23 ديسمبر، 2024 7:47 م

انقلاب على الشرعية

انقلاب على الشرعية

أسس الاستعمار في الشرق الاوسط لمعادلات ظل واقعنا يعاني منها ليومنا هذا، وحدد ملامح الخارطة الجغرافية والسياسية لدول المنطقة وفق المصالح والأولويات للدول المستعمرة التي تبقي من هيمنتها الى ابعد ما يكون، ومنها العراق، وخير شاهد على ذلك معاهدة (سايكس- بيكو)، وما نشهده حالياً من تحولات في المحيط الاقليمي يعود بنا الى تلك الفترة والسعي لأعادة رسم هذه الخارطة وتغيير التفاصيل وسط حالة من الأرباك وخلط الاوراق .
هذه التغيرات ستطال بلدنا بشكل او بأخر، اذا بقى الوضع الداخلي على ما هو عليه من الفوضى السياسية والأمنية، ووجود الانحرافات في العملية السياسية، التي قد تكون ناجمة عن السياسات الحكومية والتدخل في عمل الهيئات المستقلة واستعمال المناصب في الخلافات السياسية .
 أن جوهر العملية السياسية الصحيحة هو ألية نقل السلطة وفق نتائج الانتخابات المحددة في فترة زمنية معينة، اما أن تكون القوى المشاركة في هذه العملية  لا تريد تشريع قانون الأنتخابات وتنادي بتأجيلها فأنه يمثل انقلاباً على العملية السياسية نفسها، فلماذا التأجيل ؟ ومن هي القوى التي تريد ذلك ؟
في ظل التطورات الأخيرة وخاصة أنتخابات أقليم كوردستان، نجد أن الحزبين الرئسيين ربما لن يشكلا الأغلبية في البرلمان القادم، وتقدم حركة كوران(التغيير) على حزب الاتحادسيلزم التحالف الكوردستاني التحالف مع قوى اخرى،وهذه المتغيرات في الشمال لها انعكاسات على الحكومة المركزية، فكان الاكراد أول المعترضين على القائمة المفتوحة،وبالتالي تأجيل التصويت على القانون،بالاضافة الى الكتل والاحزاب الرئيسة في بغداد ((ايمانا منها بأن هذا القانون سيسلبها الكثير من مقاعدها وهي غير متأكده من نتائج الانتخابات القادمة في ظل الانشقاقات الداخلية لهذه الكتل وبالتالي فأنها ستفقد قوتها في اتخاذ القرار)) مقابل ذلك ان القوى الصاعدة هي المستفيده من اجراء الأنتخابات في وقتها المحدد متمثلة في تيار شهيد المحراب وحركة كوران .
كاد الوضع أَن ينفجر لأنه وصل الى مرحلة الأحتقان في بعض المحافظات لولا اِجراء االانتخابات لمجالس المحافظات في وقتها، وبروز قوى معتدلة، لكن هذا الاحتقان قد يكون أَوجل الى الأَنتخابات النيابية القادمة، واِن لم تجري الانتخابات في وقتها المحدد، فأن الخلافات ستستمروستتكرر الدعوات بتشكيل الكونفدراليات، وهي تمثل عمق التقسيم والتفكك، وسيحتاج العراق الى عشرات السنين لتصحيح هذا المسار، ، واذا كان العراق غير موحد ومتماسك فلن يكون له دور مهم في المعادلة التي يجري تركيبها اقليمياً في هذا الوقتوسيعاد الظلم والاستبداد وسيفقد توازنه الداخلي والخارجي، فالبلد غير المهيأ  داخلياً لا يمكنه من التميٌز والقيادة اقليمياً، وسيكون أَمنه واَستقراره مرهون بسياسات الأخرين .