“عندما نرى بندقية في المشهد الاول، من المسرحية، علينا ان نتوقع سماع صوت اطلاقها في المشهد الاخير”
إنطوان تشيخوف
فاجأني صديق، بقصور فهمه، وهو يستنكر تطوع العراقيين؛ لصد “داعش” كما لو أن من حقهم أن يعيثوا فسادا، في وطننا، ونشكرهم! معتبرا التطوع “دفاع عن واحد ميت صارله مليار سنة وهو يم الله بالجنة؟” ويقصد الحسين “ع” كما لو ان تقادم السنين وخلوده شهيدا في الجنة؛ يجرده من القدسية ويبيحه للموتورين يهدمون ضريحه ويقتلون محبيه، مواصلا “لو على مود اقتل مسلما يدخل الجنة ويظل دمه معلقا برقبتي ليوم الدين” وهل يجب ان نستسلم لمن يعتدي على حرماتنا؛ كي لا نقتل مسلما، وحينها سيدخل الجنة برغم اعتدائه ونعد مجرمين ودمه في رقبتنا لأننا دافعنا عن وطننا ومقدساتنا ضد عدوانه!؟
وقال: “ترة آني أكره الحروب والقتل على الطائفة” في وقت لا يحق له ان يكره حربا أكرهه الطرف الآخر عليها، والطرف الاخر هو المعادي لأسباب طائفية وليس من يتصدى له.. لا ادري كيف يفهم هذا الصديق مجريات الامور، ام ان غماما طائفيا يغطي بصيرته فلا تعي الحقيقة المطلقة، الا من نظارة نسبية، محكومة بقناعات سلفية متوارثة، تصادر فئات شريكة في العراق، منذ تنفست اول نسمة بشرية على ارضه.
أجبته ذاهلا من سوء ما بلغته بلبلة الافكار، لدى مثقف شوفيني.. يتعصب لقناعات القرية التي بنيت على سذاجات غير معقلنة، لم يفلح تعليمه بمحوها؛ لأن الـ… الخطل في الصغر كالنقش في الحجر.
قلت: “إذن انت تعترف بأن داعش تستهدف مقدسات على المؤمن بالله.. مسلما كان ام غير مسلم، ان يدافع عنها، ولا اقول شيعي او سني، حتى وإن كانت أشد خصوصية لفئة ما، مع انني لا اجد ضريح الحسين خاصا بالشيعة، فزواره من السنة لا يقلون عددا عنهم، ولا تتفاجأ اذا قلت لك اصدقائي من صابئة ومسيحيين يتبركون بزيارته.. صدقني.. اقسم لك على ذلك، لأنني أرافقهم، وحق “ظليمته” عام 61هـ و2014 م.
وحتى ان كنت غير مقتنع بما يطليه الشيعة على العتبات الاسلامية من قدسية، تعدها انت مبالغ بها؛ فطبق المثل الاوربي “اختلف معك، لكني اقاتل كي تقول رأيك بحرية” وهذا يعني ان أسمح لك بممارسة طقوسك التي تعيد اليك التوازن الايماني والاجتماعي؛ طالما لا تتسبب بضرر لأحد سواك، إن وجد ضرر.
من يقتل العراقيين لقناعات لا تضره، الا يستحق ان يصده المجتمع بفئاته كافة، ام نسلمهم له يقتلهم ونصفق له!؟ في وقت لا تفهم داعش سوى منطق القوة وليس المحاججة المنطقية؛ كي نتعامل معها بسلام، ولا اظنك غافل عما يفعلونه من اعدامات واغتصابات حيثما حلوا.
الساكت عن الحق شيطان اخرس ياصديقي؛ فلا تتخذ من إدعاء السلام، كلمة حق لتمرير الباطل؛ ولا تحمِ داعش باسم سلام هم لا يبالون به، وما تسميه سلاما هو استسلام جبان.. متواطئ، راصدا السلام لدعم ارهابيين قتلة، بل تتخذه درعا واقيا، من حيث داعش يحق لها استباحتنا، وإذا تطوعنا لصدها فإننا نخترق السلام الذي تنذر انت مجتمعا كاملا للموت بإدعائه.
لا سامحك الله.. يا صديقي، وانت تهدر فئة اجتماعية، بمقدساتها كافة، من دون ان تحترم وعيي، باستخدامك طروحات ملفقة؛ بغرائبية، ليس لها سوى تفسير واحد: انت متضامن مع داعش ضد وطنك؛ لأن نظام الحكم، ليس على مزاجك.