في السياسة العراقية الحالية يتحكم في المشهد السياسي عدد من القادة السياسيين من قادة الاحزاب والحركات السياسية ورؤساء الكتل والكيانات السياسية واعضاء مجلس النواب والوزراء وكبار المسؤولين .ما يجمعهم جميعا هو حضورهم في المشهد السياسي بعد العام 2003, ومنذ ذلك العام اصبحت هناك مجموعة من كبار السياسيين وهم المتحكمون بما يجري في البلد وتتبعهم طبقة اخرى بشكل خط ثاني ثم خط ثالث وهكذا حسب درجة تأثيرهم وامكانياتهم , ويتجاذبون المواقف السياسية التي تحرك الاحداث فيه ,وبغض النظر عن شكل العلاقات بينهم والتي تظهر على الواجهة او في وسائل الاعلام على شكل خصومات ومنافسات وتشهير ومضاربات وتهديدات , أو صداقات وعزايم وعلاقات ومصالح, فهناك حد ادنى من التفاهمات , لكن من المؤكد ليس كل ما يدور بينهم او يحاك في السر هو ما يظهر للجمهور , وهناك من الاسرار الكثير مما يدور تحت الطاولة ولا يستطيعون كشفه وهو ديدن السياسة في كل العالم . يتميز هؤلاء بعدد من المميزات الشخصية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والاعلامية , فكل منهم له طبيعة شخصية ينفرد بها ,وقد يكون له كاريزما ,وله طبيعة اجتماعية حسب وضعه الاجتماعي الذي انحدر منه . واصبحت له طبيعة او صورة اعلامية يتميز بها كل منهم بحكم ظهورهم المتكرر في الاعلام ,و له كلمات وعبارات خاصة به, وطريقة تعبير اعتادها في مخاطبة الناس وفي التعامل مع وسائل الاعلام ,وطريقة خاصة به في التصريحات السياسية وبشكل عام ومن خلال مراقبتي للمشهد السياسي والشخصيات التي تظهر فيه ,استطيع ان اضع الملاحظات التالية بخصوصهم ووفقا للصفات التي يتميزون بها :
1-القائد السياسي الديني وهو أعلى واقوى السياسيين من ناحية التحكم في جمهوره , فهو سياسي يظهر غالبا بثوب رجل الدين ,و له اتباع بصفته الدينية او له ارث ديني عائلي كبير, ويتحكم بمجموعات كبيرة من البشر بحكم الخطاب الديني او التبعية الدينية او العائلية له من قبل اتباعه ,وغالبا هو المتحكم بالبرنامج السياسي لاتباعه ويقودهم بشكل مطلق وهم يتبعونه عن قناعة وتقديس , ومن الصعب الاعتراض على أرائه او قرارته بحكم تقديسهم له ولعائلته .ليس من المعتاد ان يرشح هؤلاء القادة بأنفسهم للانتخابات ولكن لديهم قوائمهم التي يرعونها ويمتلكون السيطرة التامة على اتباعهم. ليس شرطا أن يظهر هذا القائد بشكل صريح كسياسي فقد يكون موجودا خلف الكواليس بصفته الدينية ويوجه اتباعه عن بعد , او من خلال الخطب و الاجابات عن استفساراتهم.
2- القائد السياسي الملياردير هذا القائد يمتلك مليارات الدولارات ,كسبها بطريقة او اخرى وغالبا من خلال الفساد او الفرص المتاحة بعد 2003 , ولديه فضائية وصحيفة ولديه مصالح اقتصادية ولديه اتباع يعتمدون في حياتهم على ما يوفره لهم من وظائف او عطايا وهم تابعون مخلصون له . وجوده في العملية السياسية يوفر غطاء ونفوذ وحماية له ولمصالحه ولاتباعه. وبشكل عام هو غير مشغول بالمشروع السياسي بقدر أنشغاله بالمال والمصالح.
3- القائد السياسي الحزبي وهو قائد دخل العملية السياسية من خلال حزبه ,واصبح لديه من خلال المناصب التي استلمها نفوذ ومال ومصالح , ويتحكم باتباع حزبه من خلال ذلك ولكنه يبقى في تنافس مع بقية قادة حزبه وله اتباع يستطيع استقطابهم معه اذا اصطدم بمنافسيه داخل الحزب , وبما أنه يمتلك نفوذ ومال وعلاقات غالبا ما ينشق ليشكل حزبا اخر, اذا ما وجد من يحاول سلب القيادة الحزبية منه , فالقيادة و برستيجها هو ما يهمه , والحزب الآخر سيكون بعنوان اخر قريب للاول بالاسم والاهداف والتوجهات .
4-القائد الحزبي السفير وهو الممثل لدولة اخرى في العملية السياسية العراقية وهذا قائد يرتبط مع دولة عظمى او اقليمية او اجنبية بحكم كونه مواطنا لهذه الدولة ,بسبب حصوله على جنسيتها لأنه عاش فيها فترة معينة او انه لديه علاقات معها قبل عام 2003 وغالبا ترعاه هذه الدولة وتقدم له الدعم السياسي والمالي والأمني , ومن اولوياته المحافظة على علاقته بهذه الدولة ومصالح هذه الدولة في العراق , ووجوده في العملية السياسية شكل من اشكال الدبلوماسية للدول الاخرى للمحافظة على مصالحها.
5- القائد السياسي شيخ العشيرة وهو يمثل عشيرته ومنتخب من قبل ابنائها ويمثل مصالحه ومصالحهم في العملية السياسية ودوائر الدولة ويتعامل في القضايا السياسية بمنطق العشيرة.
7- السياسي المكمل للعدد هناك سياسيون موجودون في العملية السياسية فقط لاقناع الجمهور بأن هناك عملية سياسية ديمقراطية ,ويمكن للجميع المشاركة فيها ,وجاء للعملية السياسية مع قائمة اخرى لأعطائها مظهرا لا فئويا ولا طائفيا وهو يحصل على الامتيازات بحكم ذلك وهو مدعوم من هذه الجهة القوية وتشكل له الغطاء الامني والمالي على ان يبقى يدعمها بصوته في بعض المناسبات التي تحتاج فيها الى صوته.
8- السياسي عديم اللون والطعم والرائحة وهو سياسي جاء عن طريق الصدفة وغالبا مستقل ووجوده ديكور ولغرض الحصول على المنافع الشخصية وعمله هو ان(لايهش ولا ينش) كما يقول المصريون.
9- السياسي الكوتا هذا السياسي جاء الى العملية السياسية بواسطة الكوتا للاقليات او كوتا النساء وأغلبهم لم يسمع لهم صوت او رأي ويسيطر عليهم الخمول وفقط واجبهم الحضور واستلام المنافع.
10- السياسي المهرج وهو سياسي جاء بواسطة حزب او صدفة او كوتا ولا يعرف بالسياسة شيئا ووجد نفسه في خضم السياسة ويريد أن تسلط عليه الاضواء ويتعرف عليه الجمهور للمحافظة على مركزه , و يعتقد بأنه عن طريق التهريج في وسائل الاعلام او المنابر السياسية سيكسب شعبية تضمن له البقاء في الدورات اللاحقة وغالبا ما يختار مواضيع سخيفة ومثيرة للرأي العام ليطرحها ويثير حولها زوبعة لأرضاء ما في نفسه.
11- السياسي النرجسي هذا السياسي جاء باحدى الطرق الى العملية السياسية وانتخب في المجلس وهو بطبعه نرجسي وزاده المنصب والامتيازات والمظاهر نرجسية, وهؤلاء كثيرون لان اغلب المتصدين للعمل السياسي يتميزون بشكل من النرجسية وطبيعة السياسة ومظاهرها تجتذب الشخصيات النرجسية.
12-السياسي الملتزم هؤلاء سياسيون حزبيون او مستقلون ويريدون الاصلاح ولكن بسبب طبيعة العمل السياسي في الوضع الحالي الذي لا يحتمل الرأي الفردي دون استشارة جماعته فمن الصعوبة أن يفرض رؤيته على حزبه او كتلته ولكنه افضل من غيره.