كما قال الشاعرُ التونسي أبو القاسم الشابي ( اذا الشعبُ يوماً أرادَ الحياة … فلابدّ أن يستجيبَ القدر ) فان أيّ شعبٍ يريدُ العيش الرغيد الآمن لابدّ أن يختار الطريق الصحيح لتحقيق هذا الهدف ، وأن يتحرّكَ التحرّكَ الفعالَ لفرض ارادته التي يحاول البعضُ سلبها . والشعبُ الذي لا يستطيع النهوض والاستيقاظ من سباته لا يمكن أن ينالَ حقوقه المهدورة وهو في غفوة عميقة ، ولا يمكن أن تعينه على ذلك شعوب العالم كلها ، وهو وفق المنطق لا يستحق الحياة . ومن هنا أنطلق بالحديث عن سبات العراقيين الطويل وعدم قدرتهم على النهوض الفعلي الجاد للتصدّي بشكل حازم وصارم لما يجري على أرض الواقع منذ عام 2003 ولحد الآن . فالبلدُ يسيرُ نحو الهاوية السحيقة ولا يوجدُ بصيص أملٍ للتغيير الجذري الشامل في مختلف المجالات طالما أن القوى السياسية المتحكمة بزمام الأمور لا تملكُ رؤى آنية للمشاكل المتفاقمة ولا رؤى مستقبلية للأجيال القادمة ، وهي لا تريدُ فسح المجال لذوي الكفاءة والنزاهة والاختصاص لإدارة البلد ادارة ناجحة . ومن يتصور أن الانتخابات طريق للتغيير فهو واهمُ تماماً لأن عجلة الانتخابات تدورُ حول محور واحد وبنفس الأسماء التي تتبادلُ المناصب فيما بينها وليس أكثر من ذلك . ومن يتصور أيضا أن الدعوة للإصلاح دعوة صادقة فهو واهمٌ أيضا لأن مثل هذه الدعوات تكررتْ لأكثر من مرة – وعلى ألسنة كبار المسؤولين – دون أن يتحقق شيء منه ولو بنسبة قليلة . ومن يتصور أن أجهزة الرقابة والاشراف والنزاهة ولجان استرداد الأموال المسروقة والمهربة خارج البلد استطاعت أن ترتقي بعملها الى المستوى المطلوب فهو واهمٌ أيضا لأن عمليات الفساد وسرقة المال العام ماتزالُ مستمرة وحجمها باتساع وازدياد . كما أن المال المسروق المهرب خارج البلد الذي تقدر قيمته بمائة وثلاثين مليار دولار تقريبا لم يتم استرجاعه ولا حتى جزء بسيط منه . اضافة الى كل ذلك فهناك طرق تبدو في ظاهرها مشروعة وفي حقيقتها مجرّد وسائل للاستيلاء على المال العام وتحويلها خارج البلد تحت عناوين ومسميات كثيرة ، وكمثال على هذا الأمر بيع الدولار – وهو عملة صعبة – من قبل البنك المركزي العراقي بسعر معين يقل عن السعر المتداول في الأسواق المحلية بأرقام لا يستهان بها على الاطلاق ممّا يسبب خسائر كبيرة من أموال العراقيين ينتعش بها عددٌ من الذين يتصيدون بالماء العكر . بالإضافة الى عمليات اخراج العملة الصعبة بحجة استيراد المواد المختلفة من قبل بعض التجار التي لا تتطابق قيمها الحقيقية مع المبالغ المرصودة لها لأن الرقابة تكاد أن تكون معدومة على عمليات الاستيراد والتصدير أو أنها خاضعة للمساومات السرية . وممّا يزيد الأمر سوءا رواتب المسؤولين المبالغ بها كثيرا ورواتب حماياتهم ونثرياتهم ورواتب أعضاء البرلمان الفعلية والتقاعدية وووووووو …… و ان بقي الحال على ما هو عليه لسنوات قادمة فلن يجدَ العراقيون ولا أجيالهم القادمة حياة كريمة تحميهم من الذل والهوان . وحينئذ لن ينفعهم عض الأصابع ندماً ، ولن ترحمهم حتى السماء لأن الله لا يرحمُ المغفلين الغارقين في سباتهم العاجزين عن التصدّي للمفسدين وآكلي لحوم المواطنين .