20 مايو، 2024 7:37 م
Search
Close this search box.

انكيدو في اوروك لم يمت بعد

Facebook
Twitter
LinkedIn

استمع قلقميش الى صديقه الاثير، ولم يقتنع بما قال انكيدور من ان الخلود يكمن في اورورك وليس السعي خلف نبوءات انبوبشتم جد قلقميش، الخلود ليس في البحر كما يدعي جد قلقميش، الخلود سيكون لاوروك، ومع هذا فقد اجبر انكيدو على مرافقة صديقه للبحث عن الخلود، جاب الاثنان الآفاق وحاربا كثيرا في طريقهما، سافتتح رحلتي من سومر الى ا ن اغزو مياه ديلمون، كان انكيدو طائعا، اخترقا المياه وعثرا في النهاية على نبات الخلود، وضعه قلقميش في جرة في اعلى شجرة الصبار، فجلسا ليستريحا، اخذتهما سنة من النوم، استيقظ انكيدو على صوت فحيح الافعى، وهي تسرق نبات الخلود، فاتفق معها على قسمة عادلة.

انطلت حيلة موت انكيدو على قلقميش لكنه بقي يخترق الزمن من عصر الى عصر وشاهد بام عينه سقوط اوروك وسواها من المدن، كان يصغي الى اصوات العسكر والى صليل سيوف الحضارات التي تناوبت على المدينة العريقة، ومرة يلعن الافعى التي وهبت لقلقميش الموت، واخرى يلعن نفسه لانه اقترح عليها الخلود، فصارت تخلع ثيابها بعد كل فصل، وتتعرى بعيدا عن الناس لتحظى بزمن جديد، حضارات وامم تذهب وتجيء، شاهد الملوك والاباطرة، واخضع نفسه الى امتحان عسير، وهو الصبر على رؤية المدن تتهاوى تحت حوافر خيول الغزاة والطامعين.

لم اكن اؤمن بالخلود، كان ايماني مطلقا باوروك، اوروك التي تتابع عليها الغزاة والفاتحين، كنت جنديا في سومر، وقاتلت، السهام كانت لعبة بالنسبة لي اما السيوف فقلما التفت اليها، لكنني لم استطع ان اصنع النصر بمفردي، جبت الآفاق من سومر الى بابل والى نينوى، تركت ظلي تحت كل معركة وتحت كل مدينة سقطت او اوشكت على السقوط، يالخلودي الذي اتعبني في هذه المدن، لم تكد تمر سنة الا والحرب شاخصة امامي، غزو وملوك متجبرين، يصنعون الحضارات من معارك طاحنة تأكل كل شيء، ولم يكد يرتاح سيفي من عناء القتال.

انا لم اختف بانتظار زمن موعود، انما عشت جميع الازمان، لكنني اعود دائما لاوروك، رأيت الفرس عدة مرات يجوسون المدن، وشهقت كثيرا وبكيت ماحل باوروك، لكنني اهرع للمعارك لاضع سيفي في خدمة تحرير المدن، شاهدت كثيرا من المقاتلين القساة، لاحظت بعيني مافعل بشعب اوروك ابان الفتوحات الاسلامية، كانت اقسى مرحلة زمنية مررت بها، احرقت مدن كاملة باهلها، وانا اتنقل بين عصر وعصر، لكنني كنت دائما اعود الى اوروك مكللا بالجراحات، عاصرت من

بحث عن الخلود، ووجدت الخلود شيئا كبيرا، عندما تكون شاهدا على عصور كثيرة، عصور كذب مؤرخوها فاعطوها القدسية والمهابة، دخلت الى حلقات المتعلمين، وانا اكثر دراية بالرسالات السماوية التي عاصرتها، فوجدت من يكذب باسم المسيح، ومن يكذب باسم موسى ومن يكذب باسم محمد، وانا شاهدت الثلاثة وتعرفت عليهم عن قرب، حتى بوذا وزرادشت كذبوا باسمهم.

لن اغادر اوروك بعد الآن لامحاربا ولامحاججا لاصحاب الافكار المتطرفة، مررت باقوام كثيرين وبديانات عديدة، وكنت اضحك من تعصب كل واحد لرأيه، ودفاع كل ديانة عن نفسها، رأيت التناقض فيما يقولون، فعجبت هل ان الله يناقض نفسه، ويرسل ديانة ويعود لينقضها في اليوم التالي، مازال العقل البشري كما في السابق يتمتع بسذاجة غريبة، لايستطيع مقاومة الطبيعة، ولذا يلجأ الى الظن ويتمسك به، انا شاهد العصور، حاججت وقاتلت، لكنني للاسف لم افهم مايجري في هذا العصر، حتى لا اعرف من يدمر اوروك، ناسها ام اعداء خارجيون، في كل مرة كانت تنتهي المعارك في فوز احد المتقاتلين، مالهذه المعارك لاتفصح عن نفسها.

ادور في اوروك فلا اجد وجوها معروفة، كانت الوجوه ليست واضحة، كنا نقاتل بلا اقنعة، الان الاقنعة هي من يقاتل اما الرجال فهم يجلسون في البيوت، لم ار من قبل ان الصحراء تحتقر المدن، بل وجدت العكس، كانت الصحراء تخجل من المدن، لكنها احتلتها في النهاية.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب