23 ديسمبر، 2024 2:26 م

انهيار داعش وبؤس فوضى التقسيم

انهيار داعش وبؤس فوضى التقسيم

لم يكن غريبا على المختصين والمراقبين للمشهد الميداني العراقي والاقليمي هذا الظهور المبرمج لعصابة داعش وطريقة احتلالها المضحك المبكي لمحافظة الموصل في العراق بعد صفقة التسليم المخزي
لهذه البقعة الستراتيجية العراقية والتي حدثت نتيجة التواطؤ الفاضح بين اطراف عراقية عديدة ادت الى دخول بضعة الاف من هذه العصابات التكفيرية البعثية الى مدينة الموصل وحدوث التداعيات الدراماتيكية بعدها والتي هي فلم امريكي صهيوني الانتاج وتركي بعثي تكفيري التنفيذ وسعودي قطري التمويل.
الا ان المراقبين للمشهد العراقي يجمعون ان عصابات داعش لم تكن لتتحرك ميدانيا لو لا وجود الحواضن الديمغرافية في العراق والتي حشدت طائفيا منذ اكثر من عام حين بدأ الاستعداء الطائفي يتغلغل من خلال استغلال التظاهرات والاعتصامات التي بدات بعد اعتقال جنود الحماية للنائب خالد العلواني ومن ثم القاء القبض على النائب نفسه بعد قيامه بقتل احد الجنود العراقيين علنا في حادثة معروفة التفاصيل
هذه التظاهرات والاعتصامات التي انطلق منها التحشيد الاعلامي والنفسي الداعشي لتهيئة حواضنه الديمغرافية مرحليا استعدادا لخطوات لاحقة تجسدت في دخول الفلوجة واحتلالها ومحاولاتهم لاحتلال الانبار ومن ثم جاءت عملية احتلال الموصل الدراماتيكية التي كانت عبارة عن صفقة تسليم وتسلم كان عرابها محافظ الموصل اثيل النجيفي ومسعود البارزاني مع ثلة من كبار ضباط الجيش في الفرق المتواجدة حينذاك في الموصل والمسؤولة عن توفير الحماية لها الامر الذي شكل فضيحة مدوية ادت الى كل هذه التداعيات التي نجم عنها نزوح اكثر من 3 ملايين نازح عراقي من الموصل واقضيتها ونواحيها اضافة الى ارتكاب عناصر داعش للعشرات من المجازر الدموية والتي طالت الالاف من العراقيين الابرياء ومن كافة اطياف التنوع العرقي والديني والمذهبي العراقي
وهنالك عامل محوري لايقل اهمية عن محور الحواضن الداعشية الا وهو وجود الكثير من الوجوه السياسية المشاركة في العملية السياسية وهي تمثل في الحقيقة الوجه السياسي الداعشي في المشهد السياسي العراقي وهذه الوجوه كان لها الدور المنهجي المعد لها سلفا من قبل الولايات المتحدة والكيان الاسرائيلي والسعودية وقطر وتركيا في وضع العصي في دواليب العملية السياسية وتعطيل التنمية السياسية واحداث الازمات التي تؤدي الى حدوث الاستعداء والاحتراب الطائفي الذي سعت اليه الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة منذ ان وطئت قدمها ارض العراق وتسويق حملتها المنبثقة من (نظرية الفوضى الخلاقة) التي اطلقها الرئيس الامريكي السابق جورج بوش ووزيرة خارجيته غونزاليسا رايس وراهنا عليها في العديد من خطاباتهما وبشرا من خلالها بتغيير خارطة الشرق الأوسط الى ما اسمياه بالشرق الاوسط الجديد.
وبعد جملة من التداعيات في الواقع الميداني العراقي والتي توجت باخذ زمام المبادرة من قبل القوات المسلحة العراقية وقوى الاسناد الشعبي التي شكلت ظهيرا حيويا ومهما لهذه القوات ورفع معنوياتها من جديد لاسيما بعد ان صدرت الفتوى التي تدعو الى الجهاد ضد داعش من قبل سماحة السيد السيستاني والتي عدها المراقبون للاحداث انها شكلت عاملا مهما جدا في استعادة المبادرة من جديد من قبل القوات المسلحة لاسيما ان حصيلة هذه الفتوى كانت عبارة عن تواجد اكثر من 3 ملايين متطوع لبوا نداء المرجعية الدينية للدفاع عن ارض العراق ومقاتلة الارهابيين الداعشيين
الامر الذي قلب ميزان المبادئة والمبادرة لصالح القوات العراقية لمحاصرة هذه الزمر والزحف نحو المناطق التي احتلتها وبداية العد التنازلي لانهيار زمر داعش التي
ظهرت في مرحلة الدفاع عن نفسها بعد ان كانت في وضع الهجوم بداية انطلاق حملتها الدراماتيكية بعد صفقة تسليمها الموصل
ان المراقب للمشهد العراقي يقرر ان داعش هي جسم غريب زرع في جسد العراق المتعدد الاثنيات والاعراق والمذاهب من اجل خلط الاوراق وتجزئة العراق وتدمير طاقاته وبناه التحتية وجعله اتونا للازمات وهي محاولة جد خطيرة لكنها بائسة تدخل ضمن اطار نظرية التقسيم الصهيو اميريكية والتي كان ولا زال عرابها الامريكي الصهيوني نائب وزير الدفاع الامريكي جوزيف بايدن الذي ما فتيء يدعو الى تطبيق هذه النظرية خدمة للاهداف الستراتيجية الامريكية
وضمن نطاق نظرية الشرق الاوسط الجديد في تجزيء المجزء وتفتيت المفتت وانشاء خارطة سايكس بيكو جديدة في دول العالم العربي والاسلامي وبما يضمن سلامة الامن القومي الاسرائيلي وجعل دول العالم العؤربي والاسلامي كانتونات صغيرة تسودها الازمات والصراعات ولاحول لها ولاقوة وبالتالي يسهل التحكم بها من خلال سرقة خيراتها وابقائها تحت نير التخلف والجهل في ظل زمر القتل الارهابي الداعشي ومن على شاكلتها
واليوم وبعد اكثر من شهرين على احتلال زمر داعش للموصل وبعد الحملات العسكرية للجيش العراقي المسنود بقوى الاسناد الجماهيري وكتائب الحملات المساندة وتطهيرها للعديد من المناطق والمدن وتكبد داعش للخسائر الجسيمة وانكماشها وانتقالها من مرحلة الهجوم الى حالة الدفاع التي شابها الكثير من الغموض والتي تحاول ان تقفز منها عن طريق ارسال المفخخات وزرع العبوات في بعض مناطق العاصمة بغداد وبعض المحافظات للتستر على خسائرها وموقفها الميداني العصيب
ان ما قامت به داعش البعثوهابية  وحواضنها الديمغرافية في العراق كشفت للعالم وحتى لسكان المناطق التي احتلتها مدى الوحشية والتحجر والانحطاط الاخلاقي والنفسي والسلوكي والدموي لدى هذه الزمر التي حشتها الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية المتحالفة معها اضافة الى محور الشر السعودي التركي القطري الخليجي وبواسطة المال النفطي الخليجي والفقه الغرائزي العقائدي البدعي الجاهلي التكفيري وفتاواه العجيبة الغريبة المتعطشة لدم الانسان المسلم وغير المسلم وهدم قيمه الانسانية وتحويله الى الة صماء للقتل والتخريب والتدمير والتوحش ومنها على سبيل المثال اغتصاب النساء وقطع الرؤوس وبيع  المئات من النساء في الاسواق كجواري والتهجير الذي شمل جميع اشكال الطيف العراقي والمجزرة القذرة التي ارتكبتها زمر داعش وحواضنها البعثية في سبايكر حيث تم تصفية وقتل 1700 عراقي اعزل في ساعات بعد خروجهم من قاعدة سبايكر وسيرهم في الطريق العام
كل هذه المجازر والجرائم وغيرها اضافت بعدا جديدا في قضية التعجيل بنهاية هذه الزمر الجرثومية الكهفية المقيتة والتي تعتبر جرائمها ضمن القانون الدولي جرائم رباعية الابعاد والتوثيق فهي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وجرائم ابادة جماعية وجرائم تطهير مذهبي وطائفي وعرقي وبالتالي فان خطر داعش سيرجع ويرتد الى الدول التي صنعته وجهزته لهذه المهمة القذرة في العراق وسوريا وبالتالي فان مازق هذه الدول المصنعة لداعش اصبح يفرض عليها ان تجد وسيلة لانهاء هذا السيناريو البائس بعد ان اثبت فشله الذريع بعد تنامي الوعي الشعبي العراقي ووعي الراي العام في بلدان المنطقة ودول العالم بضرورة القضاء على هذه الجرثومة السرطانية التي اصبحت وستصبح وبالا على الدول المصنعة لها اذا لم تتوحد الجهود في المستقبل القريب جدا للقضاء على ظاهرة داعش التي احترقت ورقتها في مسلسل الازمات والرعب الصهيوامريكي المسوق لبلداننا بعد انتهاء مسلسل الخريف العربي الصهيوني الوهابي البائس.