18 ديسمبر، 2024 8:06 م

في الحسابات الاستراتيجية لا تشكل دول الخليج منفردة أو مجتمعة عبأ على الدولة العبرية أو حتى عامل ضغط بسبب كونها محكومة بقيادات قبلية الجذور لا رغبة لها في اكثر مما يقع تحت سيطرتها وينحصر سعيها بتمكين سيطرتها في المكان الذي تفرض حكمها العشائري فيه وتأمين توارث الأبناء حكم الآباء بسلاسة ومن دون مشاكل إضافة إلى ضعف العامل ( القومي ) لتلك الزعامات وعلى ما اذكر ان الكويت وكانت أبرز دول الخليج في تلك الفترة دفعت جيش قوامه ( لواء ) للمشاركة في حرب ١٩٧٣ مارا عبر بغداد وقبل أن يجتازها باتجاه سوريا أعلن عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والدول العربية المتحاربة معها فتوقف الجيش الكويتي قرب مطار المثنى في بغداد لانتظار أوامر الحكومة الكويتية وكفى الله الخليج شر القتال . عموما المال ممكن ان يشتري السلاح والضمائر والأراضي والأملاك لكن من غير الممكن أن يقاتل أصحاب المال في ساحة غير ساحاته ولايرغبون برؤية الدم المسال على عكس فرحهم بتدفق المال إلى جيوبهم وبنكوهم . اذا لماذا بدأت امريكا بتطبيع علاقات دول الخليج مع إسرائيل؟ امريكا لم تبدأ من الخليج انما كانت البداية من مصر والأردن وفق حسابات جيوسياسية منذ مشروع ( روجرز ) الذي قبله المهزوم عبد الناصر سرا ورفضه علنا في عام ١٩٧٠ واستمرت المفاوضات حتى نضجت بالاتفاق على القيام بحرب ( تحريكية ) في تشرين ١٩٧٣ وانجز من خلالها صلح مصر وإسرائيل في زمن السادات وخرجت مصر وتبعتها الأردن من الصراع ولم تقم سوريا باي حرب ضد إسرائيل بعدها ولو محدودة بل تحملت الضربات التأديبية من إسرائيل بصمت مؤلم ولم تكن لبنان دولة مواجهة ولتاكيد ذلك قام الجيش الإسرائيلي باجتياح بيروت مرتين بطريقة اقرب للجولة الترويحية منها للحرب ورغم قيام حزب الله اللبناني بحربين بالنيابة إلا أن لبنان خارج الصراع في حسابات امريكا . اذا لماذا اتجهت امريكا للتطبيع مع دول الخليج وتركت لبنان ؟ دول الخليج هي الأضعف في المعادلة لكنها الأقوى في اللعبة بسبب امتلاكها لعصب الاقتصاد في المنطقة العربية ولا يفصل بينها وبين إيران سوى الخليج اذا التطبيع معها يسبب انهيارا واضح في العراق وسوريا اللتان عادة مايحكمهما ( قومجيون ) يجيدون إعلان عدائهم لإسرائيل رغم أنهم لايمارسون غير الجعجعة الفارغة والتطبيع مع دول الخليج يضع سوريا والعراق في زاوية خانقة إضافة لظروفهم الصعبة وتشتت وحدة القرار في العراق وانشغال سوريا بحروب داخلية ويحرم إيران من استثمارها السياسي لعدائها الإعلامي مع إسرائيل ويجبرها على تغيير سياساتها في التعامل مع امريكا بعد أن تحاصر من إسرائيل التي ستقف لها على الضفة الأخرى من الخليج وأمريكا التي تسعى لاخراجها من العراق وسوريا ولبنان وقطع اذرعها هناك وقد لا نفاجأ بعد أشهر أو سنوات بلافتات ترحيبية بكبار الدولة العبرية و .. اهلا بكم في بغداد .