منذ منتصف نهار يوم السبت الموافق للعاشر من المحرم ،حيث استذكر ابناء الشعب العراقي ذكرى عاشوراء الاليمة ،و شبكة الكهرباء الوطنية تتعرض لحوادث بعض منها تخريبي تمثل بمهاجمة ابراج الطاقة واستهداف خط صلاح الدين – حديثة و جعلها خارج الشبكة ، و بعض اخر تقول البيانات الحكومية انه بسبب حريق في محطة البكر الثانوية في خور الزبير التابع لمحافظة البصرة ، وبهذا الخصوص اشار محافظ البصرة الى ان حادثة محطة البكر الثانوية عرضي وادى لاطفاء عام للشبكة الوطنية ، شمل محافظات بغداد والفرات الاوسط والجنوب ،ولم يكن حريقا في المحطة المذكورة ، كما ان هناك حادثة ثالثة في محطة جميلة في بغداد والتي تعرضت لحريق في ساعات مبكرة يوم الاحد ، وفي خضم حالة التوترهذه وعدم وضوح الروايات المتعلقة بهذه الاحداث المتزامنة ،استبقت بعض الجهات في وزارة الكهرباء التحقيقات وقالت انها بسبب الارتفاع في درجات الحرارة ، وهنا بدأت الاراء تنقسم وتتحول لسجالات بين فريقين يرى احدهما أنها نتاج اعمال تخريبية ممنهجة لا ينبغي التستر عليها ، واخر يعتقد جازما انها ليست الا مواصلة للفشل الحكومي في المعالجات وتكريس سوء الادارة ، والتستر على الفساد وعدم كفاءة القائمين على ادارة ملف الكهرباء ، ووسط هذه السجالات والاتهامات تضيع الحقيقة ،ولا يصل المواطن الساعي لها لشي ء ، و يعتقد انصار فريق ثالث محايد ان المعالجة الحكومية والتوضيح يستوجب الشفافية ، وهو ما لا يلمسه وقت يتعذر عليه معرفة المسببات الحقيقية ، التي تقف خلف هذه الحوادث وبالادلة التي تشبع بداخله كم التساؤلات والشبهات المطروحة في وسائل التواصل الاجتماعي وبرامج التلفزة ،والتي اسهمت بدورها بزعزعة ثقة المواطنين باللجان التحقيقية التي تعقب اي حادثة توجب الاستفهام .
من الامور اللافتة ان هذه الحوداث رافقها محاولة بعض الشخوص والحسابات المعروفة التوجهات ،و عبر منشورات موجهة ،ركوب الموجة، و تثوير الشارع لاغير ، مع محاولة لربط فعل التقصير بالنظام السياسي برمته ، فبين وصفه بأبشع الاوصاف الى محاولات واضحة المقاصد تتلاعب بوعي المواطن ، يجد هذا المواطن نفسه امامها بمنتهى الحيرة ،لأنها تعكس حالة صراع مرير يكون فيه هو الضحية ، وهذا التصور الذي ينشأ لديه يقوده للاحباط واستحالة الحل ، فهو غير معني بالصراعات وجل ما يبتغيه هو استمرارية الشبكة الوطنية ،ليضمن تقليل ساعات الاعتماد على المولدات الاهلية ،ناهيك عن عدد كبير ممن لا يستطيعون تحمل تكلفة هذه المولدات ، والتي بدورها لا تتحمل ساعات تشغيل طويلة تخرج فيها شبكة الكهرباء الوطنية عن الخدمة قد تطول و تتجاوز العشرة ساعات او اكثر ، ما يعني انقطاعا تاما لامدادات الكهرباء ، فيشعر ان كل ما يحدث بمثابة عقوبة قسرية لا يقوى على تحملها ، كما لا يمكنه تحمل تبريرات لا يدفع ثمنها غيره ، فجل ما يريده هو توفير شبكة كهربائية مستقرة ومستمرة .
ان مناقشة اصحاب الحملات الموجهة والاستماع لما يريدونه ومفاده ومنتهاه هو رغبتهم بالاستثمار سياسيا في مثل هذه الازمات ،التي تفوح منها رائحة الايدلوجيا ،فطغيان الخطاب التخويني الواضح العبارات مع ربط قد يبدو غير منطقي لاحداث مفترضة لم تقع اصلا ، وكل ذلك يجري طرحه وتسويقه بلهجة متطرفة لا تؤمن بالحلول، وتضع الامور في غير نصابها الحقيقي لا غير .
لذا فأننا اما مشهد متكرر من الصراع تدخل فيه الملفات الخدمية على خط ازمات اخرى ،وهنا فأننا نوجه الدعوة للحكومة والتي نقطع بمسؤوليتها ،و انها معنية بالدرجة الاولى في اظهار نتائج التحقيقات ،سيما مع توجيه الجهات المختصة في وزارة الكهرباء بتشكيل لجان تحقيقية للبحث في الاسباب التي ادت لهذا الخلل وبيان المتسببين به ، وهو ما يدعونا لأن نطالب بعرض النتائج امام الشعب دون حسابات وتغطية على المقصرين ايا كانوا ، وايضاح الحال امام الرأي العام ، من خلال عرض و تمرير رواية صادقة لما حصل بالفعل ،لان الشعب يحتاج تحديد الشخص المعني سواء أكان مديرا عاما او شخصية تنفيذية من ذوي المسؤوليات وحتى عمال الصيانة والفنيين ،لان التغطية وعدم الكشف عن الحقائق و عدم عرضها بشفافية ،يعني استمرار المقصرين افرادا كانوا او جماعات ، ما قد يقود هولاء وغيرهم لتكرار فعل معاقبة المواطنين مستقبلا ،لذا يجب ان تنحاز الدولة ومؤسساتها للمواطن ،وتعرض الحقيقة امامه ،وتظهر ان كان هناك تقصير فاحش كان بالامكان تلافيه ،او بالكشف عن المتورطين ان ثبت وجود عمل تخريبي مقصود ، فذلك يعني من وجهة نظر المواطن العادي انفاذ لمبدأ مهم ،هو الثواب للمتميزين والعقاب للمسيئين والمقصرين ، وهي مسؤولية وشجاعة تؤكد انحياز الدولة للمواطن وتعزيز ثقته بمؤسساتها واجراءاتها في محاسبة المقصرين .
نعم ان المواطن يحتاج لمعرفة الحقيقة ، كونه سئم محاولات البعض المتاجرة بمعاناته ،و التلاعب بمصيره وزجه في لعبة الصراعات السياسية والايدلوجية التي يمارسها البعض بطريقة مشاغبة تتحدى مشاعره وتحاول تحطيمه ودفعه لليأس والاحباط في كل مرة يلتمس فيها قرب الانجاز وتوافر الحلول لواحدة من اهم المشاكل الخدمية ،و التي يعتقد اليوم و ترسخت قناعته ان اكبر اسبابها هي الاسباب السياسية ،وهي عصية على الحل لانها خاضعة لمزاج جهات داخلية وخارجية ،تريد ابقائها بهذا الشكل المأساوي لتمارس الالاعيب والحيل وصولا لتحقيق مأربها وغاياتها على حساب معاناته ..