم كانوا وما زالوا يعملون ضمن خط النار ان صح التعبير ولا يوجد من يسهل مهمتهم كما يجري مع اي صحفي في العالم حتى وان كان من الدرجة العاشرة المهم انه صحفي عربي او اجنبي !ولكي نبتعد عن العموميات وندخل بالتفاصيل ساتناول هنا نموذجا بسيطا عن تعامل سفارات الدول الاجنبية وبالخصوص الاوربية مع الصحفي العراقي حتى ان مسؤوليها الاعلاميين لايكلفون انفسهم الاجابة حتى عن استفساراتهم .. لا ادري ربما هو انعكاس سلبي لنظرة هذه الدول غير الايجابية عن عراق ما بعد الاحتلال االذي يصر البعض على ان يسميه جديدا!.. ويكفي ان نشير هنا الى انه كان من حق العراقي في عام 1970 ان يدخل من دون ( فيزا ) الاقطار العربية كافة وبلدان الاتحاد السوفيتي كافة وبلجيكا وبريطانيا والسويد والدنمارك والنروج وفرنسا وهولندا واسبانيا وايطاليا وغيرها لنشعر بمدى المرارة والحسرة عندما يقف اي منا مهما كان موقعه ، ما عدا الفاسد من السياسيين او اصحاب الاموال القذره ، فيقف عند باب اية سفارة من سفارات هذه الدول ليتكرم الحارس الامني بالحديث معه ويخبره ان عليه ان يأخذ موعد مسبق من خلال الايميل وهي طريقة طرد مهذبه لانه عمليا لن يحصل على جواب او حتى رد على هاتف!!
واذا استثنينا اشقائنا العرب فان دساتير وقوانين جميع دول اوربا تزخر بمواد عن حرية الاشخاص في السفر والتتقل والعيش وقيم الانسانية والكرامة لكنها مع الاسف تتعامل بها بازدواجية مفرطة خاصة بالنسبة للعراقي الذي صار منبوذا علما ان غالبيتهم حتى طالب اللجوء منهم يحمل مبالغ من المال تعينه على العيش .. قديبرر البعض سلوكيات سفارات الدول الاوربية بالاوضاع الامنية اوالقناعة بان العراقي عندما يذهب الى اي منها فلا يرجع وفي هذا شيء من الصحة ، لكن جميع هذه الدول لديها اجراءات حماية مشددة جداً اما عن الخشية من البقاء فهي اصلا لها شروط شبه تعجيزية منها حساب بمبلغ خمسة الاف دولار وسند بيت وحجز فندقي وغيرها هذا لمن يسعفه الحظ ويحصل على موعد مقابلة يكون اسهل الطرق اليها من خلال شركات السياحة التي تفرض مبالغ خياليه هي بحقيقتها ابتزاز ما يجعلنا نتساءل بشك وريبة عن من يسهل لهذه الشركات عملها وهو اكيد من داخل احدى السفارات !!
نعتقد ان اية سفارة تحرص على بناء علاقات جيدة مع شرائح مجتمع الدولة التي تعمل بها وتبني علاقات معها خاصة مع الصحفيين وهذا هو الامر الطبيعي لكن ما يحصل عندنا العكس تماما ولا ادري ما الذي كان يضير مسؤول اعلام سفارة المانيا مثلا ان يطلب على الاقل هويتي الصحفية ليتأكد انني صحفي مخضرم وزاولت هذه المهنة حتى قبل ان يكون هو في بطن امه وكذلك الامر بالنسبة للسفارة الفرنسية والاسبانية واليونانية وغيرها !
ربما يلومني البعض ويقول ما الذي دفعك للذهاب الى هذه السفارات فاقول انه حلم بسيط كان يراودني منذ ان دخلت عالم الصحافة في ايلول عام 1970 بان احمل اوراقي وقلمي واجوب العالم لاكتب عن الروابط الانسانية بيننا كعرب وبين اوربا فكمايشير الباحث الالماني اونغر الى ان تحاور الحضارات اقوى من تصادمها .. اما عن سبب اختياري لسفارات المانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا واليونان فلكل واحدة منها سبب ابرزها تاريخها وثقافتها وعمق الروابط والصلات بين امتنا وبينها .. انه حلم يبدو صعب التحقق لا لسبب الا كوني صحفي عراقي ليس الا ولم يبق من العمر الكثير لتحقيقه!!