لم تنجح مساعي الاحزاب السياسية الصغيرة العاملة في تركيا وخصوصاً الكردية منها، بهدم الحاجز الانتخابي المتضمن “حرمان آي حزب من التمثيل في البرلمان اذا نال أقل من (10%) من أصوات الناخبين في الانتخابات النيابية”، بعدما رفضت المحكمة الدستورية مؤخراً، خفض نسبة الحاجز، بقولها “هذا التخفيض ليس من اختصاصنا”.
وتعد مشكلة تخفيض الحاجز الانتخابي من اهم الفقرات التي جاءت بالمرحلة الثانية لعملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني “pkk”، لان الكرد يعتبرون وضع تلك المادة منذ عام 1980 ولغاية اليوم، هوسبب لمنع وصولهم للبرلمان.
لكن في هذه المرة لا يمكن ان يلام عليها رجب طيب اردوغان، الرئيس التركي، لانه لا يملك تلك اليد التي تطول لتصل الى المحكمة الدستورية، والتي لا تخضع ابداً لاوامره او تعليماته، انما تتيح المحكمة قرار التخفيض لتساعده بحل هذه المشكلة، بسبب خلافاته السابقة والمستمرة معها حول ملفات الفساد التي طالت مقربيه وكذلك رفضها لقراره بحجب مواقع التواصل الاجتماعي، مما وصلت لدرجة تبادل الاتهامات بين الطرفين.
ليست جميع الاحزاب التركية مرحبة ببقاء الحاجز الانتخابي بهذه القيمة الكبيرة، وخصوصاً حزب الشعب الجمهوري ابرز اقوى واكبر معارضي حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان، الذي يعتبر ان بقاء هذه القيمة يعني انه سيكون الخاسر الاكبر منه، وكذلك الحال للاحزاب الصغيرة الاخرى سواء الاسلامية او اليسارية، ويجعل العدالة والتنمية الرابح الاكبر بالانتخابات ويمنع دخول احزاب صغيرة للقبة البرلمانية والتي بدورها ان دخلت، ستشكل ازعاجا للعدالة والتنمية باتخاذ القرارات سواء السياسية او الاعتيادية داخل البرلمان.
فيما يغض الحزب المعارض الثاني في الساحة التركية “حزب حركة القومية” النظر عن هذا الامر، رغم الضرر الذي سيصيبه من بقاء قيمة الحاجز الانتخابي، الا انه يرى القرار بحد ذاته منع صعود للاحزاب الكردية الى التمثيل البرلماني والتي يكن لها الحزب عداء كبيراً.
لكن الحيرة في تجاوز هذا الحاجز، تكون في الاحزاب الكردية خاصة حزب “الشعوب الديمقراطية” الذي يعد الجناح السياسي لحزب العمال الكردستاني او المقرب منه، في خوضه الانتخابات البرلمانية التركية في حزيران المقبل، بقائمة واحدة، ام خوضها كمرشحين مستقلين وتشكيل كتلة نيابية تضمهم، تطبيقاً مرة ثانية للخطوة السابقة التي حصدوا خلالها اكثر من 30 مقعدا برلمانيا بالانتخابات السابقة.
والمتابع للواقع الانتخابي لحزب الشعوب، يرى من الصعوبة تجاوز الـ(10%) من اصوات الناخبين جميعا، رغم حصول مرشحهم (صلاح ديمرتاش) في الانتخابات الرئاسية التي اجريت العام الماضي، على “9.76%” من اصوات الناخبين، الا انهم يخشون من خسارتهم بسبب هذا الحاجز الانتخابي، باعتبار اصوات ديمرتاش لم تكن جميعها من حزب الشعوب الديمقراطية، وانما من احزاب يسارية اخرى ستخوض الانتخابات المقبلة بعيداً حزب “الشعوب الديمقراطية”
اما اذا استطاع حزب الشعوب تجاوز هذ العتبة الانتخابية وحصل على مقاعد اكثر، يعني دخوله في مرحلة جديدة بتاريخ الاحزاب الكردية التركية وسيغير من موازين حسابات اعدائه قبل اصدقائه الاتراك، وربما يدخل حليفاً او مساعداً لحزب العدالة والتنمية المتوقع فوزه بالمرتبة الاولى بالانتخابات، داخل البرلمان التركي الجديد حول اقرار القوانين او تعديلها التي تخص عملية السلام والقضية الكردية بتركيا.