بعيدا عن كلمات التعزية والرثاء ،والشجب والاستنكار التي أصبحت(عادة ) جاهزة نسمعها ويطلقها الجميع في كل حادث إجرامي يطال المدن العراقية ويزهق أرواح الأبرياء من العراقيين.وسأتحدث الى الجبناء من ساسة الصدفة وعملاء الأجندة ومخططات الذبح ،وتفكيك البلد وضياع هويته ،وسلب مقدراته و محاولة إرجاعه الى ما قبل العصور المتخلفة ،وكذلك الى الشعب الذي ارتضى لنفسه ان تسيره أهواء وأمزجة بعض الفاشلين والمقنعين بقناع الوطنية بحسب مصالحهم وما يتناسب مع مراحل تنفيذ مخططاتهم ، حتى صار يتخندق في مواقع يحددها هؤلاء الساسة كيفما يرغبون وبما يتفق ومصالحهم التي وبكل تأكيد هي بعيدة كل البعد عن الهم الوطني والشعبي ،ولا تخدم غير أحزابهم ومجاميعهم التي تسيرها الإرادة الدولية والإقليمية بوقود الدم العراقي،وبمسميات وعناوين تعزف على وتر العاطفة الفطرية المنفصلة عن مصدر العقل والمنطق للفرد العراقي الذي أوصلته الممارسات السياسية (المشحونة)بالأجندات المدروسة، الى مراحل اليأس وقبول الشعارات وأطروحات الزيف والدهاء من قبل زعامات (العصابات)السياسية التي تعنون واجهات تلك الخنادق وتروج لأهدافها الظاهرة التي تلامس العاطفة المنفصلة فيتمكنوا من الدفع بأصحابها الى داخل جحيمها ، كعنوان (الجهاد ، والإصلاح، والدفاع عن الإسلام وقيام دولته ،والتصدي للاستعمار والاستكبار )،وما الى ذلك من العناوين المشحونة بذبذبات ملامسة مشاعر اليأس لدى الأمة لتكون محارق تصفية حسابات بأرقام بشرية يدفعها اليها اليأس وغياب العقل وتوقف منظومة المنطق عن العمل المنتج .
والدليل على ذلك هو انقسام الرأي والموقف الشعبي في اغلب الأحداث المختلفة على الساحة العراقية باتجاه الاصطفاف خلف نداءات الزعامات السياسية والدينية وبشكل متطرف يصل الى حد الصدامات والاقتتال الذي يأتي بنتائج طالما تكون أبشع من مخلفات أصل الحدث ،بل يصل الى حد نسيان الحدث نفسه والانشغال بالدفاع عن تلك الزعامات (المقدسة )!!،والدخول في مناوشات من اجلها ،وبالطبع هو الهدف المنشود بالنسبة لها.
ان هذه السلوكيات والمواقف البعيدة عن مصدر العقل وشبكة وضوح الرؤيا تقف بإسناد استمرار عمليات (الفساد والسرقة والظلم والتفرد والاستهتار بدماء العراقيين والتمادي بسلب المقدرات)،حيث ان تلك الزعامات تستمد قوتها و شرعيتها من التأييد الشعبي المضلل والقاصر.
الشواهد على ذلك كثيرة ،أخيرا وليس آخرا ،حدث التفجيرات الإرهابية التي استهدفت الأبرياء فجر يوم الأحد الماضي في منطقة (الكرادة) المسالمة وسط العاصمة بغداد ،وراح ضحيتها العشرات من الأبرياء الذين كانوا يرتادون بصحبة عوائلهم وأطفالهم أسواق المدينة في أواخر ليال شهر رمضان ليتبضعوا ويستعدوا لاستقبال عيد الفطر الذي لونت يد الإثم أيامه بلون دمائهم الزكية. وهنا وفي لحظة الحدث برز انقسام الرأي والموقف الشعبي من أصحاب العقول المغيبة وللأسف الشديد بحسب الو لاءات بعيدا عن أصل وصدمة الحدث، وراحوا يتخندقون في الشوارع ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام خلف زعاماتهم التي استثمرت الحدث كالعادة بإطلاق كلمات (التعزية) بمشاعر الكذب والنفاق والدجل المغلفة،وتوجيه خطابات تعبئة الشارع المغفل والتجوال بصحبة (الكاميرات ) في مجالس عزاء ضحاياهم وسط التأييد الجاهل من قبل الرأي البائس واليائس، والذي يفترض ان يوحد في مثل هذه المواقف للمطالبة باستقالة الحكومة وقادة الأمن وإبعاد شبح الموت المتمثل بهذه الزعامات المستوردة من اجل قتل ما تبقى من العراقيين، وان لا يسمح لهم بالسحق على جراحاتنا من جديد وجرنا الى خندق قد اعد لنا قبل التفجيرات ووضع عنوانه ومضمونه سلفا ،كما ينبغي ان لا نقبل بالوصايا علينا من قبل البعض الذي يحاول ان يصورنا بفاقدي الأهلية وهو المكلف باتخاذ القرار عنا وتقرير مصائرنا وكأننا موتى يقلبنا كيفما يشاء.
و كما يجب علينا ان نتحرر من عبودية الأشخاص وان نخرج من رداء الو لاءات لتلك الزعامات والكتل التي هي أساس الخراب والدمار والقتل ،وان نتوحد من اجل انقاذ البلد وإيقاف نزيف الدم ،وان لا نقبل بانصاف الحلول ،فالذي ذهب اليوم بحسرة الحياة ينتظر اللحاق به بسبب حماقاتنا والتفافنا ودفاعنا عن( القاتلين والسارقين) باسم الدين والوطن ،وهذا هو صوت العقل.