تعد احداث دهوك الاخيرة والتي اشتعلت شرارتها عقب اداء صلاة الجمعة وتحديداً في قضاء زاخو وامتدت الى مناطق سيميل احداثاً نوعية جديدة ودخيلة على المجتمع الزاخولي البسيط والمحافظ والذي لايتجوز عدد سكانه المائتا الف نسمة، فبعد خروج مجاميع من المتظاهرين الغاضبين والذين هاجموا محال لبيع المشروبات الكحولية واندية المساج والفنادق وقاموا باحراق عدداً منها، وامتدت الهجمات لتشمل محالا اخرى في سيميل، رد متظاهرون اخرون بالهجوم على مقرات بعض الاحزاب الاسلامية الكردية.
والذي لايعرف قضاء زاخو جيداً لايمكنه الحكم على الاحداث الاخيرة بصورة صحيحة لان هذه المدينة الصغير يقطنها خليط يغلب عليه المسلمين المحافظين وكذلك المسيحيين من كلدان كاثوليك وسريان أرثوذكس وأرمن كما تمتاز بوجود بعض القرى على اطرافها والتي يسكنها ابناء الطائفة الازيدية وبذلك تكون هذه المدينة المتناهية الصغر على الخارطة والكبيرة بتاريخها عبارة عن عراق مصغر يظم كل اشكال الطيف العراقي المتنوع، وعند الخوض في تاريخ هذه المدينة نرى ان اهلها عاشوا على مر العصور متحابين متآخين لاتشوب علاقاتهم اي شائبة، بينما تدل الاحداث الاخيرة على ان هناك اياد خفية استطاعت التسلل الى البعض والضرب على وتر جديد لم تألفه المدينة من قبل وكان لهذا العزف صداه الذي شهدناه وراقبناه على مدى عدة ايام لتغفو زاخو على نزيف الدماء ونحيب المتضررين وانين جبال بيخير الشهيرة، ولا تستطيع اي جهة تحديد نوع هذا المد الفكري الذي بات يشكل هاجساً لدى الكثير من دول العالم والذي يستطيع ان يشل عصب الحياة في مفهوم بناء الدولة الحديثة الديمقراطية والتي تتآلف فيها جميع الاديان والطوائف وتعيش جنباً الى جنب كل له معتقداته التي يؤمن بها مع مراعاة الانتماء للوطن واحترام حقوق الاخرين وعدم المغالاة في المظاهر التي لا تؤدي الا الى الاحتقان والذي يولد بالتالي احداثاً لا تحمد عقباها.
ما حدث في زاخو يجب ان يؤخذ على محمل الجد وان يُسارع الى انهاء الموضوع بشكل قانوني وان تأخذ العدالة والقانون مجراهما الطبيعي في محاسبة المقصرين من الطرفين كل بما اتركبت يداه حتى ترتدع اي افكار آثمة تحاول النيل من هذا المجتمع المتحاب المتآخي وكذلك على الدولة ان تحسن اختيار خطباء وائمة المساجد لما يمثلوه من اهمية كبيرة في تأثيرهم على المجتمع بشكل مباشر.