18 ديسمبر، 2024 9:17 م

 

اودعتك الله …هي الكلمة التي قالتها الام وهي تودع رفاة ولدها ………….

اي صبر جللها …اي ايمان انبثق نوره في فؤادها وروحها وكل جارحة فيها 

كانت عيناها مثبتتان على جنازة ولدها الحبيب المحمول على اكتاف اهله وذويه واصدقائه  وكان نشيجهم يعلو ويعلو كأنه استغاثة من البلاء واستعانة بالصبر كانه طرق  متواصل على باب الكريم الله تعالى ليفيض عليهم بالصبر والجلد.

المصاب جلل…الفقيد شاب في مقبل العمر لم يتعد عتبة التاسعة عشر من السنين و كان  مثالا للأخلاق الفاضلة والروح السامية التي تركت اثارها الطيبة في نفوس الاهل والمقربين والاصدقاء فكان دائم الابتسام محبا للجميع  فهو قدوة الاصدقاء في المودة وقدوة الاهل في الحنان وقدوة العاملين في الاخلاص وهو اضافة الى ذلك قدوة زملائه الرياضين الذين امضى معهم اوقا ممتعة بين التدريب والمباريات التي احرزوا فيها الكثير من الاوسمة والكؤوس.

(محمد) ذلك هو الاسم الذي دعي به يوم مولده تيمنا بالنبي الكريم وهو مذ نعومة اظفاره احترم ذلك الاسم اجلالا وتكريما وتعظيما لنبي الرحمة .

امضى محمد سني طفولته في بيت العائلة الصغيرة التي تنتمي لأسرة كبيرة يحنو بعضها على بعض ويحرص اي فرد فيها على التواصل والقيام بواجبات الانتماء على احسن الوجوه فهم شركاء السراء والضراء وعند اشتداد الخطوب 

كان (محمد ) حريصا على اداء واجباته كاملة ازاء الاخرين وان تجاهل في كثير من الامور حقوقه ولم يشأ في يوم من الايام ان يعلو صوته مطالبا بحق شخصي له خاصة بل كان صوته قويا مطالبا بحقوق الأخرين بغض النظر ان كانوا اصدقاء او غرباء بل وحتى ممن لا يكنون له حبا صادقا وان كان اولئك قليلون لما امتاز به من روح متسامية متسامحة تصفح وتقبل العذر وتعلو على اي حقد او كراهية فهو يجسد الاخلاق الفاضلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم :

                      بسم الله الرحمن الرحيم

(والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون, والذين هم على صلواتهم يحافظون ,اولئك هم الوارثون, الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون)

                                                                 صدق الله العلي العظيم

رغم ذلك لم يتيسر لمحمد اكمال دراسته فالتحق بالعمل وكان كعهده في جميع ادوار حياته طفولة وصبا شابا مجدا مخلصا في اداء عمله لم يشهد سجل عمله اي علامة تلكؤ او تأخير او تهاون وهو في تلك الشركة قطب المحبة والصداقة والوفاء وتجمعه رابطة اخرى بالأخرين وهي محبتهم للرياضة فكانوا يمارسونها في اوقات فراغهم  في ملعب القضاء ضمن الفريق والذي كما اسلفت احرز العديد من الاوسمة والكؤوس .

(محمد)كان ثروة وكان يمكن ان يكون عمادا للأسرة في قابل الايام لكن ذلك اصبح محالا اذ فاجئه الموت …

(محمد شهيد )ليس في ساحات النضال بل شهيد التسويف والتعطيل والاهمال من قبل الجهات الحكومية  المختصة في انجاز ما يخدم المواطنين .

(محمد) شهيد البنى التحتية المعطلة لاستفادة بعض النفوس الضعيفة وحرصهم على احراز اكبر ما يمكن احرازه من مبالغ تجد طريقها الى جيوبهم وخزائنهم التي في الغالب  هي خارج الوطن.

(محمد)قبل يومين من فاجعته التي ادمت القلوب يسأل امه عن تاريخ أول  يوم من شهر رجب الخير فتجيبه ربما بعد اربعة ايام…

 وتعود فتسأله بدورها وما غرضك من السؤال فيجيبها 

  • اريد ان اصوم ذلك اليوم المبارك……………..

لكن محمد لم يشهد ذلك اليوم فقد تم دفنه في الليلة التي سبقت اول يوم بعد ان امضى ثلاثة ايام في المستشفى بعد تعرضه لحادث اليم بسبب اصطدام دراجته بأخرى وكانت نتيجة الصدمة نزيف حاد في الدماغ ولم ينقذه منه لا الادوية ولا الرعاية المشددة ولا حتى دعاء الاهل والاصدقاء والام المفجوعة والاب الذي استمع بصبر عظيم الى معلومة القاها اليه الطبيب المختص في اول كشف له على الحالة الحرجة لمحمد اذ قال بنبرة اسف وحزن كمن يعد ذلك الاب لتقبل الفاجعة إذ قال:-

  • اعلم انك ستتلقى نبأ وفاته في أي لحظة …وبعد لحظات اضاف بحزن اريدك ان تستعد …ليساعدك الله ..

ربما سقطت بعض الدموع من عيني الطبيب وكان الله شاهدا ومطلعا على خفايا القلوب. 

(محمد)شهيد طرق الموت اجل شهيد طرق الموت التي لا تجد حلا رغم تقادم السنين .

(محمد) شهيد طرق الموت التي تشهد زحامات  مختلف المركبات  الكبيرة والصغيرة فضلا عن الدراجات والستوتات وعربات التكتك وكل انواع وسائل النقل واكثرها خطرة مركبات الحمل  وكذلك غياب الرقابة وغياب محاسبة المقصرين ومن الذين لم يلتزموا بقواعد ومحددات السلامة في السرعة او الاحمال 

(محمد)شهيد طريق ضيق تقوم على جانبيه المساكن والمنشآت الحكومية والاهلية والمدارس وكذلك الاسواق والحوانيت …

(محمد ) شهيد طرق الموت مضى في موكب الشهداء وهو مع الاخرين شهيد له عند ربه منزلة هو بالغها بأمر الاله العظيم  .

متى تتحقق امنيات واماني الشعب فيحظون بوطن ليس فيه للإرهاب بشتى انواعه مكانا فإرهاب طرق الموت لا تقل فداحة وخسران من الارهاب المكشوف ………………………………………..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟