بذكاءٍ لافت , استخدم الجنرالات الروس احدى الخطط العسكرية الدفاعية التي جرى استخدامها في الحرب العالمية الثانية ” ولمرة واحدة ” ونجحت نجاحاً باهراً في حينها , وبدا أنّ تلك الخطة بقيت محفورةً في اذهان كبار جنرالات روسيا , وهذا ما اتضح في الفيديو الروسي الوثائقي الحديث ” الذي عرضته بعض الفضائيات ” , حيث وجدت الدبابات الأوكرانية ” من مختلف المناشئ الغربية ” عالقةً في مصيدةٍ مُحكمة من الكتل الخراسانية المدببة ” على اشكالٍ هرمية ” والمُموّهة بإتقان وتتخللها بما يشابه مزرعة الغامٍ مكثفة وشبكات معقدة من الأسلاك الشائكة التي تحول دون فرار ايٍ من الجنود الأوكرانيين او طواقم تلك الدبابات.
ايضاً , استفادت هيئات الركن في وزارة الدفاع الروسية من التجارب السابقة لإحتلال الجيش الروسي لأفغانستان في حقبة الأتحاد السوفيتي السابق ( 1979 – 1989 ) وما تخللها من عِبرٍ ودروس , وما يجري ترجمتها وتطبيقها وتطويرها حالياً وبأساليبٍ اكثر حداثة
في سحق هذا الهجوم الأوكراني المدرّع وتكبيده خسائر في الأرواح والمعدات , وفّرت وخفّضت القيادة الروسية الكثير من الخسائر المفترضة في حال نجاح الهجوم الأوكراني , وهي بذلك وجّهت صفعةً معنويةً – عسكرية وسياسية لجنرالات الناتو الذين يشرفون على ادارة هذا الهجوم .
إذ من المتعارف عليه تقليدياً ومنذ القِدم , أنّ الطرف او الجيش المهاجم يستخدم قوات وكثافة نارية بنسبة 3 \ 1 مقابل عديد قوات الخصم , لكنّ هذه النسبة قد تمّ تجاوزها منذ الحرب العراقية – الأيرانية ” على الأقل ” في ثمانينيات القرن الماضي , حيث كانت القوات الأيرانية تهاجم الجيش العراقي بنسبةٍ تفوق 10 \ 1 ونجحت في حالاتٍ مرحليةٍ ما لبثت ان أدّت الى مفعولٍ عكسي .! واثبتتها نتيجة انتهاء تلك الحرب .! , وكلّ ذلك ينبغي ان يرتبط بتأثيرات سلاح الطيران والإسناد المدفعي وبطاريات الصواريخ , لكنه في الهجوم الأوكراني المضاد – الأخير وبالرغم من كثافة اعداد المقاتلين واسلحتهم المدرعة ” التي كانت موضع رصدٍ مسبق من الأستخبارات الروسية ووسائلها في الرصد والتصوير الجوي و” العيون ” , لكنها أمام المعوّقات الدفاعية الروسية وعرقلة حركتها ومنعها من الإلتفاف والمناورة , فقد جعلتها اهدافاً مكشوفة وعارية أمام الضَرَبات المكثّفة للمدفعية والصواريخ والمسيّرات الروسية بما اربكَ القيادات العسكرية الأوكرانية وخبراء والمستشارين العسكريين للناتو .!
التكتيك الستراتيجي الروسي لم يقتصر على ميدانيا على ساحة المعركة وجبهاتها المختلفة , إلاّ أنّه تبلورَ بشكلٍ مجسمٍ آخرٍ ومغاير .! عبر استخدام وتجيير وتوظيف ورقة ” فاغنر ” وتوجهاتها للإنطلاق ومهاجمة الأراضي البولندية عبر ” بيلاروسيا ” , حيثُ تشكّل بولندا الحليف اللوجستي لتمويل وتمويل آلة الحرب الأوكرانية – الغربية , بينما يغدو الرئيس البيلاروسي ” لوكاشينكو ” الصديق المقرّب للرئيس بوتين .! وهنالك تنسيقات خاصة بين الرئيسين في مجرى مجريات هذه الحرب وتطوراتها المستقبلية المفترضة وفق الحسابات الستراتيجية البعيدة المدى !
المرحلة المقبلة القريبة التي يجري التمهيد لها عبر استخدام الطائرات المسيّرة ضدّ اهدافٍ ما في موسكو ” وسواءً تفتقد الدقّة في التصويب او التسديد , او عبر التعمّد في التمويه لما قادم .! فالمرشّح الأول ” وفق استقراءاتٍ اعلاميةٍ محددة ” , فهو تمهيدات الناتو واجهزة مخابراتها للإنتقال الى قصفٍ مُركّز على العاصمة الروسية ومنشآتها الستراتيجية بصواريخ ارض – ارض امريكية واوربية اخرى , والتي اعلن البيت الأبيض عن الأمتناع لتزويد اوكرانيا بها .! والتي ربما في طريقها للوصول الى كييف او قد وصلت طلائعها فعلياً .!
المرحلة القريبة المقبلة والمفترضة هي تعرّض موسكو للضربات الصاروخية المباشرة , لكنّ الأصعب منها هو التعرّف المبهم لردود افعال الكرملين .!