على فترات قصيرة من الايام يجابه المالكى برفض شعبى من حضوره مناسبات , او قيامه بواجبات كونه رئيس حزب الدعوة الحاكم, ورئيس الوزراء لدورتين, او بوظيفته الحالية كنائب لرئيس الجمهورية. ان عملية الرفض والطرد وقذفة بمختلف المسميات, خاصة محاصرته وطرده من ميسان والبصرة, تعبر عن الوعى الذى تبلور لدى الجماهير والذى تحول الى فعل ثورى اولى, يشخص الفساد والخيانة ويحدد رموزها الكبيرة ويقوم بادانتها ورفضها, بكلمات اخرى ان الجماهير ترفض وجود المالكى فى اوطانها المحلية لانه يلوثها بخياناته وفساده.
انه امر بعيدا عن المنطق والعقل ان يكون لنورى المالكى دورا سلطويا كبيرا فى العراق وما زال يتمتع بموقع حكومى مهم وما زال رئيس حزب الدعوة الحاكم فى العراق, وبحكم رئاسته للحزب وتكوينه جبهة عريضة من مؤيده وتابعين له, يستطيع ان يؤثر بشكل واضح فى رسم سياسة الحزب, وبذلك فرض نفسه وتصوراته على رئيس الوزراء الذى هو ايضا عضوا فى هذا الحزب. اننا لا نرغب فى الاسترسال فى الجرائم التى قام بها المالكى اثناء حكمه العراق لمدة ثمان سنوات والتى اصبحت معروفة للجميع,ولكن لابد من الاشارة الى انه الذى فى فترة رئاسة الوزراء لدورتين قد دفع العراق الى الهاوية وقد اسس للفساد وسرقة المال العام, وهو الذى انتهج سياسة طائفية مقيتة( لنا ثارات الحسين) قد جذرت الخلافات الاولية وجعلت عملية اصلاحها واعادة المياه الى مجاريها الطبيعية قضية فى غاية التعقيد وسوف تؤثر بشكل مباشر على مستقبل العراق والتعايش السلمى لسكانه بمختلف طوائفة ودياناته فى وطنهم الكبير, هذا بالاضافة الى مجزره سبايكر التى انهت حياة اكثر من 1000 طالب فى القوة الجوية العراقية, وليس اخيرا التمهيد لاحتلال داعش لاكبر ثانى مدينة عراقية واحتلاله لثلث مساحة العراق. اننا نعيش منذ سنتين تقريبا كارثة بشرية وحضارية ونزيف دائم فى الارواح والممتلكات, اليوم تقوم قوات الجيش والامن الداخلى وفصائل من الحشد الشعبى فى محاولات ناجحة لتحرير الموصل. ان هذه العملية يمكن ان تطول كثيرا, الاانها ترمى بظلالها على الضحايا البشرية(2000) قتل من القوات المسلحة فى الشهر الماضى, وتكاليف السلاح وقروض صندوق النقد الدولى التى تكبل العراق واصبحت ثروته الطبيعية مروهونة للبنوك الاجنبية. ومن ثم ما بعد داعش وما هو مصير المناطق التى قد حررتها قوات البشمركة؟؟.
بعد هذه الحرب الضروس والتحضيات الجسمية لابناء شعبنا ماهى النتائج المستخلة, هل توجد بوادر تغيير فى الفكر السياسى, ام هو هو الاسلام السياسى القائم على الخرافة
والتجهيل والغيبيات والنخبة القائمة على الطائفية والعشائرية, اننا لانلمس بوادر اولية فى تغييير الرؤيا السياسية, عن تطور الفكر والاداء فى الرئاسات الثلاثة . انها هى التى ترهق ميزانية العراق برواتبها الخرافية وامتيازاتها وحماياتها وسفرها و ايفاداتها المستمرة التى تشكل اكثر من 20% من ميزانية الدولة
ان السياسة التى انتهجها المالكى التى كانت صورة مجسمة لتدمير وانهاء الوجود العراقى ليست من نتاج ذكائه الخارق او خبثة اللئيم ونذالته المقيتة, وانما الى منهج متكامل معد ومدروس مسبقا فى دوائر المخابرات الاجنبية التى كان يعمل بها ومعها منذ سنين طويلة. ان نورى المالكى ومن جاء مع الامريكان واستلموا الحكم كانت لهم ارتباطات اجنبية, الشيعة مع ايران, السنة مع السعودية وقطر وتركيا والاكراد بدول اخرى, هذا يعنى انهم لم يكونوا مستقلين فى اتخاذ القراروانما منفذين لقرارات وصيغ تخدم مصالح اجنبية, وتشير سنوات الحكم منذ 2003 الى عدم وجود مشروع عراقى وطنى موحد.
فقد كانت الاوليات واضحة تماما ففى اوائل سنة 2003 ومع سقوط النظام الصدامى بدأت عمليات منظمة لاغتيال كبار ضباط الجيش ضباط السلاح الجو العرقى, بالاضافة الى عدر كبير من العلماء العراقيين. ان هذه النوايا وهذا المخطط لا يمكن ان يكون قاعدة لبناء دولة. كانت هذه العملية تعبر عن حقد دفين وانتقام وتصفية لمكون السنى العراقى, وهذا بدوره قد ادى الى رد فعل مباشر والذى اخذ بمبدأ المشاركة فى العملية السياسية ورفضها ومحاربتها بنفس الوقت وهذا ما حصل فى السنين 2005-2006 الذى اخذ يسمى بالقتل على الهوية. الا ان السياسة الطائفية قد استمرت وبشكل فعال الى ان ظهرت المعارضة المباشرة فى المنطقة الغربية