وهذه حكاية امرأة تسير في طريق منفردة، فأخذت راحتها بعض الشيء، فقد حكي ان امرأة سارت في طريق ولم تلتفت للخلف، وكان احد الرجال يمشي خلفها من غير ان تشعر فقد كان حافيا، ولما احست المرأة انها بمفردها اطلقت صوتا وقالت: هذا اول بروْ، ومشت ثم انها اردفت بالثاني فقالت: هذا ثاني بروْ، واخذت راحتها، فمشت مسافة واردفت بالثالث، فقالت: يا… هذا ثالث بروْ، عندها لم يطق الرجل صبرا، فتنحنح، فالتفتت اليه وقالت: ولك انته من يمته وراي، فقال: آنه وراج من اول بروْ، ونحن خلف الحكومة العراقية من اول بروْ، من جريمة قتل كامل شياع، الى قتل محمد عباس، الى جريمة قتل هادي المهدي، وحتى الصحفي الكردي سردشت عثمان الذي قتل لمقال كتبه لم يغب عن بالنا، نعم نحن خلف الحكومة من اول بروْ والى آخر بروْ، ولايمكن لنا ان نخلي ساحتها، فهي مقصرة، ومتراخية، والقوات الامنية غير كاملة ولايمكن الاعتماد عليها في حفظ امن العراق، ولكن هل هذا مبرر لكي نتنازل عن قتلة الدكتور محمد بديوي، كأن نقول: اذا نحن لم نمسك بقتلة كامل شياع، فعلينا ان نطلق قتلة الدكتور محمد بديوي، وهذا مايطالب به البعض من سياسيي الكرد وبعض المثقفين العور، والذي يصدق عليهم قول الشاعر:
( ان جئت ارضا اهلها جلهم….. عور فاغمض عينك الثانيهْ)
ولم يصمت البعض عند هذا الحد بل تمادى اكثر، واعتذر من القاتل، انهم يعتذرون من قاتلك يامحمد بديوي، ويدينون من مشى بجنازتك مشيعا، ويلعنون الصحف التي احتجبت احتجاجا على موتك بطريقة استفزازية، لم تكن اعتى جرائم الارهاب تشبهها او تزيد عليها شيئا، قتلت بطريقة تدعو الى تأمل القاتل، فقد كان يبتسم حتى لحظة القاء القبض عليه، وكأنه يعلم ان المساومات السياسية ستخرجه عاجلا ام آجلا، وكان يعلم ايضا ان ثمة من سيدافع عنه ويلعن الشهداء، تحت طريقة قتله من اتى به، ان الثقافة العراقية تلفظ انفاسها الاخيرة تحت وطأة الدولار والدينار، فانا اعرف كثيرا من الكتبة للبيع، وماعليك الا ان ترفع السعر قليلا حتى يهرعوا نحوك، اما دماء محمد بديوي وامثاله فلم تعدُ سوى ان تكون موضوعا لعمود يستحق عليه الكاتب العفارم من ممول الجريدة، فيلعن العرب لمرات عديدة بمقال واحد، ويعتذر من القاتل، ليجرّم المقتول، هذه هي ثقافة العوران بالعراق، وهذه هي سياسة الصحف الصفراء التي لاتنفك تطبل للباطل والمبطلين ، وهي تدفع مرتبات عالية لمن يبيع نفسه ووطنه وما اكثر من فتح محال للدلالة متخصصة ببيع الوطن، لم يكن محمد بديوي بنظر هؤلاء سوى رجل اراد ان يعبث بقدسية ضابط مبجل من البيش مركه المقدسة، العنصر الآري الذي يعتذر منه الكتاب نيابة عن العرب بعد ان يلعنوا العرب لمرات عدة، لان ممول الجريدة كردي، وطالما يحاولون تشويه صورة الشهداء، ونحن الان امام محاور ثلاثة، فقد استحدث هؤلاء الكتاب محورا ثالثا لتمزيق البلد يضاف الى السعودية وايران، نحن خلف الحكومة من اول بروْ، ونعلم بجميع اخطائها، لكننا ايضا خلفها حين تطالب بدم الابرياء، وليس معنى انها لم تلق القبض على قتلة كامل شياع، ان تدع الامر على الغارب، وتطلق سراح البيشمركه التافه الذي يبتسم امام الكاميرا وكانه بعرس، هذا المعتوه يجب ان لايخضع لاية مساومات سياسية، مهما كان الثمن؛ طالما طالب الكرد باستقلالهم عن العراق، ولكن الدائرة تدور علينا، وعلينا ان نطالب باستقلالنا من كردستان. ونحن خلف حكومة اقليم كردستان من اول بروْ ، من قتل الصحفي الكردي، الى حرق النساء وقتلهن غسلا للعار، الى الجرائم الاخرى، ونحن خلف حكومة بغداد منذ كامل شياع الى محمد بديوي، ولايهمنا العور ماذا يقولون.