17 نوفمبر، 2024 11:48 م
Search
Close this search box.

انهيار الدولة : الفشل.. ليس عراقياً

انهيار الدولة : الفشل.. ليس عراقياً

يوم بعد آخر يثبت العراق انه سائر في دروب الدولة الفاشلة، التي تعرف بوضوح في القاموس السياسي الأكاديمي بكونها دولة ذات حكومة مركزية ضعيفة أو غير فعالة حتى أنها لا تملك إلا القليل من السيطرة على جزء كبير من اراضيها، بما يؤكد وجود عواقب سياسية كبيرة، وهناك من ينظر الى سلم تصنيف الفشل على مقوم السيادة، وبسط السلطة وإخضاع البلاد، لكن الذي يجري في عراق اليوم من فشل امني وسياسي، وهو البلد الذي يوصف في تقارير منظمة الطاقة الدولية بأنه الدولة الأكثر قدرة على اشباع حاجة السوق من موارد النفط والغاز خلال العقدين الحالي والمقبل، يجعل تقييم العراق بوصفه دولة فاشلة على مفترق طرق، لقدرة الدولة على إنشاء اقتصاد قابل للتسويق عن طريق توقيع صفقات مع الشركات المختلفة، مع وجود عملة وطنية رسمية، وادارة قانونية، حضور مقوم البرلمان أو المجالس الشعبية أو غيرها من المؤسسة التي يتفق عليها العرف السياسي للشعب أو لمجموعة من العشائر، المنضوية تحت سلطة مركزية واحدة، مع ضرورة وجود دستور مكتوب أو غير مكتوب يُعتبر المرجع في تبرير تسيير شؤون البلاد.
والسؤال لماذا هذا الفشل المتكرر في الملف الأمني؟
يأتي الجواب الأمريكي الأكثر صراحة في تقارير السفارة الأمريكية في بغداد التي ترى فيه نوعاً من تصفية الحسابات الإقليمية ما بين نفوذ إيراني واضح على حكم الأحزاب الشيعية، مقابل تدخل خليجي تركي لموازنة نفوذ الأحزاب السّنّية، ومشكلة مثل هذا التحليل انه جعل جميع الأحزاب الناشطة في المشهد السياسي العراقي مجرد احجار شطرنج على رقعة التنافس الإقليمي الذي لم يوفر لهذه الأحزاب بمختلف تنوعاتها فهم تجارب الدول التي خاضت مثل هذا الصراع الاثني والطائفي وأبرزها لبنان، لتؤكد عملية نقل ذات اساليب ادارة الصراع بما يجعل عراق اليوم أمام استحقاق المؤتمر الإقليمي الدولي لتقاسم النفوذ كما حصل في مؤتمر الطائف لحل المعضلة اللبنانية، وكما حصل في مؤتمر برلين لحل المعضلة الأفغانية.
لكن التمعن في المشهد الإقليمي يظهر ان مثل هذا التقاسم للنفوذ في المنطقة يرتبط بالملف النووي الإيراني، وهناك معلومات مؤكدة في الأوساط السياسية العراقية الشيعية ترى ان المصلحة الإسلامية الأعلى تتطلب التضحية من اجل التفجير النووي الإيراني، تحت عنوان عريض بأن حكم الشيعة للعراق لا يمكن ان يقبل من دول المنطقة إلا بعد ظهور النتائج الاقليمية لهذا التفجير النووي الإيراني، وهناك مراهنات على التضحية العقائدية من اجل اهداف إسلاموية تجعل من الدولة الصوفية الإيرانية تنهض من جديد في المنطقة مقابل معالم بروز النبرة العثمانية في التصرفات التركية، والفشل الذريع لتسويق الآراء السلفية لتنظيم القاعدة حتى في أواسط سنة العراق.
المضحك المبكي ان الجميع يعرفون بأن من يدير هذه اللعبة في العراق، هم قيادات المستعربين، الذين يقودون خلايا الموساد في العراق، المتمثلة في شركات تمول بعض منظمات المجتمع المدني او الأحزاب التي لا هدف لها غير تأجيج العنف كلما استقر البلد، واليوم تترجم تفجيرات عيد الفطر المبارك كنوع من استقبال هذه القوى المتصهينة للرئيس الإيراني الجديد في سياساته الإقليمية، الداعية للحوار ندا لند مع الولايات المتحدة لأهداف إيرانية معلنة في اجتماعات بغداد لـ(1+5) بأهمية تسوية النفوذ الإيراني الإقليمي كنوع من التعاون في ملفه النووي.
السؤال الأبدي.. متى تنتهي الأحزاب العراقية من لعب دور بيادق الشطرنج والدم العراقي يهدر يومياً تحت مختلف الأسباب؟ ربما يستطيع الناخبون العراقيون الإجابة عليه في الانتخابات المقبلة.

أحدث المقالات